قد يرى بعض القائمين على السلطة الفلسطينية ان لا وجود بديل للمفاوضات مع العدو الصهيوني, ذلك أن السلطة اختارت نهج المفاوضات كخيار اساسي ووحيد مع إسرائيل, لتحقيق طموحات شعبنا ونيل حقوقه الوطنية. نعم ترددت أنباء عن قنوات سرية للمفاوضات بين السلطة واسرائيل, أشار إلى ذلك كل من نتنياهو وليبرمان. في هذا السياق ياتي اللقاء الذي جرى في لندن مؤخرا بين محمود عباس وتسيبي ليفني .حتى المفاوضات السرية لن تأتي بجديد, فقد انتهت فترة التسعة أشهر المحددة للمفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني.انتهت دون أن تُسفر عن أيّ شيء سوى المزيد من التعنت الإسرائيلي في رفض الحقوق الوطنية الفلسطينية, ومزيد من الاشتراطات على الجانب الفلسطيني.انتهت كما كان متوقعاً لها بالفشل, فإذا كانت مباحثات عشرين عاماً من التفاوض لم تؤد إلى إقناع إسرائيل بأيٍّ من الحقوق الفلسطينية فهل ستكون فترة التسعة أشهر كافية؟ وهل ستكون المفاوضات السرية كافية؟ من قبل أعلن شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق على هامش مؤتمر مدريد:بأننا سنطيل المفاوضات مع الفلسطينيين عشرين عاماً،وبالفعل طالت المفاوضات إلى هذا الزمن, وليس هناك من مؤشرٍّ ولو صغير بأن تنزاح دولة الكيان قيد أُنملةٍ عن تعنتها. لذا مطلوب من القيادة الفلسطينية الإجابة عن السؤال:ثم ماذا بعد؟.وبخاصة أنها حشرت ذاتها في استراتيجية خيار المفاوضات والمفاوضات وحدها!. أن بديل المفاوضات يتمثل فيما يلي: التوجه للإنضمام غلى كافة المنظمات الدولية بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية .إجراء المصالحة الوطنية ز العودة الى قرارات الأممالمتحدة كمرجعية للحقوق الفلسطينية .إنهاء التنسيق الأمني مع العدو. الأنتفاضة الثالثة. طرح الدولة الديموقراطية العلمانية الواحدة . اللجوء إلى حل السلطة والعودة إلى المربع الاول. العودة للمقاومة بكافة وسائلها بما في ذلك المقاومة المسلحة .نقول ذلك لأن على السلطة إستخلاص الدروسثم عليها أن تستخلص الدروس والعبر من تجربة المفاوضات منذ اتفاقية أوسلو وحتى هذه اللحظة, ولعل من أبرز دروس المرحلة الطويلة المعنية ما يلي: سقوط خيار السلطة في المفاوضات, فالاستيطان الإسرائيلي زاد خلالها أضعافاً مضاعفة عمّا كان قبلها, وتوسعت عدوانية إسرائيل, وأعاد شارون احتلال الضفة الغربية, وزاد حجم الاشتراطات الإسرائيلية على الفلسطينيين وحتى على العالم العربي مقابل القبول بإجراء تسوية محدودة مع الطرفين.القيادة الفلسطينية مطالبة بإيجاد البديل للمفاوضات, فالشعب الفلسطيني يقع في خِضّم مرحلة التحرر الوطني , وأسئلة شعبية كثيرة بحاجة إلى ردود من قيادة السلطة الفلسطينية عليها.والوضع يحتم انتهاج استراتيجية جديدة وتكتيك سياسي أيضاً جديد , فلا يمكن للقيادة ترك شعبها معلقاً في حبال من الوهم عنوانها المفاوضات الفاشلة.نخشى ما نخشاه أن تتعرض السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس شخصياً لضغوطات دولية وبخاصة أمريكية لاستئناف المفاوضات تحت وعودٍ جديدة.لن تنفذ هي الأخرى كما سابقاتها التي لم تنفذ. سقوط الرهان على الولاياتالمتحدة في أن تكون وسيطاً نزيهاً محايداً بين الفلسطينيين والعرب وبين إسرائيل.