أصاب الإعلامى الساخر ومقدم برنامج "البرنامج" باسم يوسف كبد الحقيقة عندما شرح فى لقاء وداعي من ذات مسرح سينما راديو الذى يصور ويقدم منه برنامجه، أن السبب الأبرز هو أن المناخ العام أصبح غير مواتياً لمواصلة تقديم برنامجه، ولذلك كان قرار فريق العمل هو التوقف كلية عن المواصلة. وسبق لى، ومن هنا على صفحات البديل، أن كتبت أكثر من مرة حول ظاهرة باسم يوسف، وما تمتع به من جماهيرية وشعبية، أثارت مزيداً من الجدل، ما بين مؤيد ومعارض، وتلك سمة عامة لأى برنامج ناجح، حيث ليس مطلوباً منه، كما ليس متاحاً بالطبع، أن يرضى كافة الأذواق، من يؤيده يتواصل فى متابعته، ومن لا يرضيه، عليه إدارة المؤشر صوب قناة أخرى!! . بيد أن الأمر الذى يتوجب الوقوف عنده كثيراً، هو حالة الشحن والإستعداء المقصود تجاه مثل هذه النوعية من البرامج، وحملات الهجوم الممنهج عليه، وسياسة توزيع الأدوار لتحقيق هذا الهدف ، وحالة الهجوم والتربص بالمسرح وفريق الإعداد، بما يتوافق مع تواصل سياسة تكميم الأفواه . مثل مجمل هذه الضغوط على إدارة أى قناة، ورفض باسم المواصلة من قناة أخرى تبث من خارج مصر، تحسباً لدعوات التخوين وحتى العمالة، تصب فى مجرى سياسة تكميم الأفواة، والدور كان على باسم وفريق إعداده، والبقية تأتى على كل من يغرد خارج السرب!!. وبطبيعة الحال، فقد كان برنامج "البرنامج" مكاناً للتنفيس على حالة الضجر والغضب للمزاج الشعبى العام، وحتى ذلك لم يكن مقبولاً أو مرحباً به. وفكرة البرنامج تستمد مادتها فى قضية بعينها من مادة حقيقية مسجلة بالصوت والصورة ، وليس من خيال صانعيه، لهذا اكتسب مصداقيته عند من يؤيدونه، ومعارضة من يمسهم الأمر بشكل مباشر، ومما له صلة ، أنا لست مع تلك الدعوة المطالبة للرئيس الجديد بأن يتولى التليفزيون المصرى انتاج البرنامج ومواصلة تقديمه، لانه فى هذه الحالة سيكون محملاً بالكثير إزاء هذه اللفتة ، مما يفقده مصداقيته، ويضيق من مساحة النقد والسخرية، لان التليفزيون المصرى، بحكم طبيعته، لن يسمح بأى انتقاد، حتى لو كان ساخراً، لمن هم فى موقع المسئولية، فما قيمة البرنامج فى مثل هذه الحالة ؟ !! . فالظهور ليس هدفاً فى حد ذاته، المهم المحتوى ، والبيئة العامة غير مواتية . يسرى ذلك على كافة البرامج التى من نوعية برنامج "البرنامج"، ويظل التساؤل هل المناخ العام فقد القدرة على تحمل النقد؟ الشواهد تؤكد صحة الاجابة " بنعم". وفى الواقع والحقيقة، فإن إعلام الثورة المضادة لشعارات ثورتى 25 يناير، و30 يونية، هو المسيطر والمهيمن على المشهد. وبالتالى سوف يزداد تغولاً فى المرحلة المقبلة، خاصة مع تواصل غياب إعلام معبر وناطق بلسان الثورتين . ومن هنا تكتسب الدعوة لانشاء " قناة الثورة " أهمية وضرورة خاصة فى هذه المرحلة الصعبة والحاسمة . ومن ثم، يتحتم دعوة كل الخبراء وأهل الأختصاص لتدارس الصيغة المثلى لخروج هذه القناة، والأهم كفالة استمراريتها . ومن الأهمية بمكان ، الفصل بين الملكية والإدارة، بيحث يقترح مثلاً ، الدعوة لاكتتاب شعبى يغطى تكلفة انطلاق هذه القناة ، والتحوط من هيمنة رجال أعمال لايناصرون الثورتين على رأس مال القناة . على الجانب الأخر، تتبدى أهمية حسن اختيار اكفأ العناصر المؤهلة لإدارة القناة والعمل فيها، وضمان استمرارية وجودها ، وعدم تعرضها مستقبلاً لعثرات مالية تهدد هذه الاستمرارية، مثلما هو الحال لقناة "العروبة "!! وفى هذا السياق ، تتبدى أهمية الدور الذى يقع على عاتق قوى الثورتين ، ومن يلف لفهم ، من دعم انطلاق واستمرارية القناة. وفى المقدمة، أن تكون هذه الانطلاقة قوية ومؤثرة ، بحيث تتيح مصادر اعلانية جيدة تساهم من زاوية أخرى فى المساعدة على استمرار هذه النافذة المعبرةعن شعارات ومبادئ ومطالب الثورتين، وتحميل الجهات المعنية مسئولية أى تعويق لمسيرة القناة الناطقة بلسان وحال الثورتين، وأن هذه الجهات مستمرة فى سياسة تكميم الأفواه، وتضيق ذرعاً بأى نقد يوجه إليها. وفى التحليل الأخي، ثمة تحية واجبة للإعلامى الساخر باسم يوسف وفريق عمله، ولا مجال هنا للمزايدة، أو مطالبتهم بما يفوق الطاقة على التحمل. وبذات الأهمية، مناشدة قوى الثورتين وجماهيرها بدعم قوى ومؤثر لدعوة انشاء قناة الثورة للحد من تغول وانفراد إعلام الثورة المضاد بالمشهد، فلم يعد ممكناً مواصلة الثورة، أو حتى الحلم ، بمعزل عن إعلام قوى معبر عن قوى الثورة خاصة فى ظل استحقاقات هامة ومصيرية مقبلة بمسيس الحاجة لمن يعبر عنها بصدق وشفافية، خاصة، ولا أشعر بالملل من تكرار، أننا لا نملك رفاهية هدر الوقت والجهد.