أتابع منذ فترة تنقلات باسم يوسف بين القنوات المختلفة، من " أون تى فى "، مروراً ب"سى بى سى "، وأخيراً " ام بى سى – مصر"، وحجم معاناته، فى مواصلة تقديم برنامجه الساخر "البرنامج"، حيث "سندان " توقف القناة عن تقديم برنامجه، و "مطرقة" ما ينجم عن أى حلقة من انتقادات، خاصة فى ظل تزايد "حمى هيستريا " المتفشية بين قطاع من الجمهور، وبعض الشخصيات التى يتناولها بالنقد، وهى مهمة ليست بالسهلة لمقدم البرنامج، فى ظل بيئة مستنفرة أصلاً للعداء. ولم يحدث من قبل حالة من "الإجماع " على برنامج معين، بل يتوزع الناس ما بين "مؤيد" و"منتقد "، غير أن الحقيقة أن باسم يوسف أصبح "البسمة" الوحيدة لكثير من الناس بعد عناء أسبوع كامل، ويعكس ذلك حجم الاعلانات المرافقة للبرنامج، وفى خلاله. وضح ذلك جلياً فى الموسم الثالث على قناة "ام بى سى مصر" وما يسمى بالثوابت والمحاذير التى من الممكن أن تتعارض مع حرية انتقاد أى مسئول على المشهد السياسى الداخلى، خاصة فى برنامج ساخر هزلى، وتطوع البعض من محبى الشهرة والأضواء، وربما لأسباب أخرى، فى محاولة لاقتحام مسرحه، ومحاولة استهداف النيل من مقدمه شخصياً، والسب والقذف بحقه لمنعه من مواصلة تقديم برنامجه. وفى مواجهة هذه الحملات المسعورة، يحسب لباسم يوسف محاولاته المتكررة للهروب من هذا التقييد ، وابتكار منفذاً لمواصلة البرنامج، ووضح ذلك، خاصة فى الحلقة الأخيرة، عندما حاول أن يضع برنامجاً سياسياً للمشير،إذا ما قرر خوض منافسات الرئاسة. وللمرة المليون، أعاود تكرار أن لا أحد يجادل فى مضمون ودلالات موقف السيسى من 30 يونيو، وانحيازه لهذه الموجة العاتية من ثورة 25 يناير، والموقف الوطنى الأصيل للجيش . بيد أنه فى حال قرر السيسى خوض غمار هذه المنافسة، والتى ستكون تنافسية مع غيره من المرشحين، تسرى عليه ما عليهم . وأنا لست مع ما تسمى " حملة كمل جميلك " فليس هناك من جميل لأحد على الشعب ، صاحب السلطة وحده ، ومصدر كل السلطات، فأى رئيس جمهورية، أياً ما يكون ، هو موظف عام فى خدمة الشعب . ولقد اذهلنى ما تقدمت به مواطنة ، المفروض انها استاذة جامعية ، من أن السيسى لا يطلب منه تقديم برنامج انتخابى ، فهو فى حد ذاته برنامج انتخابى كامل !! وفى سياق العبث ونزعة التكبر، سبق أن أبدت أخرى " كل الاستياء " من أن يقدم السيسى بنفسه أى برنامج انتخابى، بل يكتفى بإرساله مع احد معاونيه، ووصل الأمر إلى عدم الموافقة على دخول السيسى فى أى مناظرات تفرضها طبيعة المناقسة الانتخابية، وكأننا قد منحنا "شيكاً على بياض" لمرشح بعينه، دون سواه، فعن أى ديمقراطية يتحدثون؟ ومما لاشك فيه، أن تنامى وازدياد مثل هذه الأصوات ، سواء من أصوات شعبيةً ، أو عبر وسائل الإعلام المختلفة، يتعارض، بالكلية، مع أبسط حقوق حرية الرأى والتعبير ، بل ويعمل على تقييد هذه الحرية، وتجريم من يمارسها ، وهو ما يتناقض مع المزاج الشعبى العام . وعلينا ان نتكاتف سوياً للدفاع عن هذه الحرية ، وممارسة انتقاد الشخصيات العامة ، دون أية قداسة مزعومة، وغير مبررة، طالما النقد يصب فى مجرى تصويب الأخطاء والتبيه على حدوثها، رغبة فى دفع مرتكبيها لمعاودة النظر لهذه الأخطاء وتداركها فى المستقبل. وفى التحليل الأخير، ما يقدمه باسم يوسف يستمد مادته، التى يتوجب أن تكون خصبة، مما يفعله من يتصدرون المشهد، ولا يأتى بها من عندياته، هى بالصوت والصورة لهم، فأحرى بهم بدلاً من توجيه سهام الاتهامات له، أن يتدبروا أفعالهم ، وما يصدر عنهم ،وأن يتوقف من لا يريدون الخير والإصلاح للبلاد والعباد عن سياسة تعمد تكميم الأفواة، والمشاركة فى صناعة "فراعين" جديدة، سواء بوعى أو بدون وعى، فالفرعون عندما "يتفرعن" سيطيح بالجميع ،بصرف النظر عن مدى القرب منه، أو البعد عنه، من حاولوا، وغالباً بالنفاق، خدمته، والتكتل لتبرير كافة تصرفاته، دون مبرر أو منطق، ومن استهدفوه بالنقد الموضوعى، وتبيان أخطاء تصريحاته وافعاله، للمصلحة العليا للوطن ومواطنيه. ولباسم يوسف أقول : استمر فيما شرعت فيه، وتحمل تلك المعاناة بشجاعة وقوة، فهذا قدرك، لم تختاره، ولكن كل العزاء فى محبة من يحبونك لانك ترسم البسمة فوق شفاه متعطشة لضحكة من القلب وسط كل الإحباط واليأس الذى فيه عدد ليس بالقليل، هذه ضريبة النجاح التى يحسدك عليها كثيرون.