"الإمبراطورفى الكيمياء ..سيبويه فى اللغة العربية.. القيصر فى التاريخ".. تلك الأفيشات الأقرب إلى الدعاية السينمائية، بدت بشكل علنى على أنها سبوبة المدرسين، وعلى مرأى ومسمع من مسئولى الوزارة . وقد غزت هذه الدعاية شوارع محافظة البحيرة بشكل ملفت لتعلن عن بدء الموسم الدراسى الموازى بعدما تراجع تمامًا دور مدارس الدولة. وتبارى أصحاب المراكز التعليمية فى جذب التلاميذ من خلال الإعلان عن التدريس بأحدث الوسائل العلمية، استخدام السبورة الذكية، اعتماد الغياب بجهاز البصمة، استخدام الداتا شو والمجسمات العلمية فى الشرح بالتفصيل، أو توزيع الأقلام والكتيبات التى تحمل اسم وعنوان المدرس. ورغم الأوضاع الاقتصادية المتأزمة إلا أن أباطرة الدروس الخصوصية ظلوا بعيدًا عن مراعاة ذلك، فارتفعت أسعار الدروس فى محافظة ريفية لتصل إلى 50 جنيهًا فى جميع المواد للصف الأول والثانى والثالث الابتدائى و100 و120 جنيهًا للرابع والخامس والسادس، أما المرحلة الإعدادية فيصل سعر المادة إلى 50 جنيهًا. وتبقى الثانوية العامة هى الأكثر استنزافًا للأسر؛ ليصل سعر المادة إلى 70 و100 جنيه، كل ذلك للطلاب داخل المجموعات، ويختلف الوضع تمامًا فى حالة زيارة المدرس للمنزل وغيرها من مصروفات إضافية، مثل "ملازم" 40 و50 جنيهًا، وتكاليف الامتحانات والمراجعة النهائية. ويصل عدد الطلاب فى المجموعة الواحدة فى بعض الأحيان إلى 50 طالبًا؛ مما دفع المدرسون إلى استئجار قاعات كاملة لاستيعاب تلك الأعداد. تقول "سناء عيسى"، موظفة، إن الدروس الخاصة شر لا مفر منه , وتضيف أن لديها ثلاثة اطفال بمراحل تعليمية مختلفة مؤكدة أن الدروس الخصوصية لا تقتصر على المرحلة الثانوية فحسب بل فى جميع المراحل التعليمية فهى تلتهم ميزانية الأسرة. يقول " حسين كمال " عامل- ابنتى فى ثالثة ثانوى ورقمها فى كشف مدرس التاريخ 1050 يعنى دخل المدرس فى الشهر يصل إلى آلاف الجنيهات, ورغم كدة مفيش رقابة عليهم تمنعهم من استغلال الفقراء بهذا الشكل, ونحن مجبرون على الدروس الخصوصية عشان مستقبل عيالنا. ويشير "سالم عبد الباقى "، تاجر، إن أولاده يؤكدون أن وقت المدرسة مضيعة للوقت ويمكن الاستغناء عنها بينما لايمكن الاستغناء عن الدرس الخاص الذى يقوم بتوضيح وشرح المعلومات بشكل تفصيلى ومبسط عكس المدرسة التى لا تتعدى فيها مدة الحصة 20 دقيقة، ولا يقوم المعلم بواجبه فى ظل هذا الوقت وفى ظل تكدس فصول المدارس الحكومية، ورغم كل ذلك اكتفى اللواء مصطفى هدود محافظ البحيرة بإصدار قرار بغلق الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية بشكل تام من الساعة 8 صباحا حتى 5 عصرا وقت ذهاب الطلاب للمدارس فى المرحلتين الصباحية والمسائية فى محاولة لمواجهة تسرب الطلاب من المدارس التعليمية لتستكمل الدروس الخصوصية بعد الساعة الخامسة.