حتي لا تتكرر المأساة مرة اخري في قمع العمال وسلب حقوقهم، فلابد من تعديلات عاجلة في القوانين الخاصة بهم، والتي لها علاقة مباشرة او غيرة مباشرة بملف العمال، فالحياة العمالية في مصر مليئة بالثغرات والتناقضات في التشريعات ومواد قوانين غير الفعالة، فما يطالب به الدستور يتنافي مع ما هو موجود في قانون العمل والنقابات، ورغم قرار وزير القوي العاملة الجديد احمد البرعي بإطلاق الحريات النقابية والعمالية فإن ذلك يتطلب اجراء تعديلات كبيرة في بعض القوانين التي لها علاقة بحياة العمال. أحمد البرعي نفسه طالب منظمة العمل الدولية منذ ايام برفع اسم مصر من القائمة السوداء للدول التي تخالف الحريات النقابية والعمالية، وعدم وضع معايير واضحة للعمل، ولكن المنظمة قالت انها ستبحث الامر وستضع القرارات الجديدة موضع الاهتمام، خاصة بعد اعلان "البرعي"عن وضع تعديلات في قانوني العمل والنقابات العمالية خلال الفترة المقبلة بما يضمن عدم سيطرة الوزارة علي أوضاع النقابات العمالية واتحاد العمال، ويسمح لهم بإجراء الانتخابات دون تدخل وزارة القوي العاملة والهجرة، وأشار إلي أنه سيتم السماح بإنشاء النقابات المستقلة بعد استكمالها الشروط الخاصة بإنشاء النقابات بما يتيح مسألة التعددية النقابية والسماح بانشاء النقابات المستقلة التي تدافع عن حقوق العمال ، وهي مطالب مشروعة دعت إليها ثورة 25 يناير. ولكن الامر لا يقتصر علي ذلك فهناك بعض المواد التي يجب تفعيلها في قانون العمل خاصة (5،37،34) التي تنص علي بطلان أي شرط في عقد العمل يخالف قانون العمل، وتنص كذلك علي ضرورة ألا يقل أي أجر في علاقة عمل حتي لو كانت بالانتاج عن الحد الادني،وخاصة الماة 34 التي تنص علي إنشاء مجلس قومي للأجور يختص بوضع حد أدني للأجور علي المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل و التدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار. والمعروف أن محكمة القضاء الاداري قد اصدرت حكما تاريخيا تلزم فيه النظام السابق بوضع حد ادني للأجور لكنه لم ينفذ، وقالت بعض القوي العمالية والسياسية أنه يجب ألا يقل عن 1200 جنيه شهريا ويزيد كل عام طبقا لحركة الاسعار.وكل ذلك يؤكد ان المشكلة في التنفيذ فهناك مواد يجب ان يتم تفعيلها وهناك مواد يجب الغاؤها خاصة التي تعطي صلاحيات واسعة لصاحب العمل في الفصل التعسفي والتحكم في الاجور والعلاوات والمنح والارباح!! قرارات وهمية من ناحية اخري كنا نسمع ونقرأ كل يوم في زمن النظام السابق عن لجان تتشكل من أجل تعديلات علي قانون النقابات الذي حان الوقت لتغييره حني يتماشي مع قرار الحريات النقابية. فمثلا كان هناك قرار سابق يحمل رقم 69 لسنة 2010 بتشكيل لجنة فنية تحضيرية لمراجعة قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وقانون النقابات رقم 35 لسنة 1976 للتتمشي مع المعايير الدولية والظروف الوطنية من اجل استقلالية التنظيم النقابي ورفع يد الدولة عن السيطرة عليه خاصة ان كل الشواهد تكشف عن ثغرات فالمادة 65 من قانون النقابات العمالية رقم 12 لسنة 1995 والتي تم تعديلها علي القانون رقم 35 لسنة 1976 تقول انه مع عدم الاخلال برقابة الجهاز المركزي للمحاسبات المنصوص عليها في هذا القانون، تباشر النقابات العامة والاتحاد العام لنقابات العمال دون غيرهما الرقابة المالية علي المنظمات النقابية، ولها في سبيل ذلك ان تستعين بأجهزة وزارة القوي العاملة والتشغيل. يباشر الاتحاد العام لنقابات العمال الرقابة علي كل جوانب نشاط هذه المنظمات، ويجب علي الجهات المختصة بالرقابة علي المنظمات النقابية إخطار وزارة القوي العاملة والتشغيل بجميع التقارير المالية، كما يجب علي هذه