انطلاق فعاليات امتحانات منتصف الفصل «الميدتيرم» بكليات وبرامج جامعة القاهرة الأهلية    قبل التصويت بالداخل، الوطنية الانتخابات تتيح للناخبين التعرف على المرشحين عبر موقعها الرسمي    انتظام أعمال الدراسة بالمركز الثقافي بأوقاف السويس    الصعود حليف الدولار اليوم.. العملة الأمريكية تعاود الارتفاع أمام الجنيه    وزير المالية: مصر تستثمر في المستقبل بإرادة سياسية قوية ومحفزة للاستثمار    البورصة تواصل الصعود في منتصف جلسة تداولات اليوم    محمد معيط: التعريفات الجمركية ألقت بظلالها على صناعة التأمين وأثرت على النمو الاقتصادي    منتدى إعلام مصر.. إعلاميون وخبراء: الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات مهنية وواقع لا يمكن تجاهله    مصرع شخص فى الفلبين جراء إعصار "فونج-وونج"    عراقجي: لا توجد حاليا أي إمكانية لاستئناف المحادثات بين طهران وواشنطن    بين السياسة والرياضة.. أحمد الشرع يثير الجدل بلقطة غير متوقعة مع قائد أمريكي (فيديو)    مسئولون عراقيون: الانتخابات تجري بشفافية عالية ولم يسجل أي خلل    أردوغان: نستعد لإرسال منازل مسبقة الصنع من «منطقة زلزال 2023» إلى غزة    833 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى    هالاند: نقاط ضعف ليفربول ليست كثيرة.. وهذا ما أفعله من أجل الاستمرار في التألق    بدء استئناف المتهمين بقضية الدارك ويب على حكم إعدام الأول وسجن المتهم الثاني    تأجيل محاكمة 10 متهمين بخلية التجمع لجلسة 29 ديسمبر    السكة الحديد تشارك فى نقل القضاة المشرفين على انتخابات مجلس النواب    لها «وجه شرس».. 3 أبراج تُخفي جوانب سلبية في شخصياتها    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    عوض تاج الدين: الرئيس السيسي يتابع أسبوعيًا مراحل إنجاز مستشفى 500 500 تمهيدًا لافتتاحه    «كفاية كوباية قهوة وشاي واحدة».. مشروبات ممنوعة لمرضى ضغط الدم    برلماني يدعو المصريين للنزول بكثافة إلى صناديق الاقتراع    يايسله: إيفان توني لم يلعب أمام اتحاد جدة لهذا السبب.. وكرة القدم ليس مثل الشطرنج    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    نهائي السوبر وقمة الدوري الإنجليزي.. تعرف على أهم مباريات اليوم    طولان: محمد عبد الله في قائمة منتخب مصر الأولية لكأس العرب    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    .سحر السنباطي تصطحب 30 طفلًا وطفلة من سفراء المجلس للاحتفال بأعياد الطفولة بمحافظة شمال سيناء    جاهزية 56 لجنة ومركز انتخابي موزعة على دائرتين و 375543 لهم حق التوصيت بمطروح    وزير الخارجية يؤكد أهمية تعزيز التعاون بين مصر ودول المنطقة في مجال الطاقة    أمن المنافذ يحبط محاولتين للهجرة غير الشرعية وتزوير المستندات خلال 24 ساعة    أجهزة الداخلية تتمكن خلال 24 ساعة من ضبط 337 قضية مخدرات و150 قطعة سلاح    مديريات التربية والتعليم تبدأ تجهيز الاستمارات الورقية لطلاب الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2025/2026 استعدادًا للامتحانات    الداخلية تعلن إطلاق خدمة vip إكسبريس "الإختيارية" بإدارة تصاريح العمل    عاجل- قبل صرف معاشات ديسمبر.. التأمينات الاجتماعية تتيح تعديل جهة صرف المعاش    صالون جامعة المنصورة الثقافي يفتح حوارًا حول المتحف المصري