ليس من السهولة بمكان أن أخفى شعورى بالصدمة لدى معرفتى بالحكم الصادر ضد الناشط السياسى والحقوقى، علاء عبد الفتاح ورفاقه، والقاضى بالحبس 15 سنة، وغرامة 100 ألف جنية، عطفاً على خمس سنوات تحت المراقبة. وليس أيضاً من قبيل التكرار القول بعدم التصدى للحكم أو التعليق عليه، وهو ما درج عليه بشأن أحكام قضائية سابقة. لكن ما يلفت الإنتباه هو إصرار وسائل اعلامية على تسمية المسألة "بقضية مجلس الشورى"، متجاهلة عن عمد كونها فى الحقيقة والواقع، تظاهرة سلمية للإعتراض على قانون التظاهر الذى صدر مؤخراً، ولم يعرض على اى حوار مجتمعى، ولم يسمع فيه رأى من يهمهم الأمر. ومما له صلة، حتى بعض الأصوات الإعلامية القليلة التى تعرضت لهذا الموضوع، خاصة الإعلامى، يسرى فودة، نالها، ومايزال، الكثير من الهجوم، لكونها حاولت أن تغرد خارج السرب!!. ورغم معرفتى السابقة، خاصة بوالد علاء، الصديق والزميل أحمد سيف الاسلام، ووالدته، ومتابعتى لشقيقته، منى، ودورها الرائع فى رفض المحاكمات العسكرية للمدنيين، و زوجته الفاضلة، غير اننى لم يسبق لى معرفة علاء بصورة شخصية، سوى متابعتى لما يقوم به، قد اتفق معه، واختلف، فيما يطرحه من أفكار، ولكن حتى الخلاف معه، يدخل فى مجرى حرية التعبير عن الرأى، لا يستوجب أية خصومة شخصية، كما هو حالى مع الكثيرين . وتواصلاً مع مبدأ عدم التعرض أو التعليق على حكم قضائى، بيد أن مايمكن قوله يتعلق بسياق هذا الحكم الصادم وملابساته . وفى حالة صدق ما ردده المتعاطفون مع علاء ورفاقه، وما صدر من تصريحات لوالدة علاء فى هذا الخصوص, فإن تساؤلات عديدة، وعلامات استفهام كبرى تطرح نفسها بقوة، خاصة صدور الحكم غيابياً، رغم أن كافة الشواهد تؤكد أن "المتهمين" فى هذا الموضوع كانوا متواجدين، وتم تعمد إعاقة والحيلولة دون حضورهم، كذلك الحال مع فريق الدفاع، من المتطوعين والحقوقيين، وبالتالى حرمانهم من ممارسة دورهم فى تفنييد ما هو موجه للمتهمين من اتهامات ودحض الأدلة. ومما يؤكد ذلك أيضاً قيامهم بسرعة تسليم أنفسهم، طواعية، للجهات المعنية. بل الأخطر والمهم ما صرحت به والدة علاء عبد الفتاح " من أن القاضى الذى أصدر هذا الحكم الصادم كان من ضمن الذين قاموا بتزوير انتخابات 2005 الشهيرة لصالح الحزب الوطنى وبتدبير من أحمد عز ومن لف لفه، ومثل هذه الواقعة كانت من بين أهم مقدمات ثورة 25 يناير المجيدة، وهنا يمكن القول: كيف يمكن لقاض تثور حوله كل ذلك أن تسند إليه هذه القضية، والمتهمون فيها هم من ثوار ثورة 25 يناير وما لعبوه من دور مهم ومؤثر فيها، أليس فى الأمر "شبهة" تصفية حسابات وتعارض مواقف ومصالح ؟؟ وفى سياق " مهرجان البراءة للجميع " من رموز عهد مبارك وما اقترفوه بحق هذا الشعب، كيف يمكن تقبل هذا الحكم الصادم دون أدنى شعور بكونها مكيدة دبرت ضد هولاء الثوار، مهما اتفقت أو اختلفت معهم ، ولكن دورهم فى الثورة، على أدنى تقدير، دور شهد به الجميع. وتمشياً مع أحكام أخرى ذات علاقة، راح ضحيتها أرواح شباب الثورة، وأصابتهم بعاهات مستديمة، على سبيل المثال لا الحصر ،قضية قناص العيون ، كما تعرف إعلامياً، هل الحكم فى مجمل هذه القضايا بنفس درجة قسوة الحكم على هؤلاء الثوار: 15 سنة سجن، و100 ألف جنية غرامة، وخمس سنوات مراقبة!! سؤال أترك لضمير القارئ الاجابة عليه دون أدنى محاولة للتأثير. وفى السياق الأشمل، ثمة ضرورة عاجلة وملحة، تتطلب إعادة النظر فى قانون التظاهرومواده وأهمية أن يكون فى مثل هذه المرحلة لتنظيم حق التظاهر المعترف به دستورياً وفى كافة الاتفاقات الدولية التى وقعت عليها مصر من قبل وتتعلق بحقوق ومواثيق الانسان وحرياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتى يعنى التوقيع عليها انها أصبحت ضمن القوانين المصرية ويتوجب عدم الإخلال بما تنص عليه . عطفاً على دستوريتها . والقول الخاتم ، فإن العلاقة مع شباب الثوار، وإزالة كافة الشوائب التى تحول دون إقامة علاقة مستقيمة وقوية تحتل مكانة مهمة تفوق فى ترتيب الاولويات كافة المبادرات الأخرى التى تسهم فى تحقيق الأمن والاستقرار، ولا يمكن لأى نظام يدعى صلته بالثورة أن يكون فى حالة صدام مع الثوار. وفى الوقت الذى يتجه فيه الرئيس الحالى نحو اصدار عفو عن مبارك واسقاط كافة التهم الموجه له، أليس من الأهم اصدار عفو غير مشروط عن هؤلاء الثوار ليواصلوا دورهم فى تحقيق أهداف ثورتهم؟ وهو ما يفرض سرعة المبادرة باتخاذ هذه الخطوة الهامة وقبل فوات الآوان.