أبشروا فهناك ملحدة أعلنت توبتها، وأقرت بخطئها، وذرفت دموع الندم بعد لقائها التليفزيونى المثير مع المذيعة المثقفة، الحقيقة أنه من فرط ذكاء أسئلة المذيعة وتفنيدها المنطقى والعاقل وأسلوبها الخالى من أى استفزاز أو سذاجة فى الحوار أعلنت الملحدة توبتها و (ألف ألف مبرووووك علينا جميعاً). عندما قامت المذيعة المثقفة بطرد الملحدة على الهواء وتبادلت معها كلمات السباب والشتائم أثبتت للعالم مدى اعتزازها بدينها، ومدى رقيها ورقى الإعلام المصرى، أما الملحدة فقد انتابها الخزى وخرجت وقد أعادت نظر فى كل معتقداتها، بل حثت جميع زملائها ورفاقها على ترك الإلحاد بعد هذا الحدث الفارق فى حياتها. أنا حزينة ويزداد حزنى يوم بعد يوم كلما تابعت ما أصاب الإعلام المصرى من تدني، ولست أدرى إلى أين سنذهب بعد أن اجتزنا كل حدود الإنحطاط؟ هل هناك ما هو أسوأ؟ لقد وصلنا لأسوأ درجات التدنى القيمى والأخلاقى، افتقرنا لأدنى درجات الإحترافية وصرنا لا نرقى حتى لمصاف الهواة، بل افتقرنا لأدنى درجات الضمير. ولكن ما ذنب البسطاء؟ ما ذنب المواطن الجالس فى منزله أن يتابع هذا الكم الهائل من التزييف والمغالطة، وإلى أين سيذهب ليعرف الحقيقة وكل من يراهم ممثلين ومدعين. إذا تطرقنا للملحدين بالدراسة المتعمقة سنجد فى هؤلاء الشباب ما يعكس مدى تعطشهم لمعرفة الحقيقة، انهم ليسو ملحدين كما يظنون، انهم باحثين عن الإيمان، باحثين عن الاقتناع، إنهم ليسوا كسالى لجأوا الى الإلحاد كى لا يضطروا لممارسة العبادات وأداء الفروض، وليسو باحثين عن المتع الوقتية ولذلك يرفضون ما يفرضه الدين من قيود على متعهم وأهوائهم كما يدعى البعض، انهم شباب باحث عن ذاته، شباب مل وضاق من خطاب دينى ساذج صور لهم الدين فى صورة مغلوطة، لأن من يلقيه أناس يفتقرون لأبسط قواعد العقل والمنطق، شباب ملوا من شيوخ الفضائيات الفتوات، ملوا ما أحاط بهم من فوضى فى فتاوى لا تسمن ولا تغنى من جوع. الملحد شاب ضائع فى مجتمع جاهل مارس عليه كل الضغوط حتى جعله "يخرج من دينه"، ولذلك فهو ليس فى حاجة لوعظ أو وصاية، انه فى حاجة إلى خطاب دينى يصل لعقله وقلبه فى نفس الوقت، فى حاجة إلى شيخ عالم بالدين والدنيا، إلى عقل مثقف وفاهم وواعى للتاريخ وملم بوقائعه، يعرف كيف يحدثه عن نظريات مثل النسبية والتطور والانفجار الكوني، يعرف كيف يتواصل معه فى عصر الانترنت، شيخ يجعله يدرك أنه لا يوجد تناقض بين الدين والعلم، ويجعله يعى أن العلم هو الطريق الأمثل للايمان. إذا كان الهدف من استضافة ملحدة على واحدة من قنوات التليفزيون المصرى هو "خناقات النسوان" فعليكم أن تغطوا أنفسكم وتواصلوا النحيب، لأن أعداد الملحدين سوف تتضاعف الأيام القادمة. وإن كنت تستضيف ملحدا كى تجعل منه أداة للمتاجرة الإعلامية و لإثارة الجدل فهنيئا لك بها، ولكن عليك أن تكف عن ادعاء أنك بهذا تخدم دينك وتعترف بأنك لا تفعل شئ سوى أن تخدم رغبتك المريضة فى الظهور بمظهر البطولة. لا أدافع عن الملحدين وإنما أدافع عن شباب وطن تفتحت أعينهم للحياة فوجدوا فيها ما جعلهم " يخرجون من دينهم"، وجدوا وطنا مسنا مصاب بكل أمراض الشيخوخة، وجدوا كبار ورموز تهذى، وجدوا شيوخا لا يعقلون، ومسئولين يقولون ما لا يفعلون وجدوا مجموعة من الجهلة والمدعين والمتشددين وقد اعتلوا الكثير من منابر الدين، ومجموعة من الأفاقين وقد سيطروا على المنابر الاعلامية واندفعوا يتبارون فى سباق تزييف الوعى واغتيال الارادة والعقول. رفقا بشباب ضاع من فرط كذبكم، فقد طهارته من فرط تدنيسكم، فقد الايمان وكفر بدينه من فرط هوسكم ورغبتكم المحمومة فى الشهرة و جنى الأموال.