الكبير.. أيقونة الحضارة المصرية العالمية    إشادة ألمانية واسعه بالنجم المصري تامر حسني.. لأول مره في تاريخ ألمانيا مطرب عربي يمليء ستاد يايلا أرينا ب30 ألف شخص    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    صفاء أبو السعود تكشف عن تفاصيل مشاركتها في حفل الجراند بول    ليلى علوي فى الرباط.. حين يتحول التكريم إلى جسر بين الذاكرة والراهن السينمائي    بث مباشر.. التشغيل التجريبي لمونوريل شرق النيل بدون ركاب    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    وزير الخارجية يؤكد لنظيره النيجيري عمق العلاقات التاريخية بين البلدين    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    وزير الصحة الفلسطيني يعلن بدء استكمال حملة تطعيم الأطفال في قطاع غزة    «السعيد يلعب على حساب أي حد».. شوبير يكشف مفاتيح الزمالك للفوز على الأهلي    المصريون بكندا ينهون التصويت في انتخابات مجلس النواب    الذكاء الاصطناعى أخطر على الدين من الإلحاد    «المتحف المصرى الكبير» أقوى من «الجاهلية»    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    اختتام فعاليات مؤتمر المعهد القومي للأورام "مستقبل بلا سرطان"    «الكلام اللي قولته يجهلنا.. هي دي ثقافتك؟».. أحمد بلال يفتح النار على خالد الغندور    إخلاء سبيل شخص وصديقه بواقعة التحرش اللفظي بسيدة فى بولاق أبو العلا    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 8-11-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قريبا من السياسة
الدولة ليست بريئة!
نشر في الأخبار يوم 21 - 07 - 2012


محمد الشماع
الاضراب في ظل الانظمة الديمقراطية هو الخطوة الأخيرة لحصول العمال علي حقوقهم، بعد استنفاد كل طرق الحوار، فلا احد ينكر ان الإضراب مضر بمصالح الاقتصاد القومي ومصالح المؤسسات التي تقام فيها هذه الاضرابات ومصالح عمالها أيضا بسبب الخسائر التي تنجم عنها وتعود بالضرر علي المنشآت وقدرتها علي تقديم الارباح والحوافز لعمالها.
أي ان الاضراب مثل الكي آخر العلاج. كما يقول المثل لكن المؤسف في كل هذه الاضرابات عندنا انها أصبحت أول العلاج وطريقة سهلة لابتزاز الادارة، ولابد من تحجيم هذه الظاهرة من تحديد المسئولية وكشف المتقاعسين عن تقديم الحلول التي كان من الممكن ان تمنع الاضراب، ولابد أيضا من الانتباه إلي بعض القوي السياسية التي احترفت الاندساس بين العمال وتحريضهم علي الاضراب.
هناك مجالس إدارة ولجان نقابية منتخبة ووزراء معنيون بالقطاعات الانتاجية المختلفة، اضافة إلي وزارة القوي العاملة، كل هؤلاء متضامنون مسئولون عن متابعة أحوال العمال وحل مشكلاتهم التي تتسبب في الاضرابات وكثير منها مشكلات جزئية كتأخير صرف حافز أو رفع ثمن وجبة أو توفير وسيلة مواصلات أو مكافأة نهاية خدمة لبعض المحالين إلي المعاش، وغير ذلك من المشكلات التي وجدت من أجلها مجالس الإدارة واللجان النقابية التي تكتفي برفع جزاء العامل أو اعتماد شهادة طبية أو نقله لمكان يستريح فيه من العمل أو زيادة حافز لم يفعل منه شيئا أو يضع اسم عامل في كشف المصيف كل ذلك لضمان الأصوات في الانتخابات وعلي الانتاج السلام!
وعدم حل هذه المشكلات الجزئية يضعنا أمام سؤال حول جدوي هذه الهيئات والتشكيلات والطريقة التي يصل بها العمال والموظفون إلي مجالس الادارة واهدافهم.
