في ألبومها الذي أطقته مؤخرا باسم " حكاية وطن " .. ضمت الفنانة اللبنانية "جوليا بطرس " حكايات الحب والوطن معا في باقة واحدة ومزيج واحد .. لتطل منه أغنيتها " الحق سلاحي " الصادحة حبا للوطن والمهداة لكل أشكال المقاومة وخاصة الفلسطينية في وقت كان يواجه فيه القطاع عدوانا إسرائيليا شرسا .. فلاقت احتفاء وصدى من المواقع والقنوات التي تؤازر وتدعم المقاومة وخاصة قناة "الميادين" المعروفة باتجاهاتها النضالية والقومية ومناصرتها لكافة أشكال المقاومة خاصة في غزة ومناصرة القضية الفلسطينية والثورات العربية ، فبثت القناة أغنية جوليا موجهة في نهايتها شكرا لها . دقيقتان ونصف مدة أغنية أو كليب " الحق سلاحي " التي لفتت الأنظار وأثارت دعما وزهوا تستحقه وتحتاجه المقاومة في كل مكان عبر كلمات نبيل أبو عبدو وألحان زياد بطرس ، وتتحدث كلمات الأغنية عن سلاح الحق كأقوى سلاح للمقاومة واستمرار المقاومة رغم كل الجراح دون استسلام أو رضوخ أو مساومة وعدم إمكانية السلام في مواجهة النار مع التأكيد على أحقية الأرض بكل معالمها الطبيعية كالبحر والسهل والنهر مبشرة بقهر العدو ودحره وقوة مقاومة الشعب وإن كان لجنون الريح وإمداد المقاومة لهم بمزيد من القوة ، مع التأكيد على رحيل المحتل وبقاء صاحب الحق وعلى فكرة المقاومة دوما . هذه كانت الكلمات أما الكليب فبدأ الكليب بصورة " سيلويت " لجندي عند غروب الشمس بموسيقى حماسية لكن هادئة ليبدأ إيقاعها يتصاعد مع انتقال الصورة لجنود من المقاومة يركضون كنوع من استعراض قوتهم لتظهر جوليا في مكان طبيعي بري يحوي الشجر والرمال والصخور بملابس بسيطة قاتمة نوعا وطلة هادئة لتبدأ في غناء كلمات الأغنية لنسمع صوتها بينما نشاهد مقتطفات أرشيفية ممنتجة من أحداث المقاومة والعدوان لتتوافق عادة الصورة مع الجملة المغناة ، وقد تنوعت صور المقاومة ما بين مقاومة الجنود وتدريباتهم وصورا من المعارك أو مقاومة الشعب العادي بالحجارة رجالا وأطفالا وإظهار عبارات للمقاومة على الجدران تتحدث عن الشهداء والانتفاضة الثالثة مع صور الجرحى واستمرار المقاومة في نفس الوقت ، ولم تظهر المرأة إلا في لقطة واحدة لامرأة تواجه جنودا إسرائيليين بعنف أمام كاميرات التصوير تصاحبها كتابة كلمة " سأقاوم " على الشاشة بخط كبير في موقعها من كلمات الأغنية هي إحدى مرتين تتم فيهما هذه الكتابة بينما المرة الأخرى كانت بكلمة " أقوى " ليعقبها الجملة المغناة " أقوى من كل الملاحم " يصاحبها لقطة للشمس تتخلل سحب السماء وذلك بعد لقطة عن العدوان والدمار ، تبث الأغنية معاني التحدي والإصرار وشحذ الإرادة من خلال هذه اللقطات التي تتشابه بشكل أو بآخر ومن الجيد عدم لجوء الأغنية لمشاهد العنف والدماء والصرخات فكان المقطع الصوتي الوحيد لرجل يمدح المقاومة ويصر على استكمالها لآخر رجل وطفل بينما يبدو أنقاض مبنى من خلفه ، وتطل جوليا من آن لآخر بنفس طلتها كمن تتأمل هذه الأحداث بحزن غاضب في نفس مكانها وزاويتها ، ولا أستطيع القول أن فكرة الكليب مبتكرة أو مميزة أو هناك لقطات تسترعي الانتباه بل كان الاعتماد على المونتاج وتسلسل اللقطات بما يقارب المعنى بشكل يكاد يكون حرفيا كلوحات الإيضاح إلا أن أفضل اللقطات في رأيي كانت التي صاحبت جملة " يرحلون .. ونبقى " حيث صاحبت كلمة " يرحلون " صورة للجنود الإسرائيليين يمشون حاملين أغراضهم بينما كلمة " نبقى " صاحبتها صورة لفلسطينيين يجلسون فوق أغراضهم التي بدورها فوق الأنقاض ، وينتهي الكليب بلقطة تقترب من لقطة البداية حيث الجندي وقت الغروب بينما تبقى الشمس وحدها تحتل السماء في لقطة النهاية . والحقيقة أن المتتبع لسيرة "جوليا بطرس" يتتبع معها تاريخ مقاومة.. فهي من مواليد مدينة صور في لبنان درست في مدرسة للراهبات شهدت أول تجاربها في الغناء ، وهي شقيقة الملحن اللبناني " زياد بطرس ، وقد غنت العديد من الأغاني الوطنية في الثمانينات والتسعينات عرفت بها وكان لها صدى واسعا بين الثوار والمقاومين فقد غنت معظم أغانيها في مرحلة سادها العنف في الشرق الأوسط ، وقد حازت جوليا على عدة تكريمات وجوائز تقديرية على المستويات الرسمية في عدة بلاد منها لبنان وسوريا وتونس والأردن ، وكانت هي من أحيا حفل تحرير جنوبلبنان عام 2000 . وبعد حرب إسرائيل على لبنان في 2006 قامت جوليا بإنشاء مشروع " أحبائي " كمجموعة من الأغاني الوطنية والعاطفية أحيتها في عدة بلاد عربية ذهب ريعها لعائلات ضحايا الحرب مع مبلغ آخر أهدته لشهداء المقاومة اللبنانية والجيش اللبناني إثر أحداث مخيم " نهر البارد " . ولجوليا العديد من الألبومات منها " غابت شمس الحق ، " وين مسافر " ، " يا قصص " ، بصراحة " ، " لا بأحلامك " ، |أحبائي " ، " ميلادك ديسمبر " وآخرها " حكاية وطن ".