في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة عامها المالي الجديد وسط حزمة إجراءات مشددة تمس الدعم الممنوح للفقراء، بعد إصابة موزانتها العامة بالعجز دون حلول، معلنة التقشف في كافة بنود مضروفاتها، بدأت وازرة الثقافة عامها بعدد لافت من المهرجانات والفعاليات الفنية التي يتم إقامتها حاليًّا في توقيت متزامن، دون أي تنسيق بين مؤسساتها المختلفة، وبميزانيات ضخمة، دون أن تحقق الهدف منها؛ لأنها تعاني جميعها من ضعف الإقبال الجماهيري، وعدم الإعلان بشكل لائق عن معظمها، حتى يعرف الجمهور أن هناك مهرجانات وحفلات وأنشطة أخرى تنتظر حضوره. في الهيئة العامة لقصور الثقافة وحدها، تقيم الهيئة أكثر من 50 سرادقًا رمضانيًّا في مختلف محافظات وقرى مصرية، بجانب نشاطها المركزي الرئيسي بالقاهرة والمقام بالحديقة الثقافية بالسيدة زينب، من خلال برنامج رمضاني يستمر حتى نهاية الشهر، يتضمن تقديم عروض مسرحية وندوات وأمسيات وحفلات للفنون الشعبية والغناء، بجانب معارض الحرف والفنون الشعبية وغيرها، بتكلفة تتخطى المليون جنيه، إضافة إلى إقامة ثلاثة مهرجانات دفعة واحدة لفرق الأقاليم المسرحية، تعرض ثلاثة عروض في اليوم الواحد في نفس الموعد على ثلاثة مسارح مختلفة بالقاهرة والجيزة، هي السامر والشباب بالعجوزة والمهندسين، والعائم الكبير بالمنيل، ولا تشهد العروض الثلاثة إقبالاً جماهيريًّا لافتًا، يتناسب وحجم ميزانيات هذه المهرجانات التي تستقبل عروضًا لفرق من محافظات تتكلف تنقلات وإقامة بفنادق القاهرة لا تعادل عدد الجمهور المستفيد من هذه الفعاليات. وفوق كل ذلك تقدم الإدارة العامة للمسرح بهيئة قصور الثقافة في نفس التوقيت عرضًا مسرحيًّا أنتج خصيصًا للعرض خلال رمضان الجاري بقاعة منف بالعجوزة، وهو ما يضع تساؤلاً حول مبرر تعبئة كل الأنشطة والفعاليات خلال شهر رمضان، في الوقت الذي تتجمد فيه الأنشطة طوال العام، ولا يتم توزيعها بشكل عادل زمنيًّا وجغرافيًّا؛ حتى تتحقق فلسفة عمل هيئة قصور الثقافة، كمؤسسة خدمية تهدف إلى تقديم أنشطتها في حضور الجمهور لا في غيابه. في التوقيت نفسه يقيم مركز الإبداع الفني بالأوبرا، وبدعم مالي من صندوق التنمية الثقافية، مهرجانه الأول المسمى ب "موسم نجوم المسرح الجامعي"، الذي بدأت فعالياته قبل أيام وتستمر حتي نهاية الأسبوع الجاري. وفي ساحة الأوبرا أيضا وعلي مسرح الميدان يدعم قطاع الإنتاج الثقافي بمختلف الإدارات والمراكز التابعة له الخيمة الرمضانية للقناة الثقافية المصرية،والتي تبث فعالياتها علي الهواء مباشرة طوال الشهر،وتتضمن فقرات الخيمة عروضا لفرق الموسيقي والغناء والفنون الشعبية وبعض العروض المسرحية التي يتحمل قطاع الانتاج الثقافي نفقات تشغيلها بشكل يومي وسط حضور عدد من النخبة والمثقفين وضيوف القناة من الجمهور النوعي! وداخل الأوبرا أيضا لا تخلومسارحها من عروض وبرامج يومية تتنوع ما بين فرق تابعة لوزارة الثقافة وأخري حرة،إضافة إلي فعاليات مهرجان آفاق مسرحية المقام علي مسرح مركز الهناجر للفنون بالأوبرا أيضا،وكلها أنشطة تبحث عن "جمهور". الوزارة لم تتوقف عند هذا الحد تشارك ببرامج وعروض في كافة مراكزها الثقافية المنتشرة بالقاهرة وعدد من المحافظات وإحتفالات شارع المعزبالمشاركة مع وزارات السياحة والأثار ومحافظة القاهرة. بجانب الفعاليات التي يقيمها البيت الفني للفنون الشعبية علي مسرح البالون بالعجوزة،وبعض المسارح الأخري بالعاصمة،وعدد من المحافظات. ومعرض الكتاب بفيصل الذي تقيمه الهيئة المصرية للكتاب سنويا خلال شهر رمضان وتشهد فعالياته المصاحبة اقامة عدد من الندوات والأمسيات الثقافية والفنية. أن تنجح الوزارة في تنفيذ وإقامة كل هذه الفعاليات في توقيت واحد،يحسب لها كجانب تنظيمي،ولكن من الواجب علي وزيرها د.جابر عصفور، إعادة النظرفي الخريطة الزمنية لهذه الأنشطة،حتي تتحقق أهدافها،دون أن تكون الوزارة بكافة مؤسساتها وهيئاتها،سببا في إهدار العام.