ذكرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أنه في 20 أكتوبر 2011، سقط الرئيس الليبي السابق "معمر القذافي" وبعد ثلاثة أعوام، يشعر العديد من الليبيين بخيبة أمل كما انزلقت البلاد في حالة من الفوضى وصارت الميليشيات تسيطر عليها. وفي 23 أكتوبر 2011، بعد ثلاثة أيام بعد القبض على القذافي وقتله، أعلنت السلطات الانتقالية "التحرير الكامل" للبلاد بعد ثمانية أشهر من الصراع. وعشية الذكرى الثالثة لهذا الاعلان، لم تعلن السلطات أي برنامج للاحتفال بهذا اليوم في ليبيا، نظرًا لأن السياق لا يفسح المجال لمثل ذلك، فالمعارك الدموية تشتد في بنغازي وغربي البلاد بين القوات الليبية والميليشيات المتناحرة. ونقلت المجلة عن أحد الليبيين الذين شاركوا في الاحتجاجات عام 2011 قوله "عندما أعلنّا تحرير البلاد، كنا نطمح أن تصبح بلادنا بمنزلة دبي جديدةبفضل عائدات النفط واليوم، نخشى أن يتكرر بالبلاد السيناريو الصومالي أو العراقي". ويعترف العديد من الليبيين أنهم يحنون للماضي، فقد قال الطبيب الليبي صلاح العقوريإن "الصراعات الاقليمية والأيديولوجية والقبلية باتت أدهى من عهد الديكتاتور"، مشيرًا إلى أن "عددًا من الليبيين باتوا يترحمون على ذلك النظام السابق على الرغم من كرههم له". ويرى الخبير العسكري "سليمان البرعصي" أنه إذا كانت حرب 2011 كلفت الآلاف من الليبيين حياتهم، فإن أعمال العنف التي اندلعت بعد الثورة كانت دموية أيضًا. ووفقًا لهذا الضابط السابق، إن تدهور الأمن زاد نتيجة الافلات من العقاب. فالسلطات الانتقالية فشلت في تشكيل قوات جيش وشرطة محترفة، معتمدة على الميليشيات التي شكلها الثوار السابقون على أسس أيديولوجية وقبلية واقليمية. وأشارت المجلة إلى أن بنغازي، التي أصبحت معقل المتطرفين، كانت الأكثر تضررًا من أعمال العنف التي استهدفت الأجهزة الأمنية والصحفيين والناشطين السياسيين وكذلك المصالح الغربية. فرت البعثات الدبلوماسية من المدينة التي سقطت في يوليو الماضي في أيدي الميليشيات التي طردت القوات الليبية. وسقطت العاصمة طرابلس أيضًا بدورها في أيدي تحالف من الميليشيات بعد عدة أسابيع من القتال الدموي ضد ميليشيات الزنتان الموالية للحكومة. ويعد جنوب البلاد أيضًا مسرحًا للاشتباكات القبلية في إطار صراع النفوذ للسيطرة على عمليات التهريب في الصحراء. وهكذا اختفت آمال الازدهار الاقتصادي والانتقال الديمقراطي السلمي في هذا البلد الغني بالنفط التي تدمر فيه المعارك يوميًا ما تبقى من البنى التحتية المتدهورة بالفعل. ويرى الأستاذ الجامعي محمد الكواش أن "المجتمع الدولي، وبشكل خاص الدول التي شاركت في الحملة الجوية التي قادها حلف شمال الأطلسي للإطاحة بالقذافي في العام 2011، خذلوا ليبيا وأخفقوا كذلك في الوفاء بالوعود المتكررة لمساعدة الليبيين في إعادة بناء بلادهم". ويعتبر أن "على مجلس الأمن والأمم المتحدة مسؤولية ودور خاص لا بد لهما من القيام به لحماية المدنيين لوقف الجرائم الخطيرة الجارية، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية والقتل الجماعي والفردي غير المشروع وفقاً لقرارات مجلس الأمن حيال ليبيا". ويقول إنه "بدلاً من الاكتفاء بإصدار البيانات الداعية لوقف العنف من قبل أشخاص لا يأبهون بالقانون والديموقراطية، لابد لهذه الدول المعنية من تكوين رؤية عن البلد أوسع مما هو عليه الحال حتى الآن، لتقدم مساعدة فعلية لليبيين للنهوض"، مضيفاً أن ذلك "لا يتم عبر التربيت على كتف سلطات ضعيفة أصلاً".