تعليم الغربية يكرم الطالب مهند خضير الحاصل على ذهبية بطولة العالم لشباب الخماسي الحديث    بهاء شعبان: الأحزاب القديمة لم يتراجع دورها ونتائج انتخابات الشيوخ أقرب لتقسيم المقاعد    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    القومي لحقوق الإنسان يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني    المجتمعات العمرانية تكشف أسباب سحب أرض نادي الزمالك بحدائق أكتوبر    خبر في الجول - حلول منتخب مصر لإزمة إصابات الدفاع أمام إثيوبيا وبوركينا    كورييري ديلو سبورت تكشف حقيقة رغبة مانشستر يونايتد في بيع زيركزي    حريق هائل في كرم نخيل بمنشأة العماري بالأقصر والحماية المدنية تسيطر (صور)    خالد جلال ناعيا الدكتور يحيى عزمي: تخرجت على يديه أجيال من السينمائيين    جائزة كتارا لرواية العربية تعلن قوائمها القصيرة لدورتها الحادية عشرة لعام 2025    مرض ADHD أسبابه وعلاجه    بعد وفاة الطفل حمزة، 7 أضرار كارثية للإندومي والنودلز سريعة التحضير    الأرصاد تحذر من كتلة هوائية صحراوية ترفع درجات الحرارة إلى 44 (فيديو)    بعد منعه راكب بسبب «الشورت».. تكريم رئيس «قطار الزقازيق» بشهادة تقدير    آداب حلوان تعلن شروط القبول بأقسامها للعام الجامعي 2026/2025    رغم مزاعم عصابة العسكر..تراجع الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصرى وهمى وغير حقيقى    مدير أوقاف الإسكندرية يتابع لجان اختبارات مركز إعداد المحفظين بمسجد سيدي جابر    تعاون جديد بين "غرفة القاهرة" وشركة "فوري" لميكنة الخدمات والتحصيل إلكترونيًا    رئيس جامعة قناة السويس يُصدر قرارات تكليف قيادات جديدة بكلية التربية    أمن المنافذ يضبط 53 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    التحقيق مع 3 أشخاص بتهمة غسل 100 مليون جنيه من النصب على المواطنين    إطلاق أسماء 4 نقاد كبار على جوائز أفضل مقال أو دراسة حول الأفلام القصيرة جدا    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    وزيرة التخطيط والتعاون تتحدث عن تطورات الاقتصاد المصري في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    صور.. تأثيث 332 مجمع خدمات حكومية في 20 محافظة    واعظة بالأزهر: الحسد يأكل الحسنات مثل النار    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    ضبط 433 قضية مخدرات فى حملات أمنية خلال 24 ساعة    قرار جديد من وزارة الداخلية بشأن إنشاء مركز إصلاح (نص كامل)    البورصة تواصل ارتفاعها.. وانخفاض ربحية شركة كونتكت بنسبة 17%    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    هل يمكن أن تسبب المشروبات الساخنة السرطان؟.. اعرف الحقيقة    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    وزيرا الإسكان والسياحة ومحافظ الجيزة يتابعون مخطط تطوير منطقة مطار سفنكس وهرم سقارة    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات حاسمة من السيسي لمحافظ البنك المركزي    على ملعب التتش.. الأهلي يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة المحلة    السبت.. عزاء الدكتور يحيى عزمي عقب صلاة المغرب في مسجد الشرطة ب6 أكتوبر    عماد أبوغازي: هناك حاجة ماسة لتغيير مناهج التاريخ فى الجامعات    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة غزل المحلة    وزير الخارجية يعرب لنظيره الهولندي عن الاستياء البالغ من حادث الاعتداء على مبنى السفارة المصرية    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    ياسمين صبري ناعية تيمور تيمور: «صبر أهله وأحبابه»    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    الاتحاد الأوروبي يخفض وارداته من النفط إلى أدنى مستوى تاريخي    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في الفاشر    أبرز تصريحات لقاء الرئيس السيسي مع الشيخ ناصر والشيخ خالد آل خليفة    عاجل- الكرملين: بوتين وترامب يبحثان رفع مستوى التمثيل الروسي والأوكراني في المفاوضات    جمال الدين: نستهدف توطين صناعة السيارات في غرب بورسعيد    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    القبض على المتهمين بالتشاجر والتراشق بالحجارة في مدينة الشيخ زايد    فلسطين.. إصابات بالاختناق جراء اقتحام الاحتلال مدينة بيت لحم    سعر الزيت والمكرونة والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار فؤاد راشد: السلمي وجنايات السلطة علي أهلها!
نشر في البديل يوم 24 - 11 - 2011

قبل كل شيء أتقدم بالتعازي لمصر الحبيبة في شهدائها الأبرار الذي ارتفعوا- ولا أقول سقطوا – إلى أعلي مكان من ضمير وتاريخ أمتهم بيد مجرمة آثمة أيا كانت تلك , وليس ببعيد عن دم الشهداء الأحرار أن نتكلم عن واحدة من مقدمات المشهد الدامي وهي وثيقة السلمي , فهي نقطة بارزة في خط سير الاجهاز علي الثورة واعادة تكريس ما ثارت مصر ضده !
