«يا ليلة العيد آنستينا.. وجددتي الأمل فينا»، تعد هذه الأغنية التي كتبها الشاعر أحمد رامي ولحنها رياض السنباطي وغنتها كوكب الشرق أم كلثوم عام 1939، هى الحلوى التي تشعرنا بفرحة العيد وبهجته وتعطي للكعك والبسكويت مذاقًا لذيذًا، ورغم كثرة ما تغنى به المطربون عن العيد إلا أن أغنية أم كلثوم هي (بيضة الديك) كما تقول العرب: أي الدرة الفريدة في عقد أغاني العيد. قال ذلك الشاعر ياسر قطامش في كتابه «وحي يا وحي.. رمضان صور وحكايات»، مشيرًا إلى أن العيد زمان كان له طقوس وفرحة خاصة في نفوس المصريين، ففي عشرينيات القرن الماضي لا يمكن أن يأتي عيد الفطر دون أن يلبس ميدان العتبة الخضراء زينات ملونة ويصبح له طعم خاص؛ حيث تتوافد عليه العائلات متوسطة الحال والفقيرة لشراء حلوى العيد من محلات "الخواجة ويلسن" التي اختفت الآن، وشراء الملابس من الموسكي وسوق الكانتو ومحلات حنفي محمود الشهيرة، وكان من المألوف أن ترى بائعًا يحمل عودًا طويلًا علقت عليه طرابيش للبيع لزوم العيد. على طريقة شئ "لزوم الشئ" ارتبطت ليلة العيد بالحلاقة والتجنيد، الحلاقة لزوم العيد ثم الاستحمام وارتداء الملابس الجديدة، والتجنيد لزوم العيد بمعني تجنيد المراتب والمخدات والألحفة لزوم الزواج، فكان الكثيرون يحرصون على إتمامه في العيد، ومن اللطيف أن الشباب المروشن الآن يقول "أنت هتحلق لي" فيرد الثاني "انت هتنفض لي"، يعني برضه حلاقة وتجنيد.. ونخص بالذكر الحلاق ليس حلاق بغداد ولا حلاق الحمير (كان للحمير حلاقون أيام زمان)، ولكن الحلاقة بصفة عامة، وكنت تراه منذ خمسين عامًا فارشًا حصيرة تحت كوبري إمبابة شتاءٍ، أو على الكورنيش صيفًا ويأخذ على الرأس قرش صاغ أو قرش تعريفة، ولو كان الحلاق أكثر نظافة يكون معه كرسي يجلس عليه الزبون، أما في الريف فكانت الحلاقة ببيضة أو رغيف غيش مرحرح أو قدح فول، وقد انقرض الآن الحلاق أبو حصيرة أو بيضة أبو كرسي في الشارع، وظهرت محلات حلاقة وكوافير مكيفة. ومن أجمل ذكريات العيد التي يتذكرها المصريين، يوم 9 سبتمبر عندما صدرت الصحف والمجالات حافلة بإعلانات التهاني للملك المحبو ب فاروق من التجار والشركات ورجال الأعمال والفنانيم منهم: محمد عبد الوهاب وآسيا وبهجية حافظ؛ لأن هذا العيد هو أول عيد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولذلك كان الناس فرحين مستبشرين ويريدون الفرجة على السينما التي كانت ظروف الحرب وصفارات الإنذار تعكنن عليهم وتمنعهم من ارتيادها. أما فيلم العيد فكان (تاكسي الحنطور)، بسينما رويال بطولة محمد غبد المطلب وماري منيب وشكوكو وإسماعيل ياسين- حوار ابو سعود الإيباري، وإخراج أحمد بدرخان، ألحان ومحمد عبد الوهاب ومحمود الشريف، وتوجد 4 حفلات يوميًا تستطيع أنت وأسرتك بعشرة صاغ أن تقضي اليعد مع هذا الفيلم، مع شراء شوية كحك ومسكرات بالباقي، ويمكنك لو كنت من ميسوري الحال أن تضحي "بشلن كمان" وتذهب إلى سينما أوبرا؛ حيث يعرض الفليم الغنائي الاستعراضي الفكاهي "أول الشهر" لصباح وحسين صدقي. هذه بعض ملامح العيد الذي لا يزال المصريين يشاهدون صورها في الصحف والمجالات القديمة التي يحرص كبار الأسرة على الاحتفاظ بها، فينظرون إليها لتبتسم أثغارهم ويطلقون تنهيده ويقولون "أيام".