مخصصات الدولة غير كافية ونسعى لإيجاد حلول الإنسان هو محور التطوير.. والدراما شوهت الصورة بعض العشوائيات مثال للتنوع ويجب تغيير نظرتنا لها فصل القمامة من المنبع يحولها إلى موارد للدخل وفرص للعمل الحديث عن العشوائيات وهمومها ومشكلاتها لاينتهي، وحتى وقت قريب كانت هذه المشكلات تتوزع بين الوزارات والمحافظات لعدم وجود جهة واحدة مختصة بالتعامل مع هذا الملف، حتى تم تكليف الدكتورة ليلى إسكندر، بتولي أول وزارة في مصر للتطوير الحضري والعشوائيات. "البديل" التقت الوزيرة وحاورتها حول رؤيتها للوزارة الجديدة، وخططها للقضاء على العشوائيات من خلال تطوير الحياة بها، فضلا عن دورها في حل مشكلات القمامة.. هل كنت تتوقعين استحداث وزارةهي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط لمواجهة العشوائيات، وأن تكوني أول وزيرة لها؟ لا، إطلاقا، كان الأمر مفاجئا لي عندما عرض علي المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء فكرة إنشاء الوزارة، وأعجبتني الفكرة تماما. -ما هي أولويات الوزارة في العمل وما الفرق بين المناطق غير المخططة والمناطق غير الآمنة وأيهما أخطر؟ المناطق غير الآمنة هي التي يتم تصنيفها طبقا للمعايير الدولية لدرجات الخطورة أو عدم الأمان، وهي أربع درجات، أولها "المهدد للحياة" وهي المناطق المعرضة لمخاطر جيولوجية كتلك المبنية علي صخرة مثل الدويقة، أو في مخرات السيول أو داخل حرم السكة الحديد، والدرجة الثانية هي "مناطق السكن غير الملائم" وهي تشمل البناء بمخلفات مواد البناء مثل عشش الكرتون والصفيح أو المساكن المتصدعة، والدرجة الثالثة هي "المناطق المهددة للصحة" وتضم المساكن التي تفتقر إلي الصرف الصحي، وتعاني من تلوث صناعي وغياب مياه شرب نظيفة، والدرجة الرابعة والأخيرة وهي عشوائيات "الحيازة غير المستقرة" أي التي تم بناؤها علي أراضي دولة أو أوقاف. أما المناطق غير المخططة، فهى لاتشتمل على مظاهر التهديد التي تعاني منها المناطق غير الآمنة، وليست معرضة للانهيار، ودخلت لها المرافق وبها مدارس ووحدات صحية وغيره ولكن عشوائية التخطيط كعزبة النخل ومنشأة ناصر، وغيرها، أي هي مناطق نشأت بالمخالفة للقوانين واللوائح المنظمة للتخطيط العمراني وتعاني من تدهور البيئة العمرانية، ولكنها غير مهددة للحياة. - أيهما أكثر انتشارا في مصر؟ في الحقيقة المناطق غير المخططة هي الأكثر عددا، وتمثل 37% من الكتلة العمرانية بالمدن المصرية، ولكن الذي يحتاج إلي تدخل سريع هو المناطق غير الآمنة، والتي بلغ عددها طبقا لحصر 2014 إلي 364 منطقة، وتشمل 26 منطقة مهددة للحياة، و258 سكن غير ملائم، و61 منطقة مهددة للصحة، و19 منطقة عدم استقرار حيازة. -ماهي الخطط العاجلة والآجلة التي تسعي وزارة العشوائيات في تنفيذها؟ سوف نبدأ بالمناطق غير الآمنة بكل تأكيد، بالإضافة إلي الأسواق العشوائية التي تعتبر خطرة علي حياة المواطنين وبلغ عددها 1099 سوق عشوائي علي مستوي الجمهورية، ويحتوي علي عدد 305 ألف وحدة بيع، وخاصة العشوائيات الموجودة علي خطوط السكة الحديد، وهناك منطقتان في كفر الشيخ والبدرشين بالجيزة. وبالفعل قامت الوزارة بتوقيع بروتوكول تعاون مع وزارة النقل تم خلاله بحث طبيعة الأدوار وتحديد المناطق والجهات التي تطرح المناقصات، وستقوم الوزارة مع صندوق تطوير العشوائيات بتوفير المبالغ المطلوبة للتطوير، فضلا عن دورنا في الإشراف والموافقة علي الخطط والرسومات المطروحة. -ماهي المناطق الجاري تنفيذ مشروعات التطوير بها الآن؟ جاري تطوير 47 منطقة منها 43 منطقة غير مخططة، و4 أسواق عشوائية بمحافظتي الجيزةوالقاهرة بتكلفة 650 مليون جنيه، منها 350 مليون جنيه تمويل الصندوق و300 مليون تمويل من اتحاد بنوك مصر علي عامين، بالإضافة إلي الخطة الفورية خلال ال 9 أشهر المقبلة والتي تهدف إلى خلق فرص عمل للشباب ساكني المناطق العشوائية في أعمال دهان واجهات المباني، لإعادة الصورة الحضارية للعمران، وذلك بعدد 4 مناطق غير مخططة بالقاهرةوالجيزة هم "منشأة ناصر وأبو قتادة والبحر الأعظم وعزبة خيرالله". أما الخطة الحالية للوزارة حتي عام 2015 سوف تشمل 6 مشروعات جاهزة للتسليم، وجاري تنفيذ 62 مشروعا لتطوير المناطق غير الآمنة وغير المخططة والأسواق العشوائية. -وماذا عن أهالي العشوائيات أنفسهم الذين يرفض أغلبهم الانتقال إلي أماكن جديدة؟ هذه هي الخطوة الأساسية التي يقوم عليها عمل الوزارة، وبناء عليها تسير كل الخطوات الأخرى، ونبدأ بإطلاق حوار مع الأهالي سواء في منطقة سوق عشوائي أو منطقة سكنية، لكي يتم معرفة مطالبهم، والاتفاق على الانتقال بشكل مرض ومنظم، فلن يحدث أي إخلاء قسري للأهالي في وزارتي، وسوف نراعي نقلهم إلي أماكن قريبة من لقمة عيشهم ومدارس أولادهم، وهذا ما كان متبعا في كل سنين عمل الصندوق، وكانت المرة الوحيدة التي تم نقل الأهالي فيها بسرعة عندما وقعت كارثة صخرة الدويقة نظرا لأن الحدث كان طارئا. ونحن الآن نبحث معايير محددة للنقل بحيث لا تبعد عن مسافة 5 كيلو من المساكن الأصلية للسكان، ولكن في بعض الأحيان تحتاج المحافظات إلي إشغالات عامة كطرق وكباري، وتضطر إلي نقل المواطنين بسرعة. كيف يتم التعامل مع 5 مليون بائع متجول في هذه الاسواق؟ يجب أن نفرق بين الباعة الجائلين الذين ظهروا بعد الثورة وباعة الأسواق العشوائية، فنحن كوزارة للتطوير الحضري ينحصر عملنا علي الأسواق العشوائية فقط، أما موضوع الباعة الجائلين فهو مشتبك مع عدة وزارات والمحافظين، كوزارة الداخلية والتموين، ولكن الأسواق العشوائية هي الأسواق القائمة منذ سنين، ويبيع أصحابها الخضار والفاكهة ومنتجات أخرى كسوق الجمعة علي سبيل المثال، فنقوم بالتعاون مع المحافظة بالبحث عن أرض بديلة لنقل السوق إليها بحيث يكون قريبا من السوق القديم ولايبعد عنه كثيرا، ولكنه منظم وآمن ولايؤذي حرم الشارع. -الإنسان هو محور العمل في وزارة التطوير الحضري والعشوائيات كما تعلنين.. كيف يحدث ذلك؟ العشوائيات لم تعد مكانا يضم فقط الأميين كما يتصور الكثيرون، بل أصبحت تضم الأطباء والمهندسين وكافة المهن، والتنمية البشرية سوف تتم علي كافة المستويات في هذه العشوائيات، رغم أنها عملية صعبة وتحتاج إلي وقت طويل، ولكن سوف تحقق الهدف المنشود علي أكمل وجه، وتضمن أن أي تطوير في العمران سوف يحافظ عليه الأهالي، مينفعش نبني عمارات فقط، نريد بناء الإنسان وليس الحجر فقط، وتغيير الثقافة المأخوذة عن العشوائيات، فالإنسان هو محور تطوير المكان. -بمناسبة تغيير الثقافة عن العشوائيات كيف ترين صورة العشوائيات في الدراما المصرية؟ للأسف الصورة جاءت مسيئة وظالمة لهم بشكل كبير، بكل تأكيد هناك بعض البؤر الإجرامية الموجوة داخل العشوائيات، ولكن ليس معني ذلك أن كل العشوائيات بلطجية وإرهابيين، سكان المناطق العشوائية مثلنا جميعا ويشبهوننا، ولكن مايقدم عنهم في الدراما مبالغ فيه جدا وغيرواقعي. -هل ترين أن الميزانية التي صرح رئيس الوزراء بأنها 600 مليون جنيه للوزارة الوليدة كافية لحل أزمة العشوائيات؟ بكل تأكيد 600 مليون جنيه للعشوائيات غير كافية، وحتي الآن لم يتم رصد ميزانية المخلفات الصلبة، وننتظر وعد وزير المالية بمناقشة ذلك خلال الأيام المقبلة، لكن وزارة العشوائيات لديها موارد متعددة للتمويل أبرزها 25 % من حصيلة الضريبة العقارية فور إصدار القانون، بالإضافة إلي ضريبة ال5% علي الدخول التي تتجاوز مليون جنيه، والتي ينص قرارها على إعطاء الحق لدافعها في إنفاقها على المشروع الذي يريده، وهذا يتوقف علي نجاح الوزارة في تقديم برامج تجذب رجال الأعمال لإنفاق الضريبة فيها، فضلا عن مساهمة اتحاد البنوك، وبالفعل بدأ منذ عام بإعطاء 2% من أرباحه إلي صندوق العشوائيات وهي 350 مليون جنيه، ومازال مستمرا، والمسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال والمؤسسات الأهلية. -هل تحتاج وزارة العشوائيات إلي سن تشريع جديد لهيكلة عملها حتي لا تصطدم مع المحليات والمحافظين وتغرق مشروعاتها في البيروقراطية؟ غالبا التواصل والحوار هو الذي يسهل العمل بين الوزارة الجديدة وباقي الجهات ويقرب وجهات النظر ويوحد المفاهيم عن طريق اللقاءات الثنائية والجماعية، ولكن التشريع هو الذي ينظم موضوع العمران لكل الوزارت، وهو ماتستعد وزارة التطوير الحضري له من خلال تكوين فريق من القانونيين في الفترة القادمة. -هل سيتم إلغاء صندوق تطوير المناطق العشوائية أم سيضم للوزارة؟ الصندوق انضم بالفعل للوزارة الجديدة، فوزارة التطوير الحضري لها ذراعان الآن، أحدهما الصندوق والآخر قطاع تدوير المخلفات الصلبة للهدم والبناء والبلدية. -في أحد تصريحاتك السابقة ذكرت أن السكن في المقابر أفضل من العيش في العشوائيات.. كيف؟ في الحقيقة التصريح تمت صياغته بطريقة خاطئة، فكل ماقصدته هو أن السكن في المقابر أهون من بعض العشوائيات غير الآمنة المهددة للحياة مثل عشوائيات مبنية علي السكة الحديد، والمناطق المهددة للصحة مثل مناطق يخترقها الضغط العالي ويغيب عنها الصرف الصحي، فأردت المقارنة بين المقابر وبين مناطق أبشع منها، فلا يوجد مثلا "طفح مجاري" في المقابر، ولكن صياغة التصريح جعلته يبدو وكأنني أقول إن الحياة في المقابر "حلوة وجميلة" كيف يعقل ذلك؟!. -القاهرة الفاطمية مليئة بالعشوائيات، ماهي نتائج لقائك مع رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بشأن المناطق التاريخية؟ توصلنا لتكوين مجموعة عمل مشتركة لكي نعمل معا في المناطق العشوائية التاريخية، سواء في المقابر أو غيرها، ولكن لم نتطرق للسكان الحاليين الموجودين في هذه المناطق وكيفية التعامل معهم سواء بالنقل أو التطوير، ونحتاج إلي الجلوس مع الباحثين والمتخصصين وشركات المقاولات التي نزلت هذه المناطق وتعاملت مع سكانها، خاصة أن الأهالي لم يتفقوا حتي الآن علي قرار واضح، فالبعض يريد أن يستمر في الإقامة في هذه البيوت العتيقة والبعض يريد الانتقال الي أماكن جديدة، فموضوع التفاوض مع السكان من أكثر المراحل في عملنا التي تحتاج إلي وقت. -ولماذا لاينضم الجهاز القومي للتنسيق الحضاري لوزارة التطوير الحضري والعشوائيات حتي يتحول من دوره الاستشاري إلي التنفيذي؟ هناك أصوات تطالب بذلك، ولكن نريد في البداية التعاون مع الجهاز ثم بعد ذلك نقيم الوضع. -ما رأيك فيما يقوله البعض من أن قوانين الإيجار في مصر وراء أزمة العشوائيات؟ قطعا قانون الإيجار القديم يحتاج إلي تعديل، ولكن لا أستطيع تقديم مقترح بذلك الآن لأنه يحتاج إلي دراسة جيدة، فلا يعقل أن تكون شقة في وسط البلد ب 6 جنيه، وأخري في شقة منشأة ناصر ب500 جنيه. - مليون امرأة في العشوائيات كيف تساعدها الوزارة الجديدة؟ هذا مكون رئيسي في التعاون مع الجمعيات الأهلية، فالموضوع ليس محو أمية النساء أو الرجال، ولكنه السعي نحو تنفيذ منظومة كاملة تطور من حياة المواطنين في هذه المناطق المحرومة، ومواجهة كافة أشكال العنف ضد المرأة من خلال استشارات نفسية وقانونية ومجموعات دعم وتنمية تعليمية وصحية. -تجربة فصل القمامة من المنبع وإعادة تدوير المخلفات إلي أي مدي سوف تسهم في القضاء علي القمامة خاصة وخبرتك كبيرة في مجال البيئة؟ التخلص الآمن من المخلفات الصلبة أحد أهم القضايا البيئية التي ترتبط بصحة المواطن، ومدينة القاهرة وحدها تنتج حوالي 14000 طن من المخلفات الصلبة يوميا، ومصر كلها تنتج حوالي 89 مليون طن في السنة، منها حوالي 21 مليون طن مخلفات بلدية صلبة، والمشكلة أن المخلفات المخلوطة من الأكل وأشياء أخري تسبب العديد من المشكلات أبرزها أن الخلط يصعب عملية الاستفادة من المخلفات القابلة للتدوير، ومن ثم نؤكد علي أهمية الفصل التي تقوم به ربة المنزل بين الورق والكرتون وباقي الأكل، لأن الخلط يؤدي إلى خسارة إمكانية تحويلها إلي "موارد"، ويتم دفن معظمها بالرغم من احتياجنا لهذه المواد بدلا من استيرادها بالعملة الصعبة. بالإضافة إلى أن المواد المخلوطة تذهب إلي مصانع الأسمدة وتنتج لنا سمادا به عناصر ثقيلة ضارة يستخدم في زراعة مانأكله، أو يتم التخلص من الزبالة بالحرق كما يحدث الآن ويؤدي ذلك إلي صعود أدخنة تسبب السرطان، فضلا عن المصيبة الأكبر وهى أن عمليات دفن القمامة تؤدي إلي هدر متتال للأراضي التي تستخدم في المدافن بسبب استقبالها لكل كمية المخلفات بنسبة 100% بدلا من استغلال الموارد ودفن 20% فقط غير الصالحة للتدوير. وماذا عن المنظومة الجديدة الذي تتبانها وزارة التطوير الحضري للتغلب علي هذه الأزمات في التعامل مع القمامة؟ الفصل من المنبع هو الحل، فبدونه لن يمكننا الحفاظ علي نظافة البيئة ولاتحويل المخلفات إلي موارد لخلق وظائف جديدة، وخلق صناعات صغيرة ومتوسطة، حيث يمكن استغلال المخلفات غير العضوية في خلق سبعة وظائف للطن الواحد، وهو مايعود بدخل علي الأسرة وخلق بيئة أنظف، والمنظومة تقوم علي فصل المخلفات من المنبع من خلال تطبيق جمع المخلفات من باب المنزل "من إيد لإيد" وهذا سيساعد علي تدارك جميع المشكلات الحالية، ثم إن هذه المنظومة سوف تقلل جدا من احتياجنا لصناديق القمامة واستنزاف الموارد المالية في إحلال وتجديد هذه الصناديق، فضلا عن ارتقاء المهنة واستقطاب الشباب، حيث يمكنه العمل في مصانع كريمة ليست بها رائحة كريهة أو حشرات نتيجة لخلط المخلفات العضوية وغير العضوية كما يحدث حاليا. وبعد فصل المواطن للقمامة الي كيسين، أين تذهب بعد ذلك؟ سوف يحضر عامل الجمع إلي المنزل ويحمل الأكياس في سيارة مقسومة نصفين، نصف لبواقي الأكل والثاني لباقي المخلفات، لكي تذهب بواقي الأكل إلي مصنع الأسمدة العضوية المتميزة للتربة الزراعية، والمواد الصلبة الأخري سوف يتم فرزها، وتدويرها واستخراج أدوات غير ملوثة للبيئة توفر فرص عمل كثيرة للشباب العاطل في صناعات صغيرة. -ولكن التجربة التي بدأت من أبريل الماضي في الدقي والعجوزة وإمبابة بها بعض المشكلات مثل غياب محطة المناولة التي تحصل علي القمامة المفصولة من المنبع وإعادة إلقائها من جديد في جبل شبرا منت دون الاستفادة منها؟؟ هذه مسئولية محافظ الجيزة وسوف يقوم بحلها، ولكن المشكلة هنا تكمن في أداء المحليات وهيئة النظافة لأنها لا تقوم به بشكل جيد، والشركات التي جمعت القمامة كان يجب أن توجد محطات مناولة تستقبل القمامة، وهذه الأخطاء التي تظهر مع التجربة سوف يتم التعامل معها ومعالجتها عندما تلتزم جميع الجهات بنظام محدد، ولن يتم ذلك قبل شهر حتى موعد الاجتماع مع محافظ القاهرة وهيئة نظافة وتجميل القاهرة، لوضع خطة العمل التي تمكننا من تنفيذ المشروع.