نور الدين: التوعية والنقاش وتفعيل حصص «الدين».. أهم وسائل تهذيب الطلاب جودة: كارثة.. حمّام مشترك لطلبة الثانوية المراهقين عبد الحكيم: فرض إتاوات على الطلاب لإجبارهم على الدروس الخصوصية لم يمر علي بدء العام الدراسي الجديد شهر واحد، لتنهال الشكاوي، بزدياد الحوادث التي تعرض أبنائنا للمخاطر اليومية، وكعادة كل عام أصبح من المألوف أن يذهب التلميذ سليما وبصحة جيدة في الصباح، ليعود في المساء جثة هامدة جراء سقوط باب حديدي عليه من أبواب المدرسة، أو يعود مكسور الذراع أو القدم نتيجة لسقوط شباك أو مروحة سقف، وغير ذلك من حوادث ضرب المدرسين للطلبة. وتجلت ظاهرة جديدة هذا العام هى الاستقطاب السياسي الذي تسرب بين صفوف الطلاب، لنجد طالبة في مدرسة "بني ماضي الإعدادية بنات" بمحافظة بني سويف، تؤدى تحية شهداء رابعة بدل من تحية العلم، ومدرس تربية فنية في نفس القرية يجبر الطلاب علي رسم شارة "رابعة".. مشاهد مأسوية رصدتها "البديل" وحاولت أن تتعرف علي روشته الحل من الحقوقيين والمدافعين عن الطفولة بمصر. قالت عايدة نور الدين، المحامية في مجال الدفاع عن حقوق الطفل، إن الطلاب في هذه المرحلة الصغيرة من العمر، لا يمكن منعهم أو ضربهم ليتوقفوا عن ترديد أفكار متطرفة مثل الطالبة بالصف الثاني الإعدادي التي أدت تحية شهداء رابعة العدوية، مطالبة بالتعامل مع الطلاب في هذه المرحلة العمرية من خلال التوعية والنقاش من خلال الأخصائي النفسي والاجتماعي بالمدرسة. وطالبت أيضا "نور الدين" إدارة المدرسة بضرورة توعية الطلاب عبر استخدام الوسائط والفيديوهات التي تثبت وتوثق ما ارتكبته جماعة الإخوان المسلمين في حق الشعب والجيش المصري من تفجيرات وأعمال إرهابية، وأن اعتصام رابعة الذي تتعاطف معه الطالبة كان مسلحا وخرج عن السلمية، مضيفة أن النشء هو الشريحة الأهم والمستهدفة من أجل تنوير عقولها بأفكار بناءة وحقيقية وتنقيتها من الأفكار المتطرفة والمعادية للوطن. وشددت علي أهمية دور حصص التربية الدينية في المدارس وتوجيها لخطاب معتدل للطلاب والطالبات، وتقبل الآخر، ويوضح الصورة الحقيقية للإسلام التي تقوم علي المساواة والإخاء واحترام حرية العقيدة. أما عن المدرسين المتورطين في إجبار الطلاب علي رسم شعارات رابعة في حصص الرسم، أكدت "نور الدين" أن قانون حماية حقوق الطفل المصري 126 لسنة 2008، يعاقب علي الاستغلال السياسي للأطفال، مطالبة بوقف المدرس المتورط في ذلك عن التدريس وإحالته لأي عمل إداري؛ لأنه ليس من حقه توجيه الطلاب سياسيا. على الجانب الآخر، تري أمل جودة، عضو الائتلاف المصري لحقوق الطفل سابقا، إن للطلاب الحق في التعبير عن آرائهم والمشاركة في التكوينات والحرية في التنظيم والفاعليات الخاصة بهم، ولا يجب حجر أو قمع الطفل في التعبير عن آرائه، وهو ما تنص عليه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل؛ لأنه من المفترض أن هذه المرحلة العمرية مهمة وخطيرة في تكوين وتشكيل وعي وإدارك وشخصية الطفل، وهو ما يمكن أن يتأثر ويشوش حال مواجهته بالقمع والترهيب وكبت الحريات، ما يمثل انحرافا في السلوك التربوي. أوضحت "جودة" أن المدرسة تعد منظومة من القواعد، أولها أنها مؤسسة تربوية تعليمية لا مجال فيها لحدة الخلافات والمناقشات السياسية التي تمثل استقطابا يضر بالعملية التعليمية أو يسبب ضررا لأحد الأطراف، مشيرة إلى أن المسألة ليست بهذه السهولة من التنفيذ، لكن تحتاج إلي حكمة من إدارة المدارس، خاصة أن الأجيال الجديدة تتمتع بوعي ونضج سياسي كبير، وشارك الكثير منهم في مظاهرات وفاعليات مختلفة، لافتة إلى أن الأساس الذي يجب أن يؤمن به جميع الطلاب، الانتماء للوطن، أما الافكار السياسية، فلا مجال للصراع عليها داخل الحرم المدرسي. وحذرت "جودة" من استخدام الأطفال في المشهد السياسي وزرع حالة من العدائية بين الطلاب داخل المدارس؛ لأن ذلك يخلق جيلا متعصبا يميل إلي التطرف والعنف في التعبير عن انتماءاته السياسية، فلا يجب أن يفرض طالب ينتمي لأسرة "ربعاوية" أفكاره علي زملائه، والعكس أيضا لا يفترض أن توجه إدارة المدرسة