أصبح القطن المصري مهددًا بالاندثار بعد تراجع المساحات المنزرعة منه بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية بسبب السياسات الزراعية الفاشلة التي تتبع، ففى الوقت التي تقوم الدول الأخرى بدعم مزارعين القطن لضمان استمرارية زراعته، نجد على الجانب الآخر الحكومات المصرية المتتالية تتفنن في وضع المعوقات أمام الفلاح المصري لدفعه بكل قوة إلى الابتعاد عن زراعة الذهب الأبيض الذي كان في الماضي موسم حصاده يعد من الأعياد التي يحتفل بها مزارعيه أما الآن فتحول موسم الحصاد إلى سرادق عزاء للعرق والمجهود الذي يبذله الفلاح الذي يضيع هباء لعدم قدرته على تسويق المحصول بأسعار توفر له عائد ربح مناسب ، بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج. فى البداية يقول الدكتور نادر نور الدين الخبير الزراعي، إن موسم زراعة القطن انتهى منتصف إبريل الماضي والمساحة المزروعة منه لم تتجاوز ال 160 ألف فدان وكان المستهدف منه هذا العام 368 ألف فدان ، أي انه لم يتم زراعة نصف المساحة المرجوة في حين انه تم زراعة 550 ألف فدان العام الماضي مما ينذر بخطر إنتهاء زراعة القطن المصري طوبل وفائق الطول. وأوضح نور الدين، أن وزارة الزراعة رفضت تحديد سعرا للمحصول يضمن عدم خسارة المزارعين ، هذا بجانب فشلها في تسويقه عالميا ومحليا ولا تترك للفلاح حرية اختيار الأصناف التي يقوم بزراعتها فهي تمنعه من زراعة أصناف قصيرة التيلة والتي تقوم عليها صناعة المنسوجات في مصر، مضيفًا أن الدولة كما فقدت الزيت الفرنسي الفاخر المستخرج من بذرة القطن هذا بجانب الكسبة الناتجة من العصير والتي تستخدم كعلف حيواني مما يزيد من أعباء الدولة في توفير العملة الأجنبية لاستيراد الزيوت والأعلاف من الخارج. فيما يرى الدكتور إمام الجمسي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أن القطن المصرى يمثل مصدر الدخل النقدي لاكثر من نصف مليون اسرة فهو احد المحاصيل التصنيعية التصديرية الهامة حيث تقوم عليه صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة التي يعمل بها نحو نصف مليون عامل آخر وتمثل هذه الصناعة النشاط الصناعي الأساسي في البلاد من ناحية عدد العاملين. وأوضح الجسمى، أنه فيما يتعلق بالناحية التصديرية، كان القطن هو المحصول التصديري الأول لما اشتهر به القطن المصري في الأسواق الخارجية بصفاته المتميزة من حيث طول التيلة والمتانة والنعومة والتجانس ورغم جهود الباحثين في محاولة النهوض بإنتاجية هذا المحصول عن طريق استنباط أصناف جديدة متميزة في الصفات التكنولوجية والتي لها قدرة إنتاجية عالية. وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، تراجع دور القطن المصرى خلال الفترة الأخيرة، كمصدر مهم للدخل القومي، نتيجة تراجع صادراته بالإضافة إلى اعتماد مصانع الغزل في مصر على الأقطان المستوردة لتدنى أسعارها مقارنة بأسعار الأقطان والغزول المصرية لأن الدول الأخرى المنتجة للقطن تقوم بدعم مزارعيه بمليارات الجنيهات لحرصهم الشديد على تواجدهم ومنافستهم بقوة للقطن المصري في الأسواق العالمية. ومن جانبه قال المهندس أحمد عياد، رئيس الشعبة العامة للقطن باتحاد الغرف التجارية، إنه لو لم تنتبه الحكومة لتردي زراعة القطن في مصر وتراجع مساحاتها بشكل كبير ستكون نهاية زراعة القطن، مشيرًا إلى انه كيف يقبل الفلاحين على زراعته ومحصولهم يبقى متكدس في المخازن لموسم الحصاد التالي. وأكد عياد كلامه بأن أن الدولة صرفت الدعم للمغازل حتى تتمكن من شراء القطن من الفلاحين والبالغ كميه 700 ألف قنطار منذ يومين فقط ، علما بان إجمالي الناتج من المحصول الموسم الماضي بلغ 1.5 مليون قنطار، لافتًا إلى انه عقب حصاد المحصول العام الماضي تم تسويق 300 الف قنطار فقط وكانت الأسعار تتراوح ما بين 1650 – 1700 لقطن الوجه الحري ، وب 1300 لقطن الوجه القبلي وكانت هذه الأسعار معلنه من قبل وزارة الزراعة وما لبثت الأسعار العالمية للقطن أخذت في الانخفاض خلال شهري أكتوبر ونوفمبر إلى أن وصلت ل 800 جنيه للقنطار، فتوقفت المغازل عن شراء القطن المصري وتوجهت إلى الأسواق العالمية لاستيراد احتياجاتها منه. وأشار رئيس شعبة القطن، إلى عدم التنسيق بين وزارة الزراعة والصناعة لضمان تسويق القطن وتخفيف العبء عن الفلاح بسرعة بيع المحصول، وأخذ العائد من زراعته فور عملية الحصاد ، ولذلك فلابد أن يطلع رئيس الجمهورية على ملف القطن الذي اوشك على اختفاء زراعاته فعند مقارنة إنتاجنا في الخمسينيات والذي كان تبلغ 16 مليون قنطار وكانت المصانع تستوعب هذه الكميات رغم قلة عددها وما وصلنا إليه اليوم من إنتاج لا يتعدى ال1.5 مليون قنطار مع كثرة عدد مصانع الغزل والنسيج سنرى مدى انهيار زراعة القطن في مصر.