نفهم أن توقف الحكومة التعيينات لفترة مؤقته نظراً لتردي الأوضاع ,مع الأخذ في الاعتبار وضع بدائل مختلفة للخروج من الأزمة ,بينما لايمكن أن نفهم أبداً أن تتوقف التعيينات بجميع قطاعات الدولة ومؤسساتها منذ عام 1983 حتى الأن والعمل بنظام المسابقات والعقود المؤقته التى تجدد سنوياً ,فتفتح الباب للواسطة والمحسوبية والرشاوى التي انتفخت بها بطون وجيوب الكبار ,ناهيك عن اتاحة الفرصة لفسخ العقود وفصل الموظفين والعمال بدون أية رقابة قانونية. تفكيك المؤسسات الحكومية بكامل هيئاتها وتعطيل دواليب العمل وتخسير الإنتاج كان مقصوداً منذ أصبحت مصر تابعاً للهيمنة الأمريكية ورهن إشارة البنك الدولي والصندوق الذي كان يمهد الطريق لبيع القطاع العام بتطبيق برنامج الخصخصة منذ عام 1991 .المراقب لوضع الهيئات والأجهزة الحكومية الأن بعد مرور ما يقرب من 31 عاماً على وقف التعيينات يكتشف أن جميع الإدارات التي كانت عبارة عن خلية نحل من الموظفين والعاملين المختصين بملفات مختلفة أصبحت أماكن خالية خربة لاتزيد فيها نسبة العمالة عن عدد أصابع اليد الواحدة بعد بلوغ أغلبهم سن المعاش دون تدريب كوادر شابة لتسيير العمل ونقل الخبرات التي يتحقق من خلالها قفزة اقتصاديه ,كما هو شأن الدول التي تريد اللحاق بقطار التنمية بتعظيم قيمة الطاقات البشرية وإسهاماتها في زيادة الإنتاج وتطوير الأداء. الهيئة القومية للسكك الحديدية واحدة من أهم المؤسسات الحيوية الكبرى في الدولة وهى نموذج صارخ للتخريب والتفكيك وإغراقها في الديون مما أدى لتسريح بعض عمالها وبيع معظم قطاعاتها وأما ما تبقى من بعض الإدارات فما عاد يقوم بمهامه وينتظر رصاصة الرحمة ,فالإدارة المالية المنوطة بمراقبة المخازن وعمليات التسعير وما يتعلق بواردات الهيئة وصادراتها تعاني نقص العمالة البديلة بعد خروج أكثر من أربعين موظفاً وموظفة للمعاش ولم يتبق سوى أربعة فقط ينتظرون دورهم في بلوغ السن القانونية وهم الذين يقومون بأعمال جميع زملائهم من المتقاعدين وبالطبع فإن ضغوط العمل أدى إلى إهمال قطاعات كبيرة داخل الادارة مما أدى لخسائر تعد بالملايين لعدم الرقابة على المخازن التىي تحوي قطع الغيار والآلات المعطلة والهالكة مما يعرضها للسرقة والنهب والتلف من جانب آخر وفي خلال السنوات القليلة القادمة لن يتبقى موظفاً واحدً في هذه الادارة بعد انتهاء مدة خدمتهم هذا نموذج من مئات النماذج التي توضح ما آل إليه حال المؤسسات الحكومية في مصر وما تبعه من دمار وتخريب متعمد لضرب التنمية بازدياد حالة الركود والبطالة وتعطيل الإنتاج .وإذا لم تنتبه حكومة محلب بتصحيح أخطاء الماضي بالتسريع في عملية الإحلال بضخ دماء جديدة لإحياء هذه المؤسسات وتوفير فرص عمل لقطاع كبير من الشباب ,فلا مجال للحديث عن النمو الاقتصادي الذي صدعوا رؤوسنا به ولا مجال لإحداث تنمية حقيقية على المدى القريب ,فالقوة البشرية القادرة على العمل والإنتاج هى فقط التي تستطيع السيرعلى الأشواك وتجاوز الصعاب,والدفع قدماً نحو مستقبل نتمنى أن يتحقق عاجلاُ لاآجلاً.