(1) إلى صناع 30 يونيو… صناع 30 يونيو فقط و ليس غيرهم الذين اختاروا التماهي مع جماعة الإخوان و ضبط ساعاتهم على مواقيتها… بصرف النظر عن أغنية "بشرة خير" الهذلية التي استحقت سخرية واستخفاف جموع المصريين… أدعوكم جميعا إلى النزول و المشاركة في انتخابات الرئاسة المصرية… ما حدث في 30 يونيو ليس ملكا للجيش وحده، بل لم يكن ممكنا للجيش أن يفعل أي شيء بدون هذه الجموع والملايين الصاخبة التي أسقطت حكم المرشد… بل وأكثر من ذلك، فإن الفريق (وقتها) عبد الفتاح السيسي عندما أجتمع مع القيادات السياسية والدينية والمجتمعية في هذا البلد يوم 3 يوليو، كان طرحه الأساسي هو إجراء استفتاء على بقاء مرسي من عدمه، لكن هذه القيادات كانت حاسمة في ردها بأن الشعب قد تجاوز هذا الطرح من زمن، و لن يقبل إلا بإسقاط كامل لحكم الجماعة… أي أنه بمنتهى الوضوح، كانت الجماهير أكثر راديكالية من قيادات الجيش نفسه في التعامل مع الجماعة وإسقاطها… لذلك أكرر أن ما حدث لم تقتصر ملكيته على فرد أو مؤسسة أو تيار بعينه، بل كان شراكة وتحالف طيف واسع أدرك أنه لا بقاء لهذا الوطن بدون إسقاط حكم المرشد… وتقدم بجسارة وإقدام تحدث و سيظل يتحدث عنها التاريخ طويلاً. لذلك فإن النزول و المشاركة في انتخابات الرئاسة القادمة هو استكمال لهذه الشرعية الجماهيرية الكاسحة و تتويجا لها، و ليس دعما لشخصا بعينه أو حتى مؤسسة بعينها…. …………………….. …………………….. ربما يبدوا لكثيرين، و أنا منهم، أنه ليس هناك مما هو مطروح في السباق الانتخابي شيئا ملهما أو يستحق الاندفاع بالتأييد و الحماس له، كما كان الحال أيضا في الانتخابات الرئاسية السابقة، و لكن بالتأكيد فإننا لن ندفع بعجلة التقدم والتجاوز والتغيير بالانعزال و الاعتزال… فإذا كان ليس هناك ما هو مطروح يمكن قبوله بمطمئنيه و ثقة، فإنه بالتأكيد هناك طرحا أكثر سوءا من الآخر… أنزل و صوت ضد هذا الطرح الأسوأ، فيكون صندوق الانتخاب هو صندوق البريد التي تصل من خلاله رسائل احتجاجك و رفضك…. أنا عن نفسي، منذ 25 يناير، لم أتخلف عن أي استحقاق انتخابي، بما في ذلك انتخابات مجلس الشورى التي طالب بمقاطعتها الجميع، ثم بعد ذلك فوجئ جهابذة السياسة أنه أصبح جهة التشريع الوحيدة بعد حل مجلس الشعب، و الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التي طالب بمقاطعتها كثيرون، و لم تؤثر في نتيجتها جحافل المقاطعون، و في كل مرة لم يكن تصويتي تأييدا لطرف على الإطلاق، و لكن رسالة رفض و احتجاج على طرف آخر… و على الرغم من ذلك فإنني في كل مرة شملني شعور بالرضا عن دوري كمواطن ينتمي إلى هذا البلد و سيخوض معاركه حتى أخر لحظة في عمره، و لن يترفع عنها تحت أي مبرر أو يافطة…. أنزل و شارك في صنع المستقبل، و كن مؤمنا بالمثل:- " الصوت اللي ميصبش… يدوش". ملحوظة أخيرة:- أرجوا أن لا يفهم من كلامي أنني لا أريد مشاركة إلا من صنعوا 30 يونيو فقط… فالمشاركة حق للجميع، بل و واجب على الجميع… و لكني لا أرى أي فائدة في مخاطبة من وضعوا وقرا في أذانهم، فهم لا يسمعون. (2) و رسالة أخرى إلى الناصريين: في الحقيقية لا أستطيع أن أتفهم ذلك التشنج والعصبية والقذف المتبادل بين الناصريين المؤيدين للسيسي وهؤلاء المؤيدين لحمدين… فليس هناك على أي جانب شيء ملهم وعظيم يستحق كل هذا التشنج أو العناء في الدفاع عنه… سواء من رجل يبدوا أنه لا يستوعب بالضبط كيف وصلنا إلى هنا، وتغيب السياسة والرؤية و مشروع تغيير جدي عن خطابه… أو آخر لا تبدو مسألة الأمن القومي حاضره في رؤيته بشكل حقيقي على الإطلاق، و برامجه و أفكاره مغرقة في المناورة و محاولة إرضاء جميع الأطراف. سواء كسب السيسي أو حتى حمدين الانتخابات، فذلك لا يعني على الإطلاق أن الناصريون قد وصولوا إلى السلطة، أو أن الناصرية كمبادئ و مشروع تقود… و في النهاية لن يجني الناصريون سوى مزيد من الفرقة و تأجيج الصراع بينهم حتى يصبحوا في النهاية غبار سياسي بلا أي قيمة أو معنى. أيها الناصريون، لا تعطوا هذه المعركة أكبر من حجمها، و حاولوا أن تحصروا الخلاف و تمارسوه بشكل حضاري لا يترك جراحا تظل تنزف طويلا في جسد أصلا مسخن بالجراح…. إذا أراد الناصريون أن يكونوا رقما و يؤثروا في حركة التاريخ، عليهم أن يكفوا عن هذا الانغماس أو الغرق القاتل في صراع اللامعنى هذا، و أن يلتفتوا إلى مشروعهم الأساسي في بناء الناصرية فكريا و أيديولوجيا و اجتماعيا و تنظيميا… فذلك هو السبيل الوحيد للتحرر و التقدم و استئناف المشروع الثوري الوحدوي لجمال عبد الناصر، الذي لا بديل عنه للخروج من هذه المنحدر التاريخي العميق. قالوا: "إذا كنت تخطط لعام واحد فازرع الأرز، و إذا كنت تخطط لعشرين عاما فازرع الشجر، و إذا كنت تخطط لمائة عام فعلم الناس"