بعد اليأس من إسترداد الحكم أو أضعف الإيمان كرسي برلمان هاجر الإسلاميين جسداً وروحاً الى طرفين متناقضين، فصاحب الفكر المتشدد والمشتاقين إلى الجنة وخمرها و "حريمها" ذهب الى الشرق والتحق بدولة "الخلافه" المزعومة فى العراق والشام، وأتباع الإسلام "الوسطى" البراجماتي هاجروا شمالاً الى خلافة أخرى عصريه ترتدى التوكسيدو ..انها تركيا أو ما كان يعرف سلفاً بالخلافه العثمانيه. بدأت صعود نغمة تركيا الإسلامية وأمير المؤمنين أردوغان بعد سقوط مشروع "الخلافة الإخوانية" فى مصر حيث كانت تركيا قبل هذا عار على الإسلام كونها دولة علمانية، حتى أنه عندما زار أردوغان مصر سابقاً فوجئ الإخوان عندما قال "أن نظام الحكم فى تركيا نظام علمانى وإذا أراد المصريين أن يكونوا كالأتراك فعليهم إعلانها علمانية" وهاجموه أما محمد مرسي فقد كان قد كتب مقالاً في السابق عن أن تركيا وحزب البناء والتنميه أبعد ما يكونا عن الإسلام وأن تركيا ليست إسلامية. فماذا حدث الآن بعد ضياع الحكم من الإخوان، فجأة صارت تركيا هى الحلم "الإسلامى" وهاجر العديد من "الإسلاميين" الى هناك ويسعى المقيم إلى ذلك ايضا .. هناك بعض الإرهاصات مثل إنتشار ما يذكر الناس بمجد الخلافة العثمانية مع التاتش الطائفى بأن الشيعة كانوا من أسباب سقوطها وتصدير الحجاب التركى على أنه زي إسلامى وصور مساجد تركيا وأشعار جلال الدين الرومى والمولويه وصور التصوف التركى وكل هذا كى يضعك فى الجو المطلوب لتتيقن أن تركيا هى الصورة المثلى للإسلام. لنحلل الموضوع بمنطقية، ما علاقة تركيا بالإسلام؟ هل نظام حكمها إسلامى؟ أبداً هى كانت ومازالت دولة علمانية جزء من النظام العالمى، وكل ما أحدث هذه الجلبة هو أن أردوغان أصبح رئيساً وكعادة الذين يشعرون بفراغ فكرى وعاطفى دائم صارت تركيا إسلامية وملاذا آمنا لأحلامهم الواهمة، تماما كما حدث في مصر إبان حكم الإخوان كانت "إسلامية" أيضاً.. هل هى تتحلى بكليات الإسلام دون أن تفصح عنها؟ للإجابة عن هذا السؤال فلننظر الى الجانب الفكرى والسياسي بعمق، لم نشهد من تركيا أى محاولات للتعريف عن الإسلام للعالم ولا تراكم فكرى يندرج تخت المدرسة الإسلامية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى تركيا حقيقة هي كما سمعنا من أحد المحللين السياسيين "سمسار المنطقة"، فمن يريد الشروع فى عمل ما بخصوص الشرق الأوسط فلابد أن يزور الإخوة الأتراك ويشاركهم في الأمر، هى جزء من النظام العالمى وليست من الممانعين ولها علاقات إقتصادية مع الكيان الصهيونى ومع أمريكا والإتحاد الأوروبى وحتى عندما هاجمت إسرائيل أحد سفنها لم تنقطع العلاقات ولم تتأثر مما يدل على أنها محاولة لوضع تركيا فى محور المقاومة غير عالمين أن المقاومة ليست نادى وعضويته تنال بسب إسرائيل بل هى أسلوب حياة. تركيا من جهة ثالثة جزءا من منظومة الغزو الفكرى للعالم الإسلامى، فهي نموذج الإسلام الآخر الذي يريده الغرب والذي نجح فى حصر الإسلام بين مثالين أحدهما داعش والآخر تركيا، الإسلام المتطرف والإسلام اللطيف ، الإسلام التركى القشرى المائع الذي لا تستطيع تصنيفه ولا معرفة كيف تبنى أمة به. مسارعة شباب التيار الإسلامى الى تركيا كملاذ لحلم موهوم هو سرعة تصديق بلا أى تصور عن ما يمكن أن يكونه الإسلام أو النظام السياسي فى المدرسة الفكرية الإسلامية.