قالوها يومًا «تراجعوا جيوش العرب قادمة»، فلم يتراجعوا، ولم تأت جيوش العرب، قد يكون من السهل إبعاد الإنسان من وطنه، ولكن من الصعب سلب وطنه منه، فنحن لا ننسى نكبة فلسطين، ولو مرت قرون.. جاءت البداية مع وعد «بلفور» المشئوم عام 1917، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، بناء على المقولة المزيفة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». أقرت على أساسه عصبة الأمم في 11 سبتمبر 1922 الانتداب بشكل رسمى لتكون البداية الفعلية للانتداب في مثل هذا اليوم 29 سبتمبر 1923، وغطت منطقة الانتداب ما يعرف اليوم ب«فلسطين التاريخية»، أى المنطقة التى تقع فيها اليوم كل من دولة إسرائيل والأراضى الفلسطينية – الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى منطقة شرق الأردن "المملكة الأردنية الهاشمية الآن"، غير أن منطقة شرق الأردن تمتعت بحكم ذاتى فيما كان يعرف بإمارة شرق الأردن، ولم تخضع لمبادئ الانتداب أو لوعد بلفور. وكانت مدينة القدس عاصمة الانتداب حيث إقامة الحاكم البريطانى ومؤسسات حكومة الانتداب، وعند بداية فترة الانتداب، أعلنت بريطانيا تحقيق وعد بلفور، أي فتح الباب أمام اليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين وإقامة «بيت وطنى» يهودى فيها. وعن ذكرى الانتداب البريطاني على فلسطين، قال الدكتور مختار الحفناوي، أستاذ الإسرائيليات بجامعة القاهرة، إن الانتداب البريطاني على فلسطين جاء نتيجة حرص بريطانيا على استمرار وجودها في بلاد الشام، بخاصةً فلسطين؛ وذلك لتأمين هيمنتها العسكرية والتجارية في المنطقة برًّا وبحرًا. وأضاف "الحفناوي" أن بريطانيا حينما فكرت في وعد بلفور، كانت حريضة على عدم استفزاز حلفائها سواء كانوا من الصهاينة أو فرنسا، فكانت تناور من أجلهم، لذلك أسست وعد بلفور الذي يعتبر بداية الخيانة وسلب أرض العرب لصالح هؤلاء المغتصبين. وتابع أن بريطانيا سعت إلى تنفيذ وعودها لليهود على حساب العرب، وعملت مع فرنسا من أجل ضمان انتداب بريطاني على فلسطين، ومع دول الحلفاء من أجل إقامة منظمة دولية تشكِّل غطاءً قانونيًّا لما يمكن أن تقوم به من أعمال على المستوى الدولي، ومع الصهاينة بهدف الإسراع بالهجرة اليهودية إلى فلسطين. من جانبه، قال الدكتور منصور عبد الوهاب، أستاذ اللغة العبرية بجامعة عين شمس، إن الانتداب البريطاني على فلسطين، البداية الحقيقية لتواجد اليهود داخل الأرض العربية، مؤكدا أنه لولا الانتداب البريطاني على فلسطين ما تحقق وعد «بلفور» الذي أعطي أرض من لا يملك لمن لا يستحق. وأوضح "عبد الوهاب" أن بريطانيا كانت تعقد صفقات مع فرنسا والكيان الصهيوني؛ من أجل احتلال كافة المناطق العربية، مختتما: «حتى الآن.. مازالوا يعملون ذلك لكن بشكل خفي».