وسط حمم النار وأنهار الدم التي كان يفجرها العدو الصهيوني في غزة، لم يلتفت أحد إلى ما ذكره موقع روتر الأمني الصهيوني نقلا عن مصادر عربية أن جسراً جوياً بين قطر وإسرائيل أقيم لإمداد الجيش بالذخيرة من قاعدة السيلية في قطر. حيث وافقت الولاياتالمتحدة على طلب اسرائيلي تقدم به بنيامين نتنياهو على طلب المساعدة والحصول على ذخيرة أمريكية من قاعدة السيلية الحربية الامريكية في قطر، في حين ان الأمير القطري "تميم" طالب الجهات الأمريكية بالتكتم على الخبر واذاعة خبر حول ان الذخيرة وصلت اسرائيل من القواعد الأمريكية في الأطلسي، وقالت المصادر ان أكثر من خمسة أطنان من الذخيرة كان يتم نقلها يوميا من قاعدة السيلية الأمريكية في قطر الى اسرائيل. لقد كان هذا التسريب كاشفا عن طبيعة العدوان والقواعد التي ينطلق منها… كذلك أيضا هو مشهد كمال اللبواني في تل الأبيب و مشهد البطريرك غريغوريوس لحام في واشنطن. فقد كشفت القناة الثانية الإسرائيلية أن اللبواني يزور إسرائيل للمشاركة في "المؤتمر الدولي ضد الإرهاب المنعقد في هرتسيليا". القناة الإسرائيلية التي وصفت اللبواني ب "أحد كبار مسؤولي المعارضة السورية" نقلت عنه قوله في تصريح مباشر لها "إن هناك الكثير في سورية خاب أملهم من الولاياتالمتحدة. إن القصف الأمريكي ل داعش لا يحل المشكلة ولا بد من احتلال الأرض وتغيير الناس" في دعوة جديدة كان أطلقها مرارا وتكرارا لاحتلال مزيد من الأراضي السورية ولكن هذه المرة يدعو الأمريكيين للاحتلال بعد أن دعا سابقا الاحتلال الاسرائيلي لذلك. وعبر شاشة القناة الإسرائيلية اعتبر اللبواني أن "المشاكل الأساسية في سوريا هي النظام وحزب الله" في وقت يحذر محللون سياسيون وعسكريون من الغايات العميقة المخفية وربما نقيض المعلنة للتحالف الذي أطلقته الإدارة الأمريكية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي ودعمته إسرائيل بقوة مع جوقة الحلفاء في المنطقة والمستمرين بدعم الإرهاب تحت مسميات متعددة ويحاولون تقسيم الإرهابيين إلى سيئين ومعتدلين والهدف واحد تمرير مخططات التقسيم والسيطرة والعدوان على السيادة تحت شعارات متعددة أطلقوها منذ اعلانهم مشروع "الفوضى الخلاقة" في المنطقة وصولا إلى إعلانهم عن محاربة إرهابيين ودعم آخرين في الوقت نفسه. لقد أهداني كمال اللبواني مشهدا كنت أبحث عنه في معادلة ناقصة لأكتب معادلة السياسة السورية.. فقد ظهر اللبواني في نفس التوقيت الذي ظهر فيه مشهد رجل وطني سوري اسمه غريغوريوس لحام يعلن ثورة في واشنطن.. إن بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام تصدى وبطاركةٌ آخرون لدعوة أميركيةٍ إلى تحالف المسيحيين مع إسرائيل خلال مؤتمر الدفاع عن مسيحيي المشرق في واشنطن. ففي هذا المؤتمر أعتلى السيناتور الأميركي تيد كروز المنصة لتحوير توجهات ومضامين مؤتمر الدفاع عن مسيحيي الشرق، الذي عقد في واشنطن، إلى دعوة المسيحيين إلى التحالف مع إسرائيل، وقال إنهم لن يجدوا حليفاً أفضل منها. السيناتور الذي مضى يقول "من يكره إسرائيل يكره أميركا ومن يكره اليهود يكره المسيحيين"، الذي استغل المؤتمر ليشن حملة على إيرانوسوريا وحزب الله واتهامهم بتهجير المسيحيين من الشرق اضطر إلى مغادرة القاعة بعد إصرار البطريرك لحام على الأمر مهدداً ووفوداً عربية أخرى بالانسحاب احتجاجاً. إن كل معادلة الربيع العربي والثورة السورية لخصها رجلان ومشهدان اثنان.. إن