لقد أصبح احتراف الانتخابات والوصول إلي هذه التشكيلات هدفا لكل من يريد ان يخلق لنفسه وضعا متميزيا بين زملائه وان يحقق مكاسب شخصية وليس من اجل الصالح العام المتعلق بحسن إدارة المنشأة، أو حقوق الزملاء ولا يخفي علي احد حجم الفساد الذي اصيبت به الحركة العمالية علي ايدي هؤلاء المحترفين، وقد ساعدهم علي ذلك الانفلات السياسي علي مدي سنوات طويلة ومحدودية التأثير التي جعلت من اللجان النقابية مجرد ديكور في مؤسسات تدار بأسلوب فردي كان يناسب عصرا تدار فيه البلاد بأسلوب فردي أيضا.
هناك نماذج من هذه القيادات العمالية اثرت من خلال العمل النقابي وارتاحت إلي المكاتب الفخمة والسيارات المكيفة ذات الستائر السوداء وبعضهم يستخدم أكثر من سيارة له ولأسرته للانتقال داخل مصر في فترات راحتهم من ركوب الطائرات إلي المؤتمرات الدولية وزيادة تبادل الخبرات النقابية والزيارات السياحية العلاجية. الآن تغيرت الأوضاع ولم تتغير الحركة النقابية العمالية أو تشعر بمسئولياتها الجديدة في الوقت الذي اختار فيه النظام السابق الخصخصة بما استتبعها من خلافات حول حقوق العمال والتزاماتهم في ظل تغيير المالك، وحتي في المصانع والمنشآت غير المطروحة للخصخصة أصبحت فكرة الربح والنجاح اساسية أو هكذا ينبغي ان يكون.
وكان علي اللجان النقابية ان تعمل علي زيادة الانتاج وحل مشاكله من جهة بحيث يكون مبررا للمطالبة بزيادة الاجور وتحسين ظروف العمل من الجهة الأخري.
ما يجري الآن أصبح معضلة حقيقية فالعمال الذين يتحدثون عن تدني أجورهم في ظل هذا الغلاء، معهم حق، فالمرتبات يجب ان تتناسب مع كلفة المعيشة هذا بديهي، ولكنهم وهم يطالبون بذلك يتصرفون بعقلية، الماضي باعتبار انهم اطفال الدولة الذين يجب ان تنفق عليهم في كل الاحوال سواء كانوا ناجحين أو فاشلين، وسواء ادوا واجباتهم أم لا، عمال يضغطون من أجل الحصول علي أرباح من منشآت خاسرة فهل ادوا ما عليهم؟ وهل حددوا المسئول عن الخسائر إذا كانوا قد ادوا واجباتهم؟
لماذا لم نسمع عن اضراب للعمال احتجاجا علي ادارة تتراخي في تجديد الماكينات أو توفير الخامات لكي نعرف انهم يشعرون بالمسئولية، وانهم حريصون علي تحقيق الارباح لكي يطالبوا بنصيبهم منها بعد ذلك. لا اللجان النقابية تقوم بدورها في هذا المجال وتضع رقابة حقيقية علي الادارة، ولا العمال يتظاهرون من أجل الحفاظ علي مستوي شركاتهم، بل علي العكس فان الكثيرين يستريحون لحالات تعطيل الانتاج وتعطيل العمل بنفس الذهنية القديمة، عندما لم يكن هناك من يسأل الخاسر عن خسائره!
هذه العقلية الاتكالية لم تعد تصلح ولم يعد من المقبول ان يتعامل العمال مع مكان العمل الاصلي والثابت وكأنه استراحة ينامون فيها استعدادا لعمل خارجي مطمئنين إلي انهم يصرفون مرتباتهم البسيطة وكأنها اعانة اجتماعية وهي وان كانت بسيطة لهم ليست بسيطة بالنسبة لميزانية الشركة أو المؤسسة التي تتحمل عمالة زائدة بأضعاف حاجة العمل الفعلية.