الطلاب لحب "السيسي" أو غيره لمجرد أن المدرسة تنتمي للنظام السياسي الحالي، بل يجب أن تكون العملية التعليمية هي الأصل التي يهتم به الطلاب. وعلي صعيد الحوادث المتكررة سنويا من إصابات يتعرض لها التلاميذ من سوء تجهيز الفصول الدراسية، وجهت "جودة" اللوم لهيئة الأبنية التعليمية؛ لتقاعسها فى أداء دورها، متساءلة أين تذهب ميزانية الهيئة، طالما لا يوجد أي معايير للأمان والسلامة في المدارس والفصول؟. أضافت أن كل عام دراسي نجد سقوط باب حديدي علي أحد التلاميذ، أو مروحة سقف سقطت علي رأس تلميذة، أو شباك تهشم علي رأس طفلة، وغيرها من الحوادث، لافتة إلى أن العملية التعليمية ليست "سبورة وديسك فقط"، بل منظومة متكاملة وبيئة صالحة لتلقي العلم في أمان، وأن مسئولية أمان الطفل وحمايته تكون في رقبة الدولة. وأكدت أنها أثناء تفتيشها بأحد المدارس الثانوية بحي شمال الجيزة، اكتشفت – كارثة بكل المقاييس- وجود حمام واحد مشترك بين البنات والبنين، في غياب تام للخصوصية، ساخرة: «الدولة تنتظر وقوع المصيبة حتي تتحرك، عندما تقع حوادث اغتصاب أو تحرش في مدرسة ثانوي بحمام واحد فقط! أين هيئة الأبنية التعليمية؟». من جانبه، تساءل هاني هلال، رئيس المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، إلي متي ستستمر المؤسسة التعليمية مصدر من مصادر الخطر والعنف الواقع علي أطفالنا، ومتي سيتم تطبيق سياسات وإجراءات الحماية داخل المؤسسات التعليمية، ومتي سنحاسب كافة المسؤولين عن الإهمال والعنف؟. وأضاف "هلال" أن هناك العديد من الحوادث التي أسماها بالكوارث، وقعت مع بداية العام الدراسي منها إصابة ثلاثة تلاميذ بجروح نتيجة سقوط مروحة سقط عليهم بأحد الفصول بمدرسة بولاق الدكرور، وكان ذلك نتيجة لشدة الاهمال المبالغ فيه من قبل إدارة المدرسة والوزارة في متابعة الأبنية التعليمية، متابعا: «لم يقتصر الفشل على تلك الواقعة فحسب، بل امتد لتصرح المدرسة بإعطاء التلاميذ إجازة للترميم ولتجهيز مقاعد للتلاميذ، فلم يكن بوسعهم حصر أعداد التلاميذ والمقاعد قبل بدء العام الدراسي؟». ولفت إلى أن الكوارث لم تتوقف علي ذلك فقط، بل أصيب طالب آخر في الصف الثاني الإعدادي جراء اعتداء من قبل مدرس لإجباره علي ترك مقعدة مجاملة لزميل له، فعندما رفض انهال عليه بالضرب المبرح، مضيفا أن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل إن بعد المدارس عن المحيط السكني للطلبة وسلوكهم الطريق السريع في بعض الأحيان، أدي إلي وفاة طالبين في اليوم الدراسي الأول إثر حادث أليم، مطالبا وزير التعليم بالتطبيق الفوري لحزمة سياسات وإجراءات الحماية التي نصت عليها اللائحة التنفيذية لقانون الطفل المصري، بالإضافة إلي أهمية فتح المشاورات الوطنية لكافة الأطراف للتواصل إلي سياسات حماية مثلي. وتري أميرة عبد الحكيم، نائب رئيس مجلس أمناء المؤسسة القانونية لمساعدة الأسرة وحقوق الإنسان، أن منظومة التعليم في مصر تعاني من مشكلات كثيرة منها أن هناك مدارس تفرض إتاوات علي الطلاب؛ لتمكنهم من الالتحاق بها، وإتاوات من المدرسين لإجبار الطلاب علي الدروس الخصوصية، مؤكدا أن هناك خللا كبيرا في وزارة التربية والتعليم، فالأهالي يدفعون رسوما وتبرعات كثيرة، وفي النهاية يجدون فصول قديمة تسقط شبابيكها ومراوحها علي أطفالهم، ويتعرض من يتعرض منهم للموت والمرض وتكسير العظام. وتابعت "عبد الحكيم" أن مشكلة العنف فى المدارس، تمثل مخالفة لقانون حماية الطفل، مطالبة بضرورة أن يحصل المدرسون علي دبلومة أو دورات تدريبية في معهد الدراسات التربوية؛ ليحصلوا علي معلومات مهمة في سيكولوجية الطفل وطرق التعامل معه وإقناعه بالنقاشات والحوار البناء وليس بالضرب أو العنف كشكل من أشكال العقاب؛ لأن ذلك يؤثر علي شخصية الطفل فيما بعد عند النضج. واختتمت "عبد الحكيم" أن المدرسة ليست مكانا تعليميا فقط يتم حشو عقول التلاميذ فيه بعدة مواد دراسية، لكن المدرسة تعد منظومة متكاملة لاحتواء الطفل تعليميا ونفسيا واجتماعيا، والمساهمة في إنتاج طفل يتمتع بقدرة علي الحرية في التكفير والإبداع.