تلك المرأة هي التي قررت أن تحمل كيسها على ظهرها ( الكيس الذي يحتوي على الذنوب التي ارتكبتها ) لقد مضت به علنا أمام الناس , لم تعبأ بنظراتهم الجارحة ولا بالسباب ولا بالكلمات البذيئة التي لاحقتها أينما راحت كانت الوحيدة في القرية التي وصلت إلى هذا الحد من الجرأة لتحمل كل هذا الثقل فوق كتفيها وتمشي به هكذا أمام الناس كانت هناك ذنوب كثيرة بالفعل لكل سكان القرية لكن أحدا لم يجرؤ على حملها علنا أمام الآخرين كالعار هكذا بل كان الواحد منهم ينكرها إذا ما واجهه أحد بها حتى لو كان قد رآها بالفعل كان الكيس ثقيلا جدا عليها بالرغم من أنها لما نظرت في داخله وجدته فارغا فأعادت حمله من جديد فوجدته بنفس الثقل أنزلته وفتحته مجددا فتشت فيه جيدا بعينيها ثم بيديها لكنها لم تجد شيئا أيضا أعادت حمله فشعرت بنفس الثقل عليها في أول ليلة لها وهي تحمل كيسها طافت به القرية بأكملها غير آبهة بالشتائم التي سمعتها ولا بالحجارة التي رموها بها لقد أخذت قرار أن تحمل الكيس على ظهرها لما شعرت بأن الكيس قد صار أثقل من الازم كانت تلك المرأة تزن كيس ذنوبها كل شهر تقريبا لتتأكد طوال الوقت أن وزنه لا يزيد أبدا عن وزن معين حددته هي ورأته مناسبا حين يحل ميعاد رحيلها الأخير ولكن في آخر مرة وزنته وجدته ثقيلا جدا , حاولت أن تسترجع بذاكرتها ما اقترفته من ذنوب في الشهر السابق وحسبت وزن كل ذنب بالتقريب لأنها كانت تعتقد بالفعل أنها أصبحت ماهرة في حساب أوزان الذنوب , لكنها لم تصل للذنب الكبير الذي أثقل الكيس إ لى هذه الدرجة البشعة قضت عدة ليالي تحاول التكفير عن ذنوبها كما كانت تفعل في السابق لتعيد ضبط ميزان الكيس من جديد وكانت تقوم كل صباح بإعادة وزن الكيس الذي لم ينقص ولو ذرة ذنب واحدة في كل صباح فكرت أن تحمل في كل ليلة كيس أحد سكان القرية بدون أن يدري أو يشعر فهم غالبا لم يكن أحد منهم يهتم بكيسه وكانت تقضي ليلتها لتكفر عما به من ذنوب حتى يفرغ تماما وتعيد كرة التكفير مرة أخرى ثم تزن كيسها , كانت تفعل هذا على أمل أن تعثر على أي ذنوب تتشابه مع الذنب الذي لازال يملأ الكيس ولا تعرفه كفرت عن ذنوب القرية كلها تقريبا لكن كل ذلك لم ينقص من حملها شيئا كانت في كل صباح تزن كيسها فتجده كما هو شعر سكان القرية بخفة غريبة وبقدرة جيدة على متابعة الحياة بطريقة أفضل لكن لم يستطع أي منهم أن يفسر تلك الخفة إلا بعد رحيلها عن القرية حيث عادت ذنوبهم تثقلهم من جديد رحلت المرأة من قرية إلى أخرى باحثة عن ذنوب جديدة , سرقت أكياس اللصوص والقتلة والعاهرات كفرت كل الذنوب التي قابلتها وكلما خرجت من قرية استوحش أهلها المكان بدونها وظلت هي الوحيدة التي تستوحش نفسها مع حملها الذي لا يريد أن ينقض