لا تتكلم.. لا تتحرك.. لا تعي شيئًا مما حولها.. كل ما تعرفه في الحياة عمتها العجوز، التي نذرت حياتها لخدمتها بعد حرمانها من أبيها وأمها. «منال شوقي» فتاة معاقة تقيم بمساكن السلام إحدى المناطق العشوائية بمدينة طنطا، ولدت قعيدة كغيرها من الذين يعيشون بيننا ونراهم ونشفق عليهم، ولكننا لا نمد لهم يد العون، ولا نلبي مطلبهم في حياة طبيعية ومستقرة. منال التي ولدت بضمور بالمخ وشلل دماغى، وهي الآن تعش بجهاز حركى متوقف تمامًا مع عمتها التى لم تتزوج من أجل تربيتها، حتى بلغت من العمر أرذله، تكفلت برعايتها رغم أنها لا دخل لها. تحاورنا مع عمتها، فقالت إن منال عمرها 19 سنة وهى قعيدة تزحف فقط على الأرض ولا تتكلم، تقيم معها فى هذه الشقة الضيقة منذ طفولتها، وليس لها متطلبات سوى توفير الدواء ومصروفات الحفاضات اليومية. وعن والديها تقول "لا نعرف إذا كانت أمها حية أو ميتة، ووالدها بالسجن لتوقيعه على شيكات لم يستطع الوفاء بها"، وأضافت أن المشكلة الحقيقية تتمثل في أن الحكومة لا تعترف بالمعاقين في مصر، فهي تتباهى بمدى اهتمامها بالمعاقين أمام الدنيا كلها، مؤكدة أن ذلك الاهتمام للدعاية ليس إلا؛ حتى تظهر بمظهر مشرف أمام جمعيات حقوق الإنسان، وناشدت السيدة كافة المسئولين بضرورة الاهتمام بالمعاقين وتوفير متطلبات الحياة والعلاج لهم. منال لا تتكلم، لكنها عبرت عن سعادتها بمجرد زيارتي لها باللغة التي يفهمها العالم كله "الابتسامة"، وطلبت بلغة الإشارة أن أحضر لها كوب شاي وكيس شيبسى وعصيرًا.. هذه كانت طلباتها منى، ولما رأتني أنصرف، تمسكت بيدى، ولم تتركني إلا عندما وعدتها بأن أعاود زيارتها باستمرار.