كانت الولاياتالمتحدة في كل مواقفها حليفاً عضوياً للكيان الصهيوني , تدعمه في مختلف المجالات:العسكرية والاقتصادية والسياسية والعلمية التكنولوجية والمالية , لذا مخطئ من يراهن من القيادة الفلسطينية على أن تكون أمريكا حكماً عادلاً بين العرب وإسرائيل. لقد وعد الرئيس أوباما في بداية رئاسته الأولى: بوقف الاستيطان الإسرائيلي, وبإقامة دولة فلسطينية خلال عامين لكنه لم يفِ بأيٍّ من الوعدين بل تراجع عنهما , وأضحى يطالب الفلسطينيين بالتفاوض مع إسرائيل دون أن يرى في الاستيطان عائقاً أمام المفاوضات.أمريكا شريكة لإسرائيل في كل خطواتها وما أن أعلنت السلطة الفلسطينية عن بدء توجهها بالتسجيل في الهيئات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة, وما أن أعلنت حركتا فتح وحماس عن اتفاق المصالحة, حتى انزعجت الإدارة الأمريكية وتحرك الكونجرس لتفعيل"قانون مكافحة الإرهاب الفلسطيني"الذي صدر من قبل, وينص على:حظر المساعدات الأمريكية لأية حكومة فلسطينية ناتجة عن مصالحة مع حماس.جون كيري وزير الخارجية الأمريكي نفى ما تردد على لسانه من أن إسرائيل ستكون دولة أبارتهايد إذا فشل حل الدولتين.هذا غيض من فيض المواقف الأمريكية فهل من شك لدى أحد من القيادة الفلسطينية في أن الولاياتالمتحدة تقف حتماً في صف الكيان الصهيوني؟. إن الإنجازات الوطنية الفلسطينية ومعرفة العالم بقضية الشعب الفلسطيني العادلة , ووقوف غالبية دول العالم معها ,وتحقيق الهوية الفلسطينية , والاعتراف بالشعب الفلسطيني وتأييد قضاياه ,وحتى اعتراف الكيان الصهيوني بوجود الشعب الفلسطيني وقد حاولت إسرائيل إنكاره،هذه وغيرها لم تكن لتتحقق لولا النضال الفلسطيني والكفاح بالمقاومة بكل أشكالها ووسائلها وعلى رأسها الكفاح المسلح , الذي أثبت جدّيته وفعله وتأثيره الإيجابي.بالمقابل فإن الانحدار وتراجع المشروع الوطني الفلسطيني والاستهانة بالحقوق الوطنية الفلسطينية فإنها في أحد أسبابها الرئيسية تعود إلى وقف المقاومة من قبل السلطة،واعتبارها"عنفاً"غير مبرراً وصولاً إلى اعتبارها"إرهاباً"هذه الحقائق لا يجوز إهمالها والتهرب والتنصل منها تحت أي مبرر من المبررات.أثبت الكفاح جدواه في كل تجارب حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. أهمية ترتيب البيت الفلسطيني من داخله.لقد ثبت بالملموس أن الانقسام تماماً كما اقتقاد الوحدة الوطنية الفلسطينية وإهمال منظمة التحرير الفلسطينية , عوامل تؤدي إلى تراجع القضية الفلسطينية والمشروع الوطني عموماً ,والعكس بالعكس هو الصحيح, فالوحدة الوطنية الفلسطينية ,وتجاوز الانقسام وإعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات هي أوراق قوة تضاف لكل من فتح وحماس وكل فصيل فلسطيني من فصائل النضال الوطني والإسلامي على الساحة الفلسطينية . ولا يجوز أن يبقى الانقسام ولا بأي شكل من الأشكال , وليجرِ تنفيذ اتفاق المصالحة.ولتعد الوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها. أهمية العمق الاستراتيجي العربي والدولي الصديق للقضية الفلسطينية.من دون التلاحم العضوي مع الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج ومن دون معسكر الأصدقاء فإن النضال الفلسطيني يظل ناقصاً.الاستقواء بالعاملين قضية ذات أهمية قصوى.في البداية من الضروري بلورة المشروع الوطني الفلسطيني والاستراتيجية الجديدة التي يتم وضعها . من الممكن بعدها تجميع العالم العربي من حول هذا المشروع وهذه الاستراتيجية. إن كافة هذه المهمات الأسئلة بحاجة إلى إجابات شافية وافية من القيادات الفلسطينية كذلك هي المهمات الواردة.إن بدائل المفاوضات كثيرة وهي واضحة تماما لكل من يريد البحث عن هذه البدائل .