لم يعد أمام مزارعي القطن، سوى إضرام النار بمحصولهم للتخلص منه لوقف نزيف الخسائر الذي يتكبدونها، فلم تقتصر مشاكلهم على تعذر تسويقه ولكن امتدت إلى ان المحصول لن يغطي تكاليف زراعته ، فهل ستتنبه الدولة لخطورة وضع زراعة القطن في مصر وأن السياسة التي تنتهجها ستؤدي إلى القضاء تماما على زراعته في مصر. فيما قال الدكتور نادر نور الدين الخبير الزراعي، أنه منذ أسبوع عقد وزير الزراعة مؤتمرا صحفيا ليوبخ الفلاح المصري لأنه مازال يزرع القطن دون تنسيق مع الدولة رغم أن الوزير السابق أيمن فريد أبو حديد وهو من نفس مدرسة الوزير الحالي "يوسف والي" ومساعديه – هو من ترجى الفلاح أن يزرع القطن بعد أن تراجعت المساحة إلى 100 ألف فدان بل واعطى فرصة للفلاحين ومد موسم الزراعة إلى شهر يونيو بدلا من نهايته في منتصف إبريل حتى لا تكون فضيحة بانتهاء زراعة القطن في مصر، لافتا إلى أن الفلاح زرع 300 ألف فدان بإلحاح ورجاء من وزير الزراعة المصري وليس تطوعا من نفسه. وأوضح نور الدين أن الدستور المصري ينص بالمادة رقم 29 على حتمية قيام الدولة باستلام المحاصيل الاستراتيجية من الفلاح وبأسعار مجزية، وبالتالي فلابد لوزير الزراعة من استلام القطن من الفلاح وإلا أصبحت مخالفة دستورية تستوجب عزله فورا. وأشار إلى أن الوزير رفض الأسبوع الماضي تحديد سعر للقطن رغم وجود الشركة القابضة للأقطان وهي شركة حكومية، بالإضافة إلى أن بنك التنمية الزراعية رفض إعطاء قروض للتجار لشراء القطن، وبالتالي أصبحت لا توجد سيولة لشرائه وانخفض سعره إلى 800 جنيه للقنطار بدلا من 1200جنيه في العام الماضي، هذا بجانب أن إنتاجية الفدان انخفضت هذا العام إلى 4 – 5 قناطير فقط بدلا من 10 قناطير بسبب نوعية التقاوي غير الجيدة، وتكرار شكاوى الفلاح منها. وبالتالي أصبح المحصول لا يغطي حتى تكاليف جمع العمال له، فقام المزارع بحرق قطن أرضه توفيرا للنفقات وليشعل نار الاحتجاج على وزير الزراعة الأرستقراطي الذي يكره الفلاحين. فيما قال فريد واصل- نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين- أن تضارب أقوال وزيرى الزراعة فأحدهما يطالب بزيادة المساحة المنزرعة بالقطن، والآخر يقوم بتوبيخ الفلاحين لزراعته، فهذا أكبر دليل على أننا نتعامل مع سياسة أشخاص لا سياسة دولة ، فالسياسة المتبعة الان هي تصفية الحسابات بين الوزراء المتعاقبين. ولذلك من الطبيعي أن يلجأ الفلاح إلى حرق محصوله في الارض لوقف الخسائر التي سيتكبدها بعد ارتفاع يومية العمالة الزراعية. ولفت إلى أنه يجب على وزيري الزراعة إصدار قرار وزاري بوقف استيراد القطن والغزول من الخارج، حتى يتم الانتهاء من تسويق الانتاج المحلي لانها تؤثر على القوة الشرائية في الداخل. وأكد واصل أنه لا يوجد مستقبل للقطن خاصة ولكافة المنتجات الزراعية كلها بشكل عام لأن الزراعة في مصر تدار بشكل عشوائي فلا توجد منظومة لوضع الخريطة الزراعية وفقا للأسعار المحلية والعالمية. فعلى سبيل المثال، العام القادم سنجد السواد الأعظم من الفلاحين يتجهون إلى زراعة الرمّان لارتفاع أسعاره هذا الموسم، لأنه أحد المحاصيل التي طلبت روسيا باستيرادها من مصر، مضيفا أنه لابد من تشكيل لجان خاصة تكون مهامها دراسة السوق ووضع سياسة تسعيرية للمحاصيل حتى لا نترك الفلاح لمصيره المظلم.