الجهات تبليغ وزارة القوي العاملة والتشغيل والسلطة المختصة فور اكتشاف اي مخالفة تشكل جريمة تزوير في اوراق المنظمة او تبديدا او اختلاسا لاموالها. والمادة 68 تقول: يتولي الجهاز المركزي للمحاسبات بغير مقابل مراجعة حسابات المنظمات النقابية ومؤسساتها، وتتولي وزارة القوي العاملة والتشغيل متابعة تنفيذ إزالة المخالفات الواردة بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات مع النقابات العامة والاتحاد العام والعمل علي إزالة اي مخالفات لاحكام هذا القانون. هذه المواد تؤكد عن قرب حقيقة العلاقة بين الحكومة والمتمثلة في وزارة القوي العاملة والاتحاد، تلك العلاقة الخطيرة التي كانت ومازالت مصدر اتهام بسيطرة الحكم علي هذا الاتحاد، فالحكومات المتعاقبة سعت منذ عام 1952إلي السيطرة علي النقابات بل وتأميمها، فمنذ صدور اول قانون برقم 319 لسنه 52 والذي تنص احدي مواده علي انه اذا انضم ثلاثة اخماس العمال في مصنع ما الي النقابة فان باقي العمال يصبحون اعضاء بحكم القانون وقد تتابعت التشريعات بعد ذلك وساهمت بدرجة كبيرة في اوضاع هيمنة الحكومة علي النقابات وتأميمها وكان آخرها قانون النقابات العمالية رقم 12 لسنه 1995. ولقد أكدت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بتاريخ 27 ابريل سنة 1995عدم دستورية المادة 38 من قانون النقابات العمالية ، حيث تنص الحيثيات "ان تكوين التنظيم النقابي لابد ان يكون تصرفا اداريا حراً لا تتدخل فيه السلطة العامة بل يستقل عنها ليظل بعيدا عن سيطرتها ، ومن ثم تتمخض الحرية النقابية عن قاعدة أولية في التنظيم النقابي " . وتستطرد المحكمة حيثياتها لتؤكد حق كل عامل في الانضمام الي المنظمة النقابية التي يطمئن اليها وفي انتقاء واحدة او اكثر من بينهما، وان استقلال اتحاد العمال عن الدولة يكمن في عدد من النقاط: اولاً وجود حريات نقابية وانتخابات حقيقية من القاعدة حتي القمة. ثانيا: ضم عمال القطاع الخاص الي التنظيم النقابي حيث اعترف احمد العماوي وزير القوي العاملة الاسبق بوجود 10 ملايين عامل من عمال القطاع الخاص بلا نقابات. ثالثاً: عودة الدور الحيوي للجان النقابية واعطاؤها الحق في طرح وجهة نظرها حول قيود العمل وعمليات الفصل التعسفي وان تمتلك قوة المفاوضة ورفع دعاوي قضائية وعدم انحصار دورها في دور «البوسطجي »بالمشاركة في عزاء او زيارة مريض. رابعا: استقلالية الجمعيات العمومية. اتهامات لجنة المعايير الدولية نفسها وفي الاعوام السابقة اتهمت الحكومة المصرية والامن بالسيطرة والتحكم في اتحاد العمال بدليل قيام الاجهزة الامنية بالتفاوض باسم المسئولين الرسميين عن ملفات العمال خاصة في احداث اضرابات عمال المحلة في ذلك العام، ووقتها طالب الوزيرة عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة في ذلك الوقت بمهلة حتي عام 2011 لكي تنظر او تنفذ هذه المطالب، وقالت اللجنة ايضا ان تشريعات جديدة من اجل فصل الاتحاد عن الحكومة واطلاق حق الاضراب دون قيود تعسفية وكذا حقوق الاجتماع والتظاهر والاعتصام وحرية العامل في اصدار الصحف والمطبوعات والنشرات المصنعية، وحرية انشاء النقابات، وتحريم تدخل الدولة في شئون النقابات، واستعادة نقابة المصنع شخصيتها الاعتبارية، وضمان حرية الانتخابات النقابية ونزاهتها واخضاعها للاشراف القضائي الكامل الذي يشمل عمليات الاقتراع والفرز واعلان النتائج وابعاد وزارة العمل واجهزة الامن عن التدخل في هذه العملية، وهي مطالب موضوعية وتتفق مع المعايير الدولية التي وقعت عليها حكومة مصر، وتتفق ايضا مع قرار وزير القوي العاملة الجديد بإطلاق الحريات النقابية ولكن هذا القرار مطلوب دعمه بإجراء التعديلات