توقفت آلة الحرب الاسرائيلية عن استهداف كل أشكال الحياة في قطاع غزة، إلا أنَّ آثار الدمار والخراب الذي خلفته هذه الآلة ما زال شاهداً على جرائم الاحتلال التي طالت الأحياء والمستشفيات والمدارس، هذه الصورة هي لإحدى الفصول المدرسية التي لحقتها الأضرار، فتحولت السبورة إلى مرمى للقذائف الصاروخية والمدفعية، إلا أنَّ الفلسطينيين يصممون على العودة إلى ممارسة حياتهم، ويحاولون تدريجيًّا إكمال ما يمكن إكماله حتى لا تتوقف الحياة عند عدوان الاحتلال وجبروته. أفادت السلطات المحلية في غزة بأنَّ افتتاح العام الدراسي الجديد تأخر ثلاثة أسابيع بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بأكثر من 250 مدرسة، إضافة إلى استخدام عدد كبير من المدارس التابعة لوكالة الغوث كملاجئ لعشرات الآلاف من السكان، وبيَّنت السلطات بأنَّ كافة التلاميذ سيخضعون لإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي، خصوصاً وأنَّ الأحداث في غزة قد تركت أثراً كبيراً على نفوس الأطفال وقدرتهم على التجاوب مع ما يجري حولهم. هذا وقال المفوض العام للوكالة بيير كرينبول "إنَّ الأولوية القصوى بالنسبة لنا في الوقت الحالي هي التأكد من عودة التلاميذ إلى مناهجهم التعليمية المعتادة بعد فترة من تلقيهم الدعم النفسي الذي يشمل استخدام المسرح في تطوير تقنيات القدرة على التعبير". وأشار كرينبول إلى أنَّ الأونروا قد وظفت أكثر من 200 متخصص في التأهيل النفسي سيبدؤون العمل مع نحو 24 ألف تلميذ في مدارس الوكالة قبل الانتقال إلى الدراسة المعتادة في غضون أسبوع. كما ستوفر مجموعة من الوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية ووزارة التعليم الفلسطينية الدعم النفسي لنحو ربع مليون طالب في قطاع غزة. وأشار كرينبول: "عمل موظفو الأونروا في غزة على مدار الساعة للتحضير لعودة الطلبة إلى المدارس. وشكّل هذا الأمر تحدياً خاصاً بالنظر إلى أن 29 مبنى ًمدرسي للأونروا كانت حتى قبل عدة أيام تستخدم كمراكز للإيواء". وأضاف: "لن تكون العودة إلى المدرسة في غزة هذه السنة على غرار العادة، إذ تعمل الأونروا على تطبيق نهج مبتكر من ثلاث مراحل ويجري تدريب 7,800 معلم ومعلمة في الأونروا على استخدام أساليب تدريس جديدة. فسيتم التركيز في البداية على الدعم النفسي-الاجتماعي والأنشطة الترفيهية، وبعد ذلك يتم الدخول في مرحلة انتقالية تركز على التعلم النشط والبديل والمهارات والمفاهيم الرئيسية. وفي المرحلة الثالثة فقط، ستعود مدارس الأونروا إلى المنهاج الاعتيادي". وبدورها، قالت مديرة التعليم في الأونروا كارولين بونتفراكت: "التعليم مهم للغاية لكل الأطفال في الأوضاع الطارئة، وللأسف لا يزال اللاجئون الفلسطينيون يواجهون الطوارئ، إننا نعمل على التصدي للاحتياجات التعليمية الطارئة لدى اللاجئين الفلسطينيين في سورياوغزة بطريقة شمولية ومبتكرة، وذلك بالبناء على خبرتنا الطويلة ومن خلال الدعم الذي تقدمه شبكاتنا وشركاؤنا الثابتون. وسيكفل ذلك توفير الدعم النفسي-الاجتماعي والتربوي اللازم لكي يعود أطفالنا إلى التعليم المدرسي المعتاد من جديد". الأطفال في غزة يتحملون ما خلفته لهم جرائم الاحتلال الاسرائيلي، ولا يزالون يتلقون هذه الأعباء منذ وجودهم في هذه الحياة، إلا أنهم يستمدون قدرتهم على المجابهة والاستمرار من صمود آبائهم وأمهاتهم الذين ظلوا يدافعون عن حقهم في امتلاك حياة كريمة، حتى وإن ضاقت ظروفهم، وتغيَّرت عليهم كلُّ الجهات. لتقول غزة للعالم أنها ما زالت قادرة على الحياة، وما زال أبناؤها يحلمون بها.