فقدهم سبب ألما للجميع .. ما زال يحيا خاصة في نفوس من عايش المأساة ، بل من تصورها حتى خيالا ، خاصة ممن يعرف قيمة الفن وفداحة أن يرحل فنان ، فلم يجد المخرج " طوني نبيه " مدير مهرجان "يوسف شاهين" للأفلام المستقلة في دورته الخامسة إزاء احترام هذه الذكرى ووجوب حضورها سوى الميل على الفن الزميل " المسرح " والاستعانة بعرض مسرحي يفتتح فعاليات ثاني أيام المهرجان مستنكرا أن لا يتم القصاص لشهداء محرقة بني سويف حتى الآن معتبرا ذلك تقصيرا كبيرا من الحكومة والنظام ، فقدم الفنان " محمد الدقاق " عرضا من عروض الممثل الواحد دون ديكور أو عناصر أخرى سوى التمثيل وبعض الموسيقى ، فاستعان بأسلوب " البانتومايم " في بعض الأجزاء لهذا الغياب وإن اقترن بحديث ، وقد استطاع بحضوره وصدقه حيث أنه كان ممن شهدوا الواقعة أن يعوض هذا الغياب بإيقاع متدفق حركة وأداء وإلقاء ، فقد بدأ العرض مستخدما سلما يصل للدور الثاني في القاعة بمقرحزب التجمع حيث تقام فعاليات المهرجان ، حيث نزل على السلم ملقيا عبارات تعرف في مجملها "الفنان" ملقية ضوئها على المأساة " أنا الضاحك أنا الباكي .. أنا القاتل .. أنا المقتول " بأداء جاد كلاسيكي في البداية ليخففه بعدها بأداء وإلقاء عامي ببعض الفكاهة ، ليسرد بعد ذلك بجدية طالبا تسجيل ذلك أنه "في يوم 5 من سبتمبر 2005 …." فيتذكر فجأة أن اليوم نفس التاريخ .. ويتساءل ثائرا مستنكرا عن كيفية مرور تسع سنوات دون أن تهتم الدولة بمن ذهبوا ؟ ثم يبدأ في سرد الواقعة وإعلامنا أنه كان من فنانيها يؤدي يومها عرض " المهرج " وسط تصفيق الجمهور .. لتتداعى ذكرياته عن اليوم وعن رحلة القطار الواحد الذي جمع الجميع لتحال الضحكات إلى صرخات مازال صداها حتى اليوم ، ثم يحكي عن بدء المأساة باستخدام أحد العروض للشموع حبا في الإجادة والصدق والتأثير لتشتعل النار في جوانب المسرح بينما كان الناس مندمجون يصفقون .. وتكون المفاجأة غياب أي وسائل للطوارىء والأمان والتعامل مع الموقف ، بل انسداد مخارج المسرح فيموت من مات ويحيا بمعجزة من عاش ، يتحدث بحسرة عن غياب حقهم وحضورهم فقط في " مانشيتات " الجرائد في ذكراهم ، لكنه يعود في يأس يشكر الصحفي الذي تذكرهم وبسخرية مبطنة يقدم له التحية طالبا التصفيق ومنحه ما يستحقه من " سوكسيه " . يتذكر بعد ذلك بأداء يحمل الكثير من الصدق بعضا من أسماء من حضروا معه المأساة من أصدقائه " محسن ، مصيلحي ، عادل ، .. " ليختم بعدها عرضه الذي لاقى تجاوبا من الحضور ، بعبارة " قبل أن أمشي إن رأيتم بعد ذلك أي أحد مشوه أو مصاب .. فتذكروا .. أن النبي تبسم " . وبانتهاء العرض يدعو مدير المهرجان الجمهور للوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء المحرقة .