رأيتهما فإنك لا تحتاج لأي شرح عن الثورة السورية وعن الوطنية السورية التي تواجهها..: الطرف الأول في المعادلة هو في موقف البطريرك غريغوريوس لحام في واشنطن الذي دافع بشرف ووطنية منقطعي النظير عن سوريا وعن المقاومة وعن الإسلام المحمدي وعن القيم المسيحية الشرقية.. وهو المسيحي السوري الذي لا ينتمي إلى أي تيار سياسي.. البطريرك فجر ثورة عارمة في قلب واشنطن ردا على دعوة دنيئة رخيصة للاستسلام لتل أبيب وإعلان الهزيمة أمام كتائب إسرائيل الإسلامية في داعش والنصرة والثورة السورية.. وغضب أشد الغضب من الدعوة الوقحة للتنصل من المشروع الوطني السوري والمقاوم.. وبدا مستفزا إلى أبعد الحدود من الدعوة لإعلان الحرب على الإسلام والمسلمين الذين يحاربون إسرائيل.. أي تيار المقاومة.. فالدعوة الوقحة كانت تقول للبطريرك أن ينضم بشكل ما إلى داعش وإسرائيل.. لقتال حزب الله والمقاومة.. وأما الطرف الثاني في المعادلة فقد تجسد في ظهور كمال اللبواني "بطريرك الثورة السورية" وهو يحسم أمره بالكشف عن وجه الثورة السورية الحقيقي بعد مقدمات مراوغة كثيرة لم تفد في إخفاء نيته في الظهور العلني والطفو على سطح الدولة العبرية.. فقد وصل قطار الحرية والكرامة للثورة إلى تل أبيب أخيرا.. وهو المشهد الذي ستتلوه مشاهد كثيرة للثوار السوريين في قلب تل أبيب قريبا بعد أن تقدم اللبواني وكسر المحظور وتخلى عن التقية الثورية.. وعرفنا الآن أن الثورة السورية انطلقت نظرياتها من مختبرات الموساد في تل أبيب.. وأن غايتها كانت أن تصل كل دروب الشعب السوري إلى تل أبيب كما وصل اللبواني أخيرا ليقول الثوار: إن كل الدروب تؤدي إلى تل أبيب.. وكل الثورات الصناعية تؤدي إلى تل أبيب.. وكفى مراوغة وتغطيا وتقية.. فهذا هو لب الثورة السورية… ويستحيل أن تكون الدعوة للمسيحيين الشرقيين للاستسلام في واشنطن دون توقيت مقصود مع ظهور اللبواني (المسلم) في بيت أهله في تل أبيب.. لأنها تريد أن تحاصر العقل بمشاهد استسلام "الجميع" لتل أبيب.. فالمسيحيون المشرقيون يستسلمون والإخوان المسلمون الذين أوفدوا كمال اللبواني باسمهم يستسلمون (وهم يغضون الطرف عن الجريمة).. وهذا الاستسلام المزدوج يعني التسليم بأن كل الطرق تؤدي إلى تل أبيب.. من واشنطن ومن استانبول ومن الرياض ومن بيروت.. ومن كنيسة إنطاكية وسائر المشرق إلى الجامع الأموي في دمشق.. مشهد اللبواني يضع القيد في عنقه يجيبنا عن سؤال مهم جدا وهو: أين انتهت الثورة السورية؟.. الجواب البسيط هو: انتهت إلى حيث بدأت وبدأ الربيع!!.. أي إلى حيث انتهت قدما اللبواني على أعتاب الموساد.. الموساد مفجر الثورة وأبو الثورة السورية.. والمثل الذي قال (كل فتاة بأبيها معجبة).. يصبح (وكل ثورة بإسرائيل معلقة)..!!! والسؤال الثاني الذي ظهرت مئات النظريات للإجابة عليه دون أن توفق تماما هو: لماذا صمدت سورية في حرب كونية لا سابقة لها؟ الجواب بسيط جدا على هذا السؤال المعضلة وقد أظهرته ثورة البطريرك غريغوريوس لحام وهو: لأن غالبية السوريين سترونهم في ضمير غريغوريوس لحام وأمثاله فهو قطعة من الضمير الوطني السوري.. وضميره لا يؤدي إلى تل أبيب.. وهي ثقافة الشعب السوري الذي لا ينتمي معظم أفراده إلى أحد سوى شرفهم الوطني.. ومشرقيتهم الصافية.. وضميرهم النقي.. في البطريرك غريغوريوس لحام تكشف سوريا عن روحها المقاوم التعددي الجامع… و في كمال اللبواني تكشف الثورة السورية عن وليها.