* تعامل الجيش الوحشي مع المتظاهرين كشف فقدان العسكري لشرعيته.. وأنه غير قادر على الإشراف على انتقال ديمقراطي حقيقي للسلطة * صمت الجنزوري كشف انه لا جدوى وجوده.. ونقل السلطة للمدنيين فورا ضرورة قبل تطور الأحداث لعنف خارج السيطرة * العنف الذي تجدد بدد وهم الإدارة الناجحة للجيش خاصة بعد استقالة 10 من أعضاء المجلس الاستشاري العاجز احتجاجا ترجمة – نفيسة الصباغ : قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أنه أصبح للمطالبة بتسريع انتقال السلطة ي مصر إلى حكم مدني درجة أعلى من الحتمية هذا الأسبوع، حيث يطالب طيف واسع من القوى السياسية المجلس الأعلى للقوات المسلحة بترك السلطة لقيادة منتخبة بحلول فبراير 2012. وهناك حاليا العديد من الأفكار حول إمكانية القيام بذلك من بينهما نقل السلطة عبر البرلمان المنتخب، واختيار رئيس وزراء أو عن طريق إجراء انتخابات رئاسية في نهاية يناير. وأضافت المجلة أن كل تلك الأفكار تحمل بعض المشكلات، إلا أنها تبدو ضعيفة مقارنة بالتهديد الذي يواجه التحول الديمقراطي مع استمرار الأوضاع الحالية وتصاعد العنف من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وبالتالي يجب أن تؤخذ الدعوات إلى انتخاب رئيس جديد بجدية شديدة. وذكرت “فورين بوليسي” أنه في نهاية الأسبوع الماضي اندلع اشتباكات في شارع قصر العيني لم يكن أحدا يتخيل أنها ممكن أن تعيد الحياة للثورة الشعبية، بعد أن بدا أنه تم احتوائها تماما، وبدا أنها لم تجذب تعاطف شعبي كبير، إلا أن رد الجيش غير المتناسب وغير المنضبط والوحشي أظهر أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يفقد شرعيته بسرعة في أوساط النخبة السياسية، والحقيقة أنه لا يهم ما إذا كانت حملة القمع بدأت بأوامر أو كانت نتيجة قوات غير منضبطة بدأت أعمال العنف من تلقاء نفسها، لأن كلا الاحتمالين لا يمثل إشكالية عميقة. والمؤكد أيضا أن هذه الأزمات ستتكرر وتتزايد ما دامت المشكلة الأساسية للحكم العسكري موجودة دون حل. واعتبرت أن أعظم إنجاز سياسي في آخر جولة من جولات العنف في نوفمبر الماضي، كان موافقة المجلس العسكري على إجراء انتخابات رئاسية ونقل السلطة بحلول يونيو المقبل. ولكن كما قال أحد المحللين السياسيين في القاهرة أمس: “لا يمكننا احتمال ستة أشهر من هذا”. نفس الجدل حول ضرورة الانتقال إلى الحكم المدني ساد الساحة بعد العنف المروع الذي اندلع يوم 19 نوفمبر، عندما صدمت صور الغاز المسيل للدموع ووحشية الشرطة المصريين والعالم، وأثار هذا العنف غضب السياسيين في مصر والأفراد العاديين على حد سواء، وفجأة عادت الحشود الهائلة إلى التحرير بعد فشل أشهر من الجهود التي يبذلها نشطاء، وأصدرت إدارة أوباما انتقادا علنيا نادرا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ودعت إلى “نقل كامل للسلطة إلى حكومة مدنية بطريقة تستجيب للتطلعات المشروعة للشعب المصري في أقرب وقت ممكن “. وتحت هذا الضغط، استبدل المجلس العسكري رئيس الوزراء عصام شرف، وقام بتشكيل المجلس الاستشاري العاجز إلى حد كبير، ووافق على إجراء الانتخابات الرئاسية قبل يونيو 2012 بدلا من اقتراحات غامضة كانت تذهب إلى عام 2013. واعتبرت “فورين بوليسي” أن العنف الذي تجدد بدد وهم الإدارة الناجحة خاصة بعد استقالة ما لا يقل عن 10 من أعضاء المجلس الاستشاري احتجاجا. كما أوضح صمت رئيس الوزراء الجنزوري عدم جدوى وجوده. ورغم الأهمية الكبيرة للانتخابات، إلا أنها وحدها لا تكفي، حيث يظهر العنف مرة أخرى الحاجة الملحة لتسريع الانتقال إلى الحكم المدني وإعادة بناء إجماع سياسي