«البرعي» يحذر رجال الأعمال وينفي علاقته بتشوهات قوانين العمل فجرت وزارة القوي العاملة والهجرة، منذ بداية هذا الأسبوع مفاجآت من العيار الثقيل هزت الحياة العمالية الراكدة في مصر خلال أكثر من ربع قرن من الزمان، فيوم السبت الماضي وبحضور خوان سومافيا مدير عام منظمة العمل الدولية صدرت القرارات الخطيرة التي وصفها البعض بالتاريخية وذلك بإطلاق الحريات الثقافية واستقلالها بشكل تام، والإعلان عن تعديلات مرتقبة في قوانين العمل والنقابات، وغدا الخميس سوف يجتمع أحمد البرعي وزير القوي العاملة والهجرة مع عدد من رجال الأعمال لوضع النقاط فوق الحروف في ملف الحريات النقابية خاصة بعد صدور القرارات الجديدة التي تنشرها «الأهالي» بالنص في هذه المتابعة.. فماذا يحدث؟ سألت «الأهالي» د. أحمد البرعي وزير القوي العاملة والهجرة حول طبيعة العقوبات علي رجال الأعمال الذين سيرفضون تنفيذ القرارات الجديدة بحرية تشكيل النقابات المستقلة، وهل هناك تغيرات مرتقبة في قوانين العمل والنقابات خاصة أنه هو الذي شارك في صياغة قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، فقال إنه ليس مسئولا عن التشوهات التي حدثت في قانون العمل رقم 12، فاللجنة الفنية التي صاغت هذا القانون قدمت المشروع بشكل يتطابق مع المعايير الدولية، بينما التشوهات جاءت من أعلي. وقال «البرعي» إن وزارته مستعدة الآن وليس غدا لتقديم قانون جديد للنقابات العمالية خلال 48 ساعة فقط، وأضاف أن لديه مشروعا عادلا يمنح العمال جميع الحقوق المشروعة التي تحقق التوازن بين أطراف العمل الثلاثة من حكومة وعمال ورجال أعمال. وأشار البرعي أنه وقبل قليل كان يتحدث مع خوان سومافيا - المدير العام لمنظمة العمل الدولية - حول ملف التعديلات في قوانين العمل وأن هذا وارد وفي القريب العاجل، وذكر أنه سوف يجتمع غدا الخميس مع بعض رجال الأعمال لمناقشة قراراته بحرية تشكيل النقابات وذكر أن فرض العقوبات ستكون آخر المطاف وأن الإقناع والحوار سيكونان هما الأساس خاصة أن الجميع يعيش في مركب واحد، إذا حدث فيها شرخ سوف يغرق الجميع. جاءت تساؤلات «الأهالي» خلال اللقاء الذي عقده «البرعي» مع خوان سومافيا المدير العام لمنظمة العمل الدولية بمقر الوزارة بالقاهرة وبحضور د. سمير رضوان وزير المالية. القائمة السوداء وعندما سألت «الأهالي» خوان سومافيا حول إمكانية رفع اسم مصر في مؤتمر العمل الدولي بجنيف في يونيو 2011 المقبل من علي القائمة السوداء للحريات النقابية خاصة بعد قرار أحمد البرعي وزير القوي العاملة بإطلاق الحريات النقابية قال «سومافيا» إن هذا وارد وبشكل كبير وقال إنه يرحب بهذه التغيرات الجذرية في السياسات النقابية في مصر والتي تتفق مع الحالة الثورية التي تعيشها البلاد خلال هذه الأيام وبعد ثورة 25 يناير بالذات، وذكر أن المنظمة مستعدة لتقديم الدعم بكل أشكاله إلي مصر حتي تستطيع تنفيذ مطالب العمال في حرية كاملة باختيار النقابات المستقلة التي يرغبون الانضمام إليها بشكل ديمقراطي ودون تدخل من أي جهة، وأن هذا مطلب المنظمة منذ سنوات طويلة، وذكر أن منظمة العمل مستعدة الآن لوضع كل خبراتها في خدمة مصر لمعالجة التحديات العالقة ومن بينها أيضا ارتفاع البطالة، لا سيما بين الشباب، وقضايا الأجور، والحرية النقابية، والحوار الاجتماعي، وغيرها من المسائل الخاصة بسوق العمل، وهذا يفتح الباب أمام عصر جديد لملايين العمال في مصر. تفاصيل وقرار أحمد البرعي التاريخي بإطلاق الحريات النقابية والعمالية والذي نشرت بعض الصحف أجزاء منه له تفاصيل خطيرة وخلفيات أخطر فالقرار ينص علي خطة عمل في شأن الحريات النقابية من خلال عدد من المبادئ وهي الاعتراف الكامل والتام بحق العمال في إنشاء وتكوين نقاباتهم والانضمام إلي النقابات التي يختارونها، والاستقلال التام لنقابات العمال في شأن أمورها الداخلية ووضع لوائحها والتصرف في أموالها واختيار قياداتها، وحق النقابات العمالية في تكوين اتحادات فيما بينها والانضمام إلي الاتحادات الدولية، واستقلال النقابات عن الجهة الإدارية «وزارة القوي العاملة» التي ستقوم من الآن