المشكلة بوجه عام هي ان العاملين يرغبون في الحصول علي مميزات القطاع العام ومميزات القطاع الخاص.. عمال تصل نسبة الغياب إلي أكثر من 07٪ اجازات اعتيادية ومرضية و22٪ من عمال القطاع العام يعملون في شركات القطاع الخاص.. عمال يحملون شهادات طبية بعمل مخفف ومع ذلك يطلبون اجرا اضافيا!.. عمال يطلبون زيادة ثمن الوجبة الغذائية ثم يرفضون الوجبة ويطلبون صرف قيمتها مع المرتب. يطلبون رفع ثمن الوجبة وهم اصلا لا يحضرون للشركة! التشبث بمساكن الشركة ثم يتصرف البعض فيها بالبيع وتحويل البعض منها إلي سوبر ماركت! وهي مرخصة اصلا اسكانا للعاملين! إلي جانب ان معدلات الاهلاك عالية جدا في الخامات والمعدات
هل كل هذه الممارسات للمساهمة في الشركات أو التشجيع علي البيع؟ وليس النهوض بصناعة عظيمة كانت علي قمة شركات النسيج في العالم بعد انجلترا، نريد الحل الجذري وليس للتهدئة أو الانفراجة، كل هذا ليس من اجل العمال أو الحكومة ولكن من أجل مصر.
الدولة ليست بريئة تماما من مسئولية هذه الاضرابات وينبغي ان تعدل من سياستها التي اتبعتها منذ بدء الخصخصة حتي الآن، واسوأ ما فيها التعامل مع المصانع باعتبارها كراكيب أو اشياء مهملة تنتظر البيع وكان من الممكن ان تكون هذه السياسة مقبولة لو ان المنشآت والمصانع مجرد مخازن أو منشآت صماء يمكن اغلاقها لحين التفكير في طريقة التصرف فيها بالتصفية أو البيع أو تغيير النشاط، لكن هذه المنشآت المكتظة بالبشر المسئولين عن اسر وبيوت لها مستلزماتها واعباؤها في ظل سوق تضغط علي البسطاء بارتفاعات متتالية في الأسعار.
ولا يمكن ترك الأمور حتي الانفجار، فالاصلاح لا يسير في اتجاه واحد فقط هو اتجاه البحث عن حلول للمنشآت وكأنها مبان صماء يتعلق قرار بيعها أو الاحتفاظ بها بمقاييس الربح والخسارة فقط.
لا يجب ان تترك الحكومة البعد الاجتماعي بدون مبادرة للحل بحيث يبقي الاضراب الالية الوحيدة لحصول العمال علي بعض المميزات علما بان الاضراب لم يقتصر فقط علي عمال المصانع وشركات القطاع العام، بل شمل الاضراب والتهديد به الموظفين في بعض قطاعات الدولة وقطاعات من المهنيين، وقد أصبح الجميع يؤمنون بان الاضراب هو الطريق الوحيد للحصول علي الحقوق بشكل جزئي في كل قطاع.
ويمكننا في هذا السياق ان نذكر بتهديد مدرسي الأزهر بالاضراب لان كادر المعلمين لم يشملهم في البداية، وبعد التهديد تم تطبيق الكادر عليهم، كذلك عمال النقل العام بالقاهرة وعمال المحلة عام 6002/7002 وجهات اخري كثيرة فعلت ذلك.. لماذا تنتظر الدولة هذا التهديد مع ان المنطق كان يقضي تطبيق وتنفيذ مطالبهم بدون التهديد أو الدخول في المشكلة أساسا.
هذه النماذج توضح خطأ تأخر الحكومة في المبادرة بتحسين الأجور وتطبيق الحد الأدني والحد الأقصي للأجور، وكأن العلاقة بين الحكومة والمواطن هي علاقة شد وجذب ومساومة لحصول كل طرف علي أفضل الشروط!
هذا الاحساس هو الذي يجعل الجميع يلجأ إلي الاضراب في كل مناسبة فماذا تصنع مؤسسات الدولة واجهزتها المختلفة، ولماذا وصل عدم الثقة في الأجهزة والمؤسسات إلي هذا الحد!
المطلوب الآن تغيير هذه السياسة وهذه المعادلة لتصبح علاقة رعاية من الحكومة للمواطن أساسها الاستناد إلي معطيات الواقع والتفكير في سياسة للأجور تراعي الحد الأدني للتوازن بين الدخل والتكلفة الفعلية لمتطلبات الحياة التي تعرفها الحكومة جيدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.