وطني، قبل أن تتطور الأحداث لعنف خارج نطاق السيطرة. لا ينبغي بالطبع أن تشمل الاستجابة المطلوبة للأوضاع الراهنة إلغاء الانتخابات البرلمانية. فإجراء تلك الانتخابات، رغم معارضة النشطاء والعقبات الإدارية، هي الشيء الوحيد الصحيح الذي فعله المجلس الأعلى للقوات المسلحة. فالانتخابات وبناء المؤسسات الديمقراطية هي السبيل الوحيد للتوصل إلى بديل حقيقي لشرعية الحكم العسكري. في الواقع، المعركة الكبيرة التالية من المرجح أن تكون بين جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر عى أغلبية البرلمان المنتخبة وبين المجلس الأعلى على السلطة السياسية. وإلغاء الانتخابات المتوقع فوز الإسلاميين بها ربما كان الشيء الوحيد الذي يمكن أن يدفع مصر نحو سيناريو الجزائر عام 1991. ينما إكمال الانتخابات البرلمانية وانتخاب نواب للشعب هو جزء أساسي من عملية التحول السياسي. إلا أن الانتخابات البرلمانية ليست كافية، وهناك عدد من الاقتراحات المختلفة المطروحة للمناقشة الآن في القاهرة لكيفية المضي قدما. ثمة اقتراح لنقل فوري للسلطة التنفيذية إلى البرلمان بعد الانتهاء من الانتخابات. والاقتراح الآخر هو أن ينتخب البرلمان رئيسا مؤقتا. والخيار الآخر هو تقديم الانتخابات الرئاسية إلى 25 يناير. واكتسبت هذه الدعوات دعم مجموعة كبيرة من التيارات السياسية، من قيادات جماعة الإخوان المسلمين إلى الرموز الليبرالية مثل عمرو حمزاوي وأيمن نور ورئيس الوزراء السابق عصام شرف والمرشح للرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح ومجموعات من الشباب الثوري وأيضا أعضاء سابقين في المجلس الاستشاري للمجلس العسكري. وبالطبع هناك مشكلات تواجه التسريع بالانتخابات الرئاسية، وكما قال حسن نافعة، فالأمر يتطلب إلغاء المجلس العسكري للجدول الزمني لانتقال السلطة الذي حدده، كما أنه يخلق موجة جديدة من عدم اليقين، وسيعني إلغاء مجلس الشوري، إلا أن لن يهتم كثيرون بتلك المشكلات مقابل المشكلة الأكبر وهي أن هذا السيناريو سيعني وجود كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية دون دستور جديد يحدد سلطاتهم. كما أن من بين المشكلات أيضا أنه لن يكون هناك سوى القليل من الوقت للمرشحين لشن الحملات الانتخابية الرئاسية، مما يعطي ميزة كبيرة لأمثال عمرو موسى الذين تمكن من بناء آلة انتخابية على مدى شهور. و كل تلك العقبات، فإن تسريع عملية الانتقال إلى الحكم المدني هو أفضل وسيلة للمضي قدما. فالأزمات المتكررة السياسية وتفجر العنف المروع من قبل قوات الأمن النظامية تدل بوضوح على ثمن سوء إدارة المجلس الأعلى للمرحلة الانتقالية. وبالتالي ينبغي أن تستمر الانتخابات البرلمانية، وإلغاء انتخابات مجلس الشورى، وانتخاب رئيس مدني في فبراير، ونقل السلطتين التنفيذية والتشريعية كاملتين لهذه الهيئات المنتخبة ديمقراطيا. ثم بعد ذلك يتم صياغة دستور على مدار السنة التالية، ثم احتمال إجراء انتخابات جديدة. وأضاف مارك لينش: لا أتوقع أن يوافق المجلس العسكري طوعا على هذه الخطة، أو حتى الموافقة على فشله، نظرا لطريقة رده حول العنف في أحداث مجلس الوزراء واستخدامه التحريضي لوسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام المصري ، ولكن بات واضحا أكثر من أي وقت مضى أن المجلس العسكري غير قادر على الاشراف على عملية انتقال ديموقراطية حقيقية، وأن لجوءه المتكرر إلى العنف ضد شعبه يجب أن يقوض بشدة شرعيته، حيث تتحول دينامية الاحتجاج -العنف لصورة أكثر قبحا مع كل مرة تتكرر فيها، ويجب إنهائها عبر خطة انتقالية جديدة وجريئة قبل فوات الأوان.