ميلشيات مسلحة تتبع التيار الإسلامي المتطرف، وميلشيات مسلحة أخرى تتبع بعض القوى الوطنية، وما تبقى من الجيش الوطني الليبي، وبرلمان منتخب حديثاً وحاصل على اعتراف غالبية دول العالم، وحكومة شكلت عن طريق هذا البرلمان، وبرلمان آخر قديم انتهت ولايته، وانتهت وظيفة حكومته، إلا أنه لا يقبل بهذا، ويعتبر أن مدة حكمه ما زالت سارية، بينما لا يحصل على أي اعتراف دولي، وعسكريًّا هناك عملية "الكرامة" بقيادة قوات الجيش الوطني، وعمليات "فجر ليبيا" للميلشيات الإسلامية المتطرفة، ومواطنون ليبيون بين هذا وذاك.. باختصار هذا هو المشهد الحالي المرتبك في ليبيا والذي بدأت أحداثه في 17 فبراير 2011، وتصاعدت بأكبر شكل ممكن لتتدخل قوات أجنبية (حلف الناتو) بموافقة جامعة الدول العربية لإسقاط النظام، ومع سقوط النظام، سقطت "الدولة" في الفوضى، وسرق نفطها، ووزع على الدول الأوروبية كمكافأة لهم على تدخلهم الجوي ضد القذافي. المشهد فى ليبيا ليس بعيداً عن لعبة الشطرنج، فلكل مجموعة حركة تحاول بها السيطرة على إحدى المدن وضمها فى جعبتها، ثم تأتي المجموعة الأخرى لتناحر المجموعة القديمة، ويأتي الجيش ليحاول استرجاع المناطق التى فقدت من حكم الدولة الليبية. وما حدث فى الأيام الأخيرة يستحق التوقف، حيث بدأت القوات على الأرض الليبية تتكتل، فأفرز المشهد مجموعتين الأولى هي الميلشيات المسلحة الإسلامية المتطرفة بداية من الإخوان المسلمين وانتهاء بالقاعدة ومجموعات تنسب نفسها إلى مجموعات داعش فى العراقوسوريا. تتلخص كل هذه الميلشيات فيما يسمى بجماعة "فجر ليبيا"، وعلى الطرف الآخر تحالفت كل القوى الأخرى المتواجدة مع ما تبقى من قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر، بينما أصدر البرلمان الليبي تحالفاً رسميًّا مع الجيش الليبي، وأمره بالزحف على طرابلس؛ لإعادة السيطرة عليها، وطرد جماعات "فجر ليبيا" التى احتلت المدينة منذ أسابيع، واستولت على مداخلها ومخارجها ومطارها، وتلك العملية التى سيقوم بها الجيش الوطني الليبي هي ما أطلق عليها من قبل "عملية الكرامة". للمشهد الداخلي السابق وصفه جذور أخرى خارجية يجب الانتباه إليها، فالدول العربية بعضها يساند فى العلن "عملية الكرامة" وقوات الجيش الليبي بقيادة حفتر، وبعضها الآخر يقدم الدعم الخفي للميلشيات الإسلامية المسلحة، ومن بين الدول التى تحاول التدخل بكافة الأشكال التى تضمن لليبيا سلامتها وإنهاء الصراع الدموي فيها تأتي مصر التى تعاني من الإرهاب هنا، وتتلاصق حدودها الغربية مع ليبيا، وتشعر بالقلق من تنامي الإرهاب هناك وتهديده لسلامة الأراضي المصرية نفسها، لذا فطبيعة الأمور فرضت على مصر دعم "حفتر" وقوات الجيش الليبي، وعملية الكرامة، بل وعرضت على الحكومة الليبية والبرلمان الليبي أن تتدخل مصر بالتدريب والدعم الكامل للحكومة والجيش الليبي لإعادة بنائه وتأهيله وتدريبه، بينما طلبت ليبيا حتى قبل العرض المصري من المجتمع الدولي التدخل لإنهاء الإرهاب هناك، وخصصت الدعوة لمصر بالوقوف إلى جانب ليبيا. وتردد فى