زيلينسكي: لا يمكننا تحقيق النصر في الحرب بدون الدعم الأمريكي    كروان مشاكل: فرحي باظ وبيتي اتخرب والعروسة مشيت، والأمن يقبض عليه (فيديو)    أمن كفر الشيخ عن واقعة خطف أب لابنه: خلافات مع طليقته السبب.. تفاصيل    الداخلية تكشف حقيقة فيديو تحذير المواطنين من المرور بأحد الطرق ببدر    هدى رمزي: الفن دلوقتي مبقاش زي زمان وبيفتقد العلاقات الأسرية والمبادئ    "فوربس" تعلن انضمام المغنية الأمريكية بيونسيه إلى نادي المليارديرات    بوينج توقع عقدًا بقيمة 8.5 مليار دولار لتسليم طائرات إف-15 إلى إسرائيل    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    النيابة تأمر بنقل جثة مالك مقهى عين شمس للمشرحة لإعداد تقرير الصفة التشريحية    نتائج لقاء ترامب ونتنياهو، البنتاجون يعلن عن صفقة ضخمة لتسليم مقاتلات "إف-15" لإسرائيل    إسرائيل على خطى توسع في الشرق الأوسط.. لديها مصالح في الاعتراف ب«أرض الصومال»    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    فرح كروان مشاكل على حفيدة شعبولا يتحول إلى تحرش وإغماء وعويل والأمن يتدخل (فيديو وصور)    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    عرض قطرى يهدد بقاء عدى الدباغ فى الزمالك    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    حسام حسن يمنح لاعبى المنتخب راحة من التدريبات اليوم    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    أحمد موسى: خطة تدمير سوريا نُفذت كما يقول الكتاب    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    سقوط موظف عرض سلاحا ناريا عبر فيسبوك بأبو النمرس    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    أسود الأطلس أمام اختبار التأهل الأخير ضد زامبيا في أمم إفريقيا 2025.. بث مباشر والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دكتور محمد رؤوف حامد : أزمة الثورة .. عناصرها ومداخل تخطيها
نشر في البديل يوم 14 - 11 - 2011

كانت الثورة المصرية فى أوج فاعلياتها وجمالياتها فترة الإصرار الشعبى على إسقاط النظام (ورحيل مبارك),غير أن ماحدث بعد ذلك يمثل إنحرافا متزايدا عن المسار الذى خرجت من أجله جماهير الثورة.
شكل الأزمة
لقد تحولت الثورة الى مسار تأتى فيه الإنجازات الثورية متقطعة (وبالحتة) تحت ضغط المليونيات, وبعد كل “حتة” تحدث تراجعات. ذلك بالتوازى مع تصاعد آلام محنة الأمن العام.
ومع التزايد النسبى للايقين فى الشارعين السياسى والأمنى, أخذت مطالب الجماهير تهبط من مستوى ثورى قومى, يختص بإسقاط النظام الفاسد وبناء نظام جديد بديل, الى مستوى فئوى غارق فى المحلية, يختص بالبدلات والإجور...إلخ.
وهكذا, صارت “الثورة فى أزمة”.
ربما تتمثل أبرز معالم “أزمة الثورة” فى أن الخطوة التالية فى الشارع السياسى المصرى, وهى الإنتخابات, لم يجرى إستحضارها والترتيب لها بواسطة المسار الثورى (كما الحال فى تونس مثلا).
بمعنى آخر, المسار الثورى فى مصر ليس هو الذى يُقدم على الإنتخابات, وإنما لعبة (أو مباراة) الإنتخابات هى التى “تقتحم” المسار الثورى, حيث قد جرى (ويجرى) الترتيب لها, بطريقة يُتوقع أن تنال من المسار الثورى, ويكون فيها (أى فى الإنتخابات) خط نهاية مبكرة لحيويته.
منهاجية الخروج من الأزمة
وإذا كانت الأزمة, بحكم تعريفها, تنطوى على صعوبة قابلة للحل, فإن التوصل الى حل لأزمة الثورة المصرية لايمكن أن يحدث إلا بتحليل عناصرالصعوبة التى تواجه الثورة. بعدها يمكن إعادة ترتيب العلاقات بين العناصر وبعضها, فى إتجاه تخليص الثورة من أزمتها.
ذلك يعنى إعادة بنية الثورة الى الوضعية التى تستحقها, أو توليد البنية المناسبة لإستكمال الثورة.
