تميز بتأثيره الكبير على المدارس الفلسفية في القرن العشرين،ومن أهمها "الوجودية، التأويليات، فلسفة النقض أو التفكيكية، ما بعد الحداثة". مارتن هايدجر، الفيلسوف الألماني، الذي تمر اليوم ذكرى وفاته، درس في جامعة فرايبورغ، تحت إشراف إدموند هوسرل مؤسس الظاهريات، ثم أصبح أستاذاً فيها عام 1928، يتهمه كثير من الفلاسفة والمفكرين والمؤرخين بمعاداة السامية، أو على الأقل يلومونه على انتمائه خلال فترة معينة للحزب النازي الألماني. وجه اهتمامه الفلسفي إلى مشكلات الوجود والتقنية والحرية والحقيقة وغيرها من المسائل، ومن أبرز مؤلفاته: الوجود والزمان (1927)، دروب مُوصَدة (1950)، ما الذي يُسَمَّى فكراً (1954)، المفاهيم الأساسية في الميتافيزيقا (1961)، نداء الحقيقة، في ماهية الحرية الإنسانية (1982)، نيتشه (1983). ومن أهم إنجازاته أنه أعاد توجيه الفلسفة الغربية بعيداً عن الأسئلة الميتافيزيقية واللاهوتية والأسئلة الإبستمولوجية، ليطرح عوضاً عنها أسئلة نظرية الوجود (الأنطولوجيا)، وهي أسئلة تتركز أساساً على معنى الكينونة، ويتهمه كثير من الفلاسفة والمفكرين والمؤرخين بمعاداة السامية أو على الأقل يلومونه على انتمائه خلال فترة معينة للحزب النازي الألماني. كانت تجربته في القلق، والتي كشفت له لا الوجود وإنما العدم، أساسية بشكل لافت والذي بدوره كشف له عن معنى الوجود، فالقلق الذي عايشه له صلة بفكرة العدم، فالإنسان يقلق وذلك لكونه يدرك أنه محكوم في النهاية بالموت الذي هو العدم نفسه، والقلق هذا هو ليس الخوف، إذ أن الفرق بين الاثنين واضح: في الخوف يستطيع الإنسان أن يحدد موضوع خوفه والذي يأتي من خطر معروف، أما القلق الذي على الشكل الذي عايشه فإن موضعه وأسبابه تكون غير مفهومة (مبهمة)، منشأ القلق عند ليس الشعور بالذنب بعد ارتكاب خطيئةٍ ما كما عند كيركغور، وإنما منشأه هو الخوف من العدم، فيكون مصدره هو الوجود. كذلك يرى أن أساس علم الطبيعة الحديث يقوم على سيادة التقنية وليس العكس، ويؤكد أن التقنية قوة تتحدى الإنسان وتسلبه حريته ومن ثم يصبح خاضعا لها، ويرى في ماهية التقنية انكشافا عميقا وظهورا في الزمن يسميه ب "الحدوث". حيث أنه حاول عرض مفهوم التقنية وتحليل علاقته بمفاهيم أخرى، فاستخدم في سبيل عرضه لماهية التقنية أدوات الإثبات ليؤكد لنا على أن أساس علم الطبيعة الحديث يقوم على سيادة التقنية التي اعتبرها قوة تتحدى الانسان وتسلبه حريته وتخضعه لها، كما استخدم أدوات النفي لينفي سيادة الانسان على التقنية وإمكانية فهم ماهية التقنية والعالم التقني ما دام الإنسان يتحرك في إطار علاقة ذاته بموضوع التقنية. ليخلص هايدجر إلى أن التقنية :"ليست وسيلة فحسب، بل هي نمط من الانكشاف، ومن ثم فهي عمل إنساني بامتياز".