بعض المواقع الإعلامية الغربية أن مصر والإمارات تقودان العمليات العسكرية الجوية ضد الجماعات الإرهابية فى ليبيا، وهو ما نفته مصر مرة ونفته السلطات الليبية عدة مرات، بينما هناك تقارير أخرى تتحدث عن أن قطر والسودان تدعمان مجموعات فجر ليبيا الإسلامية المتطرفة، وهو ما أكدته الحكومة الليبية نفسها متهمة الدوحة والخرطوم بإرسال الأسلحة لتلك الجماعات، كما قال الجيش الليبي إنه أنزل طائرة محملة بالأسلحة من الجو، وسيطر عليها، وصادر تلك الأسلحة، وكانت تلك الطائرة قادمة من قطر. وعلى الصعيد العالمي اهتم العالم بالأمور فى ليبيا بشكل مبالغ فيه مع أحداث 17 فبراير، بل وتحركت قوات الناتو لإسقاط القذافي وفرض حظر جوي على البلاد، وكانت الحجة هي حماية المدنيين وتمكين ليبيا من إنشاء دولة ديمقراطية، بينما الآن العالم يغفل ليبيا وما يحدث بها تماماً، ويركز فقط فى منطقتي سورياوالعراق؛ لأن هناك تنظيمًا يسمى نفسه داعش بدأ فقط يعمل ضد المصالح الغربية فى المنطقة، ولذلك قلقت الولاياتالمتحدة وتحركت مكونةً ما أسمته التحالف الدولي لمواجهة داعش، أما ليبيا وما سقطت فيه من دمار وفوضى فلا يمثل للعالم شيئًا سوى زيارة قام بها الأمين العام للأمم المتحدة وتصريح له عن ضرورة حل الأمور سياسيًّا ووقف العنف. وقال اللواء نبيل أبو النجا أحد مؤسسي فرقة الصاعقة المصرية 999 إن بنغازي هي ثاني أكبر المدن الليبية بعد طرابلس، ومن هنا تأتي أهميتها بالنسبة لكل من مصر وليبيا، أيضاً لأنها قريبة من الحدود الليبية الشرقية والمصرية الغربية، قائلاً "إن 5 بقاع فى ليبيا من المهم جدًّا أن يتم فيها القضاء على الإرهابيين، وهي: خليج المردة، الفتايح، مصراطة، درنة، بنغازي؛ وذلك لأن هذه الأماكن تشكل خطراً مباشراً على الحدود المصرية. وأضاف "أبو النجا" أن الذي يحكم هذه المناطق فى الحقيقة هم قبائل أبناء علي التى تمتد من ليبيا لمصر فى مناطق شاسعة، وينتقلون بين البلدين بسهولة؛ ولذلك فدعوة تلك القبائل إلى القاهرة على مدار الأيام الماضية واتفاقهم على محاولات فرض التهدئة في المنطقة الشرقية الليبية والغربية المصرية عمل من أعمال المخابرات الحربية، وهم المعنيون بالجلوس مع أطراف بهذا الشكل ومحاولة إيجاد الحلول وبحث كافة سبل التعاون للقضاء على الإرهاب، والذي فى الأساس يهدد الأمن القومي المصري وأمن ليبيا وأمن تلك القبائل أيضاً، مشيراً إلى أن تلك القبائل ليس لها أي علاقة من قريب أو بعيد بميلشيات الإسلاميين المتطرفين فى ليبيا، ولكن ذلك لا يمنع أن تلك الميلشيات تحاول أحياناً ضم أفراد من القبائل، وقد ينجحون فى حالات فردية. وأكد "ابو النجا" أن مصر لن تدخل فى أي تدخلات عسكرية خارج أرضها إلا فى حالة أن ذلك التدخل ضرورى لضمانة حماية الأراضي المصرية كما حدث أثناء حكم السادات في ليبيا، مؤكداً أن الدعم اللوجيستي والتدريبات لعناصر الأمن الليبية قائمة من الجانب المصري، ودخلت الجزائر أيضاً فى الأمر، وتمد العون للدولة الليبية، وذلك لأن الجميع يهدف إلى مجابهة الإرهاب الذي يهدد المنطقة ككل.