للمرة الثانية خلال الفترة الوجيزة الماضية، يطالب رئيس البرلمان الليبى بتدخل المجتمع الدولي لضبط الأمور فى ليبيا التى تشهد صراعات واشتباكات مسلحة منذ شهور، وكان خطاب رئيس البرلمان الليبى أمام الأممالمتحدة بمثابة تحميل للمجتمع الدولى المسئولية تجاه ما يحدث فى ليبيا، ومطالبة من الجميع بمساندة ليبيا ومحاولة إنهاء حالة الحرب التى طالت وأكلت الأخضر واليابس. وأثار الخطاب قلق بعض الدول العربية من تدخل عسكرى غربى جديد فى ليبيا، محذرة مجلس الأمن من إنشاء مؤسسات موازية فى ليبيا باستثناء المعترف بها دوليًا، وذلك حتى لا تتعقد الامور أكثر، أما الشارع السياسى فى مصر فكان له مخاوفه الخاصة من أى تدخل عسكرى يخل بنظام المنطقة، خصوصَا أن ليبيا هى بوابة مصر الغربية ويرتبط أمنها القومى بأوضاع ليبيا. وفى هذا الصدد، رجح وحيد الأقصرى، رئيس الحزب العربى الاشتراكى، أن يكون ما طالب به وقاله رئيس البرلمان الليبي أمام الأممالمتحدة بدافع اليأس مما تعانيه ليبيا من عدم استقرار واقتتال داخلى، معربًا عن رفضه لتلك التصريحات شكلاً ومضمونًا، من ناحية الأمن القومى العربى بوجه عام والمصرى بشكل خاص، لأن هذه الدعوة ستكرر سيناريو التدخل الأمريكى فى العراق عام 2003 ثم سوريا الآن. وأضاف «الأقصرى»، أن الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى أعلنها صريحة فى جميع المحافل، أن مصر لن تقبل أى تدخلاً عسكرياً أجنبيًا على الأراضي الليبية، لأن ذلك يعتبر تهديدًا مباشرًا للحدود المصرية الغربية وأمن مصر القومى. ونصح «الأقصرى» رئيس برلمان ليبيا قائلًا: «إذا كنت تحرص على الأمن القومي العربى والمصرى، ولديك حس عروبى يجب عليك أن تتراجع عما تطلب»، مطالبًا الجامعة العربية التى وصفها ب«المأسوف» عليها بنظر قضية ليبيا، بدلاً من استباحة القوات الغربية الأراضى العربية، فى تدخلات مرفوضة، تهدف فى الأساس إلى تنفيذ مخطط «سايكس بيكو الجديد»، عن طريق إعادة ترسيم الحدود وتصغير الدول العربية. من جانبه قال ماهر مخلوف، أمين القاهرة بحزب الكرامة الشعبى الناصرى، إن ليبيا أصبحت مكمن صراعات العالم كله، إذ تضم إخوانًا وجهاديين ووطنيين ليبين، مشيرًا إلى أن الوطنيين الليبيين هم من شكلوا الحكومة والبرلمان الليبى، وهو المؤسسة الوحيدة المنتخبة شرعيًا ومعترف بها عالميًا، ولا يحتل الإسلاميين المتطرفين فيه إلا نسبة 10 أو 12%، ولذلك فهم غير راضين عما حصلوا عليه، ويفتعلون المشكلات وينشرون الإرهاب فى ربوع ليبيا. وأوضح، أن رئيس البرلمان لم يوضح شكل التدخل الدولى الذى يطالب به، مشيرًا إلى أنه ليس شرطًا أن يكون عسكريًا، ولكن من الممكن أن يتخذ أشكالاً أخرى متعددة مثل منع السلاح والأموال عن الارهابيين، ودعم قيام جيش ليبى قوى موحد، وإعطاء مصر الغطاء السياسى الدولى لدعم الجيش الليبي وتدريبه وإعادة تأهيله، بالإضافة إلى تجديد الشرعية الدولية للبرلمان الليبي والحكومة الجديدة ومؤسسات الدولة الليبية التى تعانى ضعفًا شديدًا.