فصاعدا بتلقي أوراق النقابات «أي بإيداع النقابات أوراقها لدي القوي العاملة» وحصول النقابة علي إيصال بالإيداع وعلي الإجراءات اللازمة كي تتمتع النقابة بالشخصية المعنوية وتمارس عملها، ويضاف إلي هذا أن إيداع الأوراق لدي «القوي العاملة» هو إجراء مؤقت حتي يتم تعديل قانون النقابات وتصبح جهة الإيداع هي المحكمة التي يقع في دائرتها مقر النقابة، وتدرس الوزارة حاليا كيفية إجراء النقابات انتخاباتها بكل حرية وبعيدا عن إشراف الوزارة. الأجدر بالحقوق ويري وزير القوي العاملة أن هذه الإجراءات التي وصفها بالتاريخية تأتي من منطلق اقتناع الوزارة بمبادئ ثورة 25 يناير التي أعلنت عن ضرورة إطلاق واحترام الحقوق والحريات الفردية بشتي أشكالها، وأن العمال هم الأجدر بهذه الحقوق التي صادقت عليها مصر في كل المحافل الدولية من خلال اتفاقيات وعهود وإعلانات دولية إلي جانب إقرارها المبادئ التي أرستها لجنة الحريات النقابية وبموجب الدستور المصري عام 1971 الذي يتضمن المادة 56 والتي كفلت الحق في إنشاء النقابات العمالية علي أسس من الحرية والديمقراطية. اتفاقيات ويؤكد وزير القوي العاملة أن مصر من أولي الدول التي انضمت إلي منظمة العمل الدولية عام 1919، ثم إلي منظمة الأممالمتحدة عام 1946، ووافقت علي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع الاتفاقيات الخاصة بالحريات النقابية التي يجب أن يتم الإفراج عنها من الأدراج ليتم وضعها موضع التنفيذ حيث إنه وفي عام 1948 صادقت مصر علي الاتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم، وفي عام 1949 وافقت مصر علي الاتفاقية رقم 98 بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية، وفي عام 1981، صادقت مصر علي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي عام 1998 التزمت مصر بوصفها عضوا في منظمتي الأممالمتحدة، والعمل الدولية بإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل الذي وضع الأسس لمعايير العمل الدولية. ردود فعل وبعيدا عن هذا اللقاء فإن هذه الإجراءات والتوجهات الجديدة تعتبر انتصارا لبعض القوي العمالية التي طالبت علي مدار السنوات الماضية بالحريات النقابية ومن بينها دار الخدمات النقابية ومسئولها كمال عباس الناشط العمالي، وكمال أبوعيطة رئيس نقابة الضرائب العقارية المستقلة التي خاضت العديد من المعارك في الشارع من أجل حقوق العمال في الحريات النقابية واستقلال النقابات، وعلي الرغم من إعلان اتحاد العمال برئاسة حسين مجاور عن ترحيبه بهذه القرارات وبالحريات النقابية فإن هناك غضبا مكتوما داخل التنظيم النقابي الواحد «اتحاد العمال» سوف يؤدي إلي اتجاهين لا ثالث لهما إما أن يكثف الاتحاد نشاطه لجذب العضوية والحفاظ علي أعضائه والدخول في منافسة شرسة مع النقابات المستقلة الأخري، أو سيتفكك هذا الاتحاد وينهار. جدير بالذكر أن اتحاد عمال مصر كان مطمعا للنظام الحاكم منذ تأسيسه فهو لديه أضخم عضوية علي مستوي المجتمع المصري بالمقارنة مع الأحزاب والنقابات العمالية الأخري إذ يضم 4 ملايين عضو وذلك في بناء تنظيمي من 1745 لجنة نقابية يقودها 21 ألف قيادة نقابية وهذه اللجان تتبع الآن 24 نقابة فضلا عن وجود 17 اتحادا محليا علي مستوي المحافظات، ويملك اتحاد العمال إمكانات مادية هائلة، من بنوك وقري سياحية وجامعات عمالية ومعاهد تدريب ومدن سكنية واشتراكات عضوية تبلغ 50 مليون جنيه بخلاف دعم الدولة والتمويل الأجنبي، وسيطرة الحكومة والأمن علي التنظيم النقابي الواحد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مما أدي إلي خلل عميق في بنيته النقابية بعد تجريد اللجان النقابية من الشخصية الاعتبارية وكان كل ذلك يجري عبر قوانين النقابات من أول قانون 1942 حتي آخر تشريع عام 95 حيث تمت السيطرة علي هذه النقابات من أعلي ومصادرتها من أسفل، وهو ما كان محل انتقاد منظمة العمل الدولية حتي بدأت قيادات الاتحاد تستيقظ مؤخرا لتعترف بضرورة إجراء تعديلات علي هذه التشريعات وسيتم الإعلان عنها قريبا. كما أن هناك ما يقرب من 10 ملايين عامل في القطاع الخاص بلا نقابات.