كنت أتمني للدكتور علي السلمي الايتورط في هذا ( العجن ) الدستوري المثير للأسي والضحك المر فليس من المعقول الا تنتج الثورة بيد من أمسكوا بزمامها بقوة الأمر الواقع قانونا للعزل السياسي ثم تنتج هذا المسخ المشوه متمثلا في تلك الوثيقة , ولكن ماذا نفعل للسلطة وكرسي السلطة في مصر وتأثيره الرهيب سلبا في الغالبية الساحقة من الجالسين عليه علي مدي تاريخنا حتي أننا في العادة نقسم تاريخ من توليها الي قبل وبعد السلطة.
كنت أعجب وأنا طالب بالجامعة عندما أعرف أن أستاذا لنا عرض عليه أن يكون وزيرا فأبي , وكنت أعجب من تبرير بعضهم الرفض بأنه (اشتري نفسه ) ! لم تكن الحقائق بادية أمام ناظري في ذلك الوقت ثم انجلت الحقائق ساطعة تشع مرارة فيما بعد أمام ناظري , فليست السلطة المطلقة وحدها مفسدة ولكن يبدو أن السلطة في بلادنا لها أثر سيء علي أكثر الناس الا من رحم ربي ! فهل يدخل السلمي نفس بابي سابقيه باب الانتماء لأحلام الناس ثم باب الانقضاض علي تلك الأحلام مع تولي السلطة ؟
دخل اسماعيل صدقي التاريخ مناضلا وكان صديقا لمصطفي كامل باشا منذ كانا طالبين بالحقوق , ثم كان رفيق سعدذغلول باشا الي منفاه ابان ثورة تسعة عشر ثم لما صار رئيس الوزراء خرج من الباب الأول ودخل من باب أسود فهو من فصل دستور الف وتسعمائة وثلاثين علي هوي الملك فؤاد المستبد بطبيعته وتكوينه وضرب عرض الحائط بدستور الف وتسمائة وثلاثة وعشرين وهو الدستور الذي نالته مصر بعد كفاح مرير ضد سلطة الملك وعقب ثورة تسعة عشر , وأصبح هو المحتمي بسلطة المندوب السامي البريطاني ثم صار علامة ومثلا علي الحكم القمعي والقهر وملاحقة الأحرار سجنا وضربا وسحلا !
ودخل النقراشي باشا التاريخ ضمن قيادات ثورة تسعة عشر فلما صار رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية ارتكبت في عهده مجزرة كوبري عباس الثانية ضد الطلبة المتظاهرين مطالبين بجلاء بريطانيا عن أرض مصر , وكانت المجزرة الأولي في عهد الملك فؤاد ووزارة نسيم باشا في العام الف وتسعمائة وخمسة وثلاثين .
وكان صوفي أبو طالب أستاذا جامعيا مرموقا , وكنت أحد تلاميذه , وكان يبدي رأيه علنا وبلا تردد حتي في المسائل الشائكة , وكان يهاجم الاتحاد السوفيتي وأطماعه في مصر بعد هزيمة يونيو عام الف وتسعمائة وسبعة وستين , وقد سمعته مندهشا معجبا بقوته في قول الحق , فلما صار رئيس مجلس الشعب كان هو من وصف حملة اعتقالات السادات لخصومه بالثورة الثانية كما وصف اعتقال السادات لخصومه في العام الف وتسعمائة وواحد وسبعين بالثورة الأولي !
ونعود الي الوثيقة الكارثية فقد عمدت الي دس السم في العسل , ولكن العسل باهت اللون سيء الطعم فاقد الصلاحية بينما السم ناقع قتال , وهناك أسلوب شائع في التمويه لم يكن السلمي فيه أستاذا بل مجرد تلميذ مبتديء , وقد مارسه علي مدار التاريخ كل من قننوا للطغيان , والمثل الشعبي المقابل له هو اثارة مشاجرة ترتفع فيها الأصوات ويعلوا الصراخ بينما الهدف من اثارتها هو استلاب مال بعض من ينشغلون بالصراخ المفتعل , وكانت استفتاءات السادات بوجه عام نموذجا لهذا الخداع , فكان يضع بنودا تدغدغ مشاعر الناس هي العسل الزائف بينما يدس في الاستفتاء مزيدا من الكوابح علي حرياتهم ويضع عقوبات تصل الي الأشغال الشاقة !
