عن (دار العين) في القاهرة صدر كتاب (فقه التلوّن.. طِروادات الإخوان وأل سعود) للصحفي محمد طعيمة. الكتاب يشتبك مع الظاهرة الأصولية عامة والإخوانية خاصة من واقع ممارستها الواقعية “الحدثية”، بما لهذه الممارسة من سياقات تاريخية تعود جذورها إلى بدايات، وتراكمات، ما يراه المؤلف “خطفاً للإسلام” سواء في نسخته الوهابية أو الإخوانية، مستشهدا بوقائع ومصادر موثقة تدعم رؤيته. وك مفتتح يقول طعيمة ان الجذورأقدم من نزول (حسن البنّا) يداً بيد مع جلاد الشعب (إسماعيل صدقي) يوم 21 فبراير 1946، لميدان (قصر النيل/ التحرير).. ضد الحركة الوطنية، ووقوف زعيم طلبة الإخوان (مصطفى مؤمن) رافعاً إياه لمصاف الأنبياء: “واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا”. والفروع أبعد من الصفقة التي رحبوا بها، فبراير 2011، مع نائب مبارك (عمر سليمان)، بينما الشباب يُقتلون في ذات الميدان.. وأفشلها عبد المنعم أبو الفتوح. مع تلوّن أطيافهم المتنوعة، يكتسب الدين ونصوصه.. مرونة “المطاط”، حسب المصلحة. انه “التوظِيف”، هكذا رأينا “المحامي” سليم العوا “يوظِف” الإسلام في دفاعه عن منير غبور في إحدى قضايا فساد ما بعد ثورة يناير، وقبلها محاولته “توليع” مصر بحدوتة “أسلحة الكنائس”. هم يذكرونا دائماً بآداء العبقري (حسن البارودي) في فيلم (الزوجة الثانية): “وأطيعوا الله وسوله وأُولي الامر منكم”. كان “يُشَرْعِن” اغتصاب زوجة، أما هم.. فأساتذة “شَرْعِنة” ما أسماه المفكر الجزائري الراحل (مالك بن نبي).. فكر “الاستدراج.. للتركيز على قضايا جانبية وإدارة الظهر للقضايا الأساسية وللتوجهات الكبرى، ليعطّل أو يوقف تطور المسلمين”.. و”نظل بين فكّي الاستعمار أو القابلية للاستعمار”. أثارهم نراها في غزة والضفة، وفي السودان.. المُرشح لمزيد من التقسيم، وفي الصومال، وها هم بدأو لعبتهم الرابعة في ليبيا. ليس صدفة أنها كما المعصم حول مصر، وحين تقع الجائزة الكبري.. “لن ترى الشرق يرفع الرأس بعدها”، وتظل السيطرة للغرب. وحين تعود للجذور، ستكتشف أن “فقه تلوّنهم” كان، ومازال، صناعة غربية، تماماً كما حضّانتهم الإقليمية في شِبه الجزيرة العربية. يوثق المؤلف، الذي صدر له من قبل (جمهوركية آل مبارك) في خمس طبعات، دور الغرب ك”راسم” لخرائط الخليج العربي في دعم التفسيرات المشوهة للدين ليعيق بها تطور المجتمعات المسلمة، ويسهل نهب ثروتها وتقيدها عن منافسته، فحتى لو كانت الدول/ الأسر الحاكمة “التي رسمها” ترعى شعارات معادية له دينياً، فسياساتها تصب في النهاية بخزائنه. ويرصد المؤلف، باسلوب سردي، موقف جماعة الإخوان المعادي تاريخياً لأماني الشعوب العربية، وفي قلبها المصريين، في التحرر والتقدم وتحالفها الدائم مع السلطة، أيا كانت، منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى سياقات الربيع العربي، ودائماً لصالح الغرب، عبر الرياض.. ومن بعد عبر الدوحة أو أنقرة. ومن الممارسات العملية للجماعة في مختلف الدول العربية يحلل تناقضاتها تجاه القضايا المصيرية وحتى اليومية والثقافية، التي تنفي إنها تتحدث باسم إسلام واحد، لينتهي إلى آن الإخوان تخرج من جعبتها دائماً “إسلامات وإخوانات” تتلوّن وفق مصلحتها، من المرأة (لها فصل كامل) راصداً التراجع الذي شهدته حقوق المصريات.. مقارنة بتاريخها الفرعوني وبمحيطها العربي، وصولاً إلى الحريات الشخصية والموقف من السياسات الغربية، كما يكشف ما يراه “تناقضاً سلوكياً” داخل الجماعة ذاتها، سواء من حيث اتساقها ما تعلنه من قيود للحريات الشخصية أو الفساد المالي والإخلاقي. يخصص المؤلف فصلا للتعصب “القبطي” الموازي ك”رد فعل” على ما رصده في فصل أخر من إضطهاد تعرضوا له، نتيجة “تهجير” دماغ قطاع واسع من الأغلبية المسلمة إلى الوهابية وتخومها، متهماً هنا عناصر تزعم الإعتدال، مثل يوسف القرضاوي، بعنصرية موقفها من المسيحي المصري مقارنة بالمسيحي الأمريكي في العراق والخليج. وهو في كل ماسبق، ورغم إنطلاقه “غالباً” من الواقع المصري، يفتح زوايا النظر دائماً ليربط، في كل فصول كتابه، بين خيوط الظاهرة الإخوانية في العالم العربي كله.. والمهجر، مستنداً ل “أممية” دوعتهم. طارحاً وقفات خاصة عند: حماس، الوهابية السعودية، الأردوغانية، إخوان السودان، إسلاميو الصومال. غير انه ينظر للأمام ببعض التفاؤل، متوقفاً عند ما يراه “أملاً” سواء في صلابة النسيج الإجتماعي رغم ما حاق به من تشوهات، مستشهدا هنا ب”حي شبرا” القاهري العريق كنموذج لمصر “مُتعايشة مع تنوعها”. أو تطورات “الفقه العربي” التقدمية كما في حالة اللبناني حسين فضل الله، وتنظيمياً من خلال ما يراه من آفاق إنفتاح وتعايش مع الآخر، لدى فئات من جماعة الإخوان نفسها، انشقت عنها وتمهد لما يراه البعض “أردوغانية مصرية”، بينما يُصر المؤلف على انها عودة لما يسميه علماء إجتماع ب”الإسلام المصري” المنفتح على طبقات حضارة