نعم سعينا نحن نفر – ممن يعجز أي من كان أن يزايد علي انتمائنا لهذه البلد- الي لقاء السيسي والالتفاف حوله والجلوس حول طاولة اجتماعاته، نعم سعينا نحن – من ليس فينا واقف علي سلم الخدم ينتظر الدور في الصعود – الي القري والنجوع لنجيش الناس حبا في الرجل، كنا شعبا بفلاحيه وعماله ومثقفيه، فقراءه وأثريائه والمستورين فيه – الذي جاء كإجابة واضحة علي مرحلة تتهدد فيها مصر في الداخل والخارج. نعم فرحنا بالدستور الذي لم يكن اختيارا ولا استفتاءا وحسب ولكنه كان اختيارا للسيسي ليعبر بنا فوق هذا المنحدر. نعم خرجنا بالملايين لنختاره رئيساً فلم نكن إخوانا ولا نحترمهم ولا نتعاطف معهم، ولم نكن مترددين بينه وبين منافسه،فالبوصلة واضحة واللحظة فارقة ولا تحتمل التجريب في مستقبل وطن ومصير شعب. نعم نعرف أن دعم فقراء هذا الشعب يستنزف مئات المليارات، ونعرف أيضاً أننا تعرضنا لأكبر عملية سطو للأرض والعقول، وأن السطو تحول الي أرقام في بنوك العالم، وتحول أيضاً الي غول يفتك بكل أسرة أو بفرد من أفرادها مرة تحت اسم السرطان ومرة تحت اسم فيروس سي، ومرة تحت اسم فشل كبدي وكلوي ومرة تحت اسم جهل أبجدي وجهل ثقافي، وأطفال تنام تحت الكباري وتتعرض الي كل ما يلوث الطفولة. نعم نعرف أن اقتصادنا وصل الي دائرة الخطر وأنه غير قادر علي سد عجزه، وأننا نأكل بمد اليد للآخرين وأن الآخرين لن يطعمونا ويدفعون رواتبنا الي ما لانهاية، وأن لقمة العيش إذا ما جاءت من غير ضربة الفأس وماكينة المصنع فلن يكون قرارنا ملكنا. نعرف كل هذا ونعرف أكثر من وزير المالية، ونعرف أكثر من العالمين والمرهقين بترتيب مبررات رفع الدعم عن الطاقة لسبب بسيط جداً هو أننا نحن الذين سعينا الي السيسي لم نمنحه شيكا علي بياض، وإنما كنا شركاء السراء والضراء، شركاء افتراضين في الإدارة الرشيدة التي يمكن أن تخرج بمصر من دائرة الخطر، لم نسع الي منصب، ولم نسع الي الأجهزة التي ترتب المناصب ولكن سعينا كان انتقالا لمرحلة نضالية أخرى من الثورة الي الدولة ومن الغضب الي البناء ومن اللانظام الي العمل والنظام، لذلك نحن نعرف أكثر من أي وزير ومن رئيس وزارة المقاولات. وعندما تتضح الرؤية وتتحدد البوصلة ونسير غير نادمين علي شيئ وتضيق مساحات الانتظار، لن يكون الشيك علي بياض، ولن نبرر ونلبس ثوبا غير ثوب الفقراء والباحثين في صناديق القمامة ولا يعرفوا كيف ينطقون كلمة ماونتن فيو. الشيك لم يكن علي بياض، والتفويض لم يكن من أجل مزيد من العوز وامتهان الكرامة. الشيك لم يكن عل بياض وما يحدث لم يكن واردا في بنود الاختيار للدستور وللرئيس. الشيك لم يكن علي بياض والفرحة لم تكن خادعة، والكلمات لم تكن مزيفة. الشيك لم يكن علي بياض ولم نكفر بالاختيار بعد، والشعب هو الداعم والسند لحرب الداخل والخارج. الشيك لم يكن علي بياض والمعادلة التي ترفع الأسعار عن المعوزين والباحثين في صناديق القمامة لا تبني بلد ولا تصون وطن. الشيك لم يكن علي بياض، الباطل بين والباطل هو ما يحدث الآن، فليس منا من يبتلع كلمته وليس منا من يضع ضميره وسمعته تحت الوسادة، وليس منا جهلة ولا أغبياء ولا يطيعون أحدا غير الله.