المطلوبة في التشريعات العمالية. تمثيل العمال والفلاحين وعلي جانب اخر وعلي الرغم من التلاعب الذي يحدث في قضية تمثيل العمال والفلاحين في البرلمان طالبت لجنة حقوق الانسان في اتحاد العمال بالتمسك بنسبة 50 % "عمال" و"فلاحين" في المجالس النيابية خلال الانتخابات المقبلة لضمان الحفاظ علي حق العمال في المجالس النيابية المنتخبة ووضع قوانين وتشريعات لا تضر مصالحهم، ولكن اللجنة لم تنس في اجتماعها الذي حدث منذ ايام بضرورة وضع ضوابط تضمن عدم وصول غير الممثلين الحقيقيين الي هذا الموقع مؤكدة ان تنفيذ مطالب العمال المشروعة في تشريعات حقيقية لن تتحقق في ظل عدم وجود هذه النسبة بشرط ان تكون فعالة الخصخصة عمال مصر لم يطالبوا بكل ما سبق فقط بل طالبوا من خلال مشاركة ممثلين لهم في ثورة 25 يناير بوضع تشريعات واصدار قرارات بوقف برنامج الخصخصة نهائيا وعودة الشركات التي تم خصخصتها الي القطاع العام علي اعتبار انهم كانوا الضحايا الاساسيين في هذا الملف، وقالوا ان وجود تشريعات وقرارات توقف هذا الملف خير ضمان لعدم تكرار الاخطاء والتجاوزات التي جاءت به خاصة بعد اعتراف اوراق لجنة القوي العاملة بمجلس الشعب المنحل بان خصخصة الشركات أهدرت ثروات البلاد وسرحت 850 الف عامل، كما ان هناك مخالفات فادحة في بيع الشركات وتسهيلات لا نظير لها. ولوحظ أن عملية الخصخصة تمت علي الورق فقط لأن السداد الفعلي لأموال الشراء لم تدفع في شراء الشركات الثماني التي يعمل بها عشرة آلاف عامل ، ويبلغ صافي حقوق الملكية 6ر428 مليون جنيه في حين تبلغ جملة الإلتزامات 7ر2 مليار جنيه وصافي الخسارة في تصاعد مستمر كما أن نسبة كفاءة المعدات في تناقص. وضع شركة طنطا للكتان والزيوت لا يقل خطورة، فالمشكلة إمتداد لظاهرة صاحبت سياسة الخصخصة كان العمال أول ضحاياها كما تأثرت الدولة بإنخفاض الناتج القومي وزعزعة أمنها الإجتماعي والسياسي إذ ظهر نمط جديد تمثل في الاعتصام أمام البرلمان بعد استنفاد جميع السبل القانونية والودية للحصول علي الحقوق . ودعا العمال الحكومة إلي وقفة جادة لفرض الحل لمشاكل كانت هي الضلع الأكبر في إيجادها عندما باعت هذه الشركات ، وقد تم بيع الشركة لمستثمر سعودي هو عبدالإله الكعكي بمبلغ 83 مليون جنيه استقر فقط علي خمسين مليونا بعدما تم خصم ثمن الأرض والأصول الثابتة والمتداولة لضمان استمرار نشاط الشركة والحفاظ علي استمرارها وضمان حقوق العمال ،وشهدت الفترة الأخيرة حدوث إنهيار لهذا الصرح الكبير نتيجة خلل في الإدارة أدي إلي تدهور أوضاع العمال وحرمانهم من المزايا وحينها اتجه المستثمر لبيع الأرض المتميزة ، قامت النقابة العامة بتنظيم إضراب سلمي للعمال ،وأكدت اللجنة ضرورة وضع ضوابط مشددة تحمي حقوق العمال من تعنت بعض المستثمرين وإعادة تشغيل الشركة وعدم إعطاء المستثمرين فرصة لتصفية الشركة أو بيع الأرض المقامة عليها ،وهاجم نواب المعارضة والمستقلون برنامج الخصخصة معتبرين أنه أدي الي إهدار ثروات البلد وتسريح 850 الف عامل،وأكدوا أن حكومات الحزب الوطني المتوالية هي التي قامت بالخصخصة التي تسببت في بيع شركات مهمة مثل عمر افندي والمراجل البخارية والاسمنت وخلافه. العمال ايضا يطالبون بقرارات وتشريعات لمنع تكرار بيع الشركات الاسترتيجية مثل النصر للسيارات التي صدر قرار بإنشائها عام 1960 ضمن برنامج السنوات الخمس للصناعة ، وكذلك شركتا مواد الصباغة والكيماويات بكفر الدوار ، وشركة وسائل النقل الخفيف بوادي حوف والهرم ،وهذه القلاع الكبري التي جري تصفيتها تنضم الي شركتي النصر للتليفزيون والعامة للبطاريات بدار السلام اللتين تم تصفيتهما وتحولت مبانيهما الي خراب ، هذا بخلاف شركات الغزل والنسيج.