تغرق الوثيقة القاريء في تفاصيل طويلة لاخلاف عليها ولا نعرف جدوي لطرحها فهي من قبيل المسلمات الوطنية مثل لغة مصر الرسمية وأنها العربية وأن دينها الرسمي هو الاسلام وأنها دولة جمهورية ثم تتطرق الي عبارات انشائية ليس لها أي مضمون محدد مثل الحديث عن التمنية الشاملة وعن نهر النيل وأهميته وأن مصر جزء من قارة أفريقيا وهو كلام عجيب كأن يقال ان الشمس تشرق صباحا من الشرق أو أن ليبيا هي الجارة الغربية لمصر , فهل زعم أحد أن مصر جزء من دول اسكندنافيا ؟ أم أنه الغبار الانشائي والكلام المكرر المريب وأن بيت القصيد في الوثيقة النكبة هو ماجاء ببندها التاسع وبندها الأخير حيث تقرر الوثيقة أن القوات المسلحة هي وحدها التي توافق – وحدها ودون غيرها !!! – علي أي تشريع يتعلق بها ومناقشة مواد ميزانيها !!!! وهي بهذه المثابة تصبح دولة لاداخل الدولة بل فوق الدولة , ثم نصل الي البند الأخير وهو مراقبة القوات المسلحة لعملية وضع الدستور بحيث تكون رقيبا أعلي ووصيا لاترد كلمته هي ومن بعدها المحكمة الدستورية علي واضعي الدستور فاذا رأت أن الجمعية المشكلة جنحت الي ماينافي المقومات الأساسية للدولة والمجتمع المصري أو الحقوق والحريات العامة أن تطلب من الجمعية اعادة النظر في النص أو النصوص الجانحة فان أبت عرض الأمر علي المحكمة الدستورية العليا لتصدر قرارا يلزم الجميع وهنا تكون كلمة المحكمة فوق ارادة كل ممثلي الشعب وهم جيش جرار من الشخصيات العامة ورجال القانون عددهم ثمانون عضوا يمثلون كل أطياف المجتمع وكل طوائفه ومنهم قضاة كبار وأساتذة قانون دستوري وهو عجن عقيم ولولا ترددي في قول ما يسيء لأوردت وصفا أشد قسوة من وصف العجن !
ولنا أن نتساءل هل للوثيقة من هدف حقيقي غير ماتعلق بتقرير امتيازات للقوات المسلحة , وأنا أجزم – كرجل قانون – بلا والف الف لا .
ان الدستور يعلو ولايعلي عليه في كل بلاد العالم المتحضر , وترجمة الكلمة الانجليزية والفرنسية هي تكوين أو تشكيل مبدئي والمصطلح يعني القواعد الأساسية التي يبني عليها كل قانون لاحقا , وقد درست – ككل طلبة الحقوق – مادة القانون الدستوري في السنة الأولي , وعلي هذا فكل من تجاوز في دراسة القانون عاما واحدا يعلم أن ما أوردت هو بديهيات لامجال للمساومة فيها أو الأخذ والرد , ثم مامعني أن توافق القوات المسلحة علي التشريعات المتعلقة بها ؟ وماذا لو طالبت كل الجهات و الهيئات خاصة تلك التي لها صلة بالقانون والتشريع أكثر من صلة القوات المسلحة كالقضاء مثلا , فهل يجوز أن يوضع نص يقرر للقضاء حق أن يوافق وحده دون غيره علي أي تشريع يتعلق به ؟ وما هو الدافع لهذا الكلام العجيب من الأصل ؟ وماالداعي الي فرض وصاية علي الناس مقدما من قبل القوات المسلحة؟ وهل دفعت مصر ثمنا عزيزا من دم أبنائها الأبرار لتنال حريتها ثم تجدها في النهاية تنتقل من وصاية مبارك الي وصاية القوات المسلحة علما بأن الدم الذي أريق هو دم جموع المصريين وبرغم أن القوات المسلحة هي من الشعب ومملوكة له فانها لاقامت بالثورة ولا أريقت دماء أبنائها وحتي لو كانت هي التي أجهزت علي النظام البائد فان ذلك ماكان يصح مسوغا عقلا ولامنطقا لأن تصبح دولة فوق الدولة لها وصاية علي الشعب كله بكامل أطيافه ؟ فمتي نكف عن مثل هذاالنهج و الفكر ؟ الايكفي – هما وغما – أن غالب أجهزة الاعلام حذفت اسم مبارك من قصائد المديح اليومية ووضعت مكانه اسم المجلس الأعلي للقوات المسلحة ؟!! ولماذا التردد فيما قامت الثورة لأجله كالتطهير بينما نجد الاندفاع السريع فيما قامت الثورة لمناهضته كتكريس الوصاية علي تسعين مليون مصري بينهم خريجو جامعات يعادلون عدد سكان دولة العدو الصهيوني في أرضنا المحتلة ؟ وأخيرا أتوجه بالنصيحة الخالصة للدكتور علي السلمي , لوجه الله ولوجه مصر , لو كنت مكانك لفعلت أمرين لاثالث لهما هما سحب الوثيقة والاستقالة فورا مع تقديم الاعتذار عنها لكل المصريين , عندها , وعندها فقط سوف ننسي للسلمي وثيقته ويعود الي صفوف الجماهير التي خرج منها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.