عناصر الأزمة
هناك أربعة عناصر رئيسية تتعلق بهذه الأزمة. عنصرين منهما يُشكلا معا مركز الأزمة, وهما المجلس الأعلى للقوات المسلحة, ومن يمكن إعتبارهم قيادات للشارع السياسى بعد الثورة. وأما العنصرين الثالث والرابع, فيتمثلا, على الترتيب, فى القوى المضادة للثورة, والجماهير التى صنعت الثورة. هذا, و يمكن إعتبار المرشحون المحتملون للرئاسة, من هؤلاء الأكثر شهرة ,عنصرا خامسا فى الأزمة.
العنصر رقم 1 – المجلس الأعلى للقوات المسلحة:
النظرة الأولى والفورية عند الكثيرين تنصب على تحميل أزمة الثورة فى عنق هذا المجلس. هذا المنطق يمكن قبوله إذا ماكان المجلس الأعلى هو مجلس الثورة (أو هو قيادتها) حيث, عندئذ يكون هو الكيان المنوط اليه إنجاز الآمال الثورية للجماهير صاحبة الثورة.
إذا صح ذلك, فإن الواجب الثورى للجماهير يقتضى الثورة على المجلس الأعلى, تماما بنفس منهجية إسقاط رأس النظام, وذلك لوصول البلاد تحت قيادته الى الأزمة الراهنة. غير أن الواقع أن هذا المجلس لم يأتى بالثورة, ولم يدّعى قيادتها, وإنما هو – فقط – سلطة التسيير الإدارى لشؤن البلاد فى المرحلة الإنتقالية.
وهكذا, التفكُر الوطنى المسؤل يقتضى عدم صحة وضع جرس المسؤلية عن إنحراف الثورة فى رقبة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
هذا الفهم لايعفى مسؤلية المجلس الأعلى عن أية أضرار تلحق بالثورة, وذلك بحكم إضطلاعة بمسؤلية تسيير شؤن البلاد.
لكن هذا الفهم يعنى أيضا, أن المجلس الأعلى يكون مسؤلا أمام الثورة, إذا ماكان للثورة سيناريوهاتها وطلباتها التى يجرى تحويلها الى المجلس الأعلى (و/أو الحكومة) بواسطاة “سلطة الثورة” (؟!؟), والتى تكون, بطبيعة الحال, معنية أيضا بالمتابعة الدقيقة لكل شؤن الوطن, بما فيها متابعة قيام المجلس الأعلى بواجباته تجاه الثورة, وذلك حتى تصل المرحلة الإنتقالية الى سقفها وفقا للمسار الثورى المعلن.
العنصر رقم 2 – قيادات الشارع السياسى بعد الثورة:
يمكن القول بأن تصرفات هذه القيادات تتشابه (الى حد كبير) مع تصرفات قيادات هذا الشارع فيما قبل الثورة. إنها لم ترتقى منظوميا أو مفاهيميا الى أعلى مماكانت عليه (أوبالقدر الذى تتطلبه الثورة).
هذا التقاعس عن الإرتقاء الذى تتطلبه الثورة, تظهر وتتجسم أدلتة وتداعياته فيما يلى:
1- أن قوة الردع (والطلب) الحقيقى فى التفاعل مع المجلس الأعلى هى المليونيات, وليس غير ذلك.
2- عدم تمكن كوادر قوى الثورة, من ممارسة “الجماعية” بنفس القدر الذى مورست به بواسطة الإنسان العادى, مما أدى الى التفتتات والمناورات, والى التضارب بشأن المليونيات, والتدنى المتدرج لقوتها.
3- إفتقاد المجلس الأعلى الى وجود كيان ممثل لسلطة الثورة, يمكنه أن يتفاعل (ويتوائم) معه. لقد أدى هذا النقص الى العشوائية, والعشؤة, والى الحيود عن المسار الثورى الممكن, مما أنبت سلبيات على غرار ظروف إستفتاء 19 مارس, والتناقض فى المقاربات بين الإخوان والمجلس الأعلى, وكذلك بين سائر القوى الأخرى والحكومة.
4- ولوج تيار سياسى كبير الحجم الى تصرفات لاتتناسب مع ظروف عدم إستكمال الثورة بعد. من ذلك, القبول بالتفاعل الحوارى (أو التعارفى) مع الكيانات الأمريكية الرسمية. إنه تصرف يصعب قبولة أو فهمه, حاصة فى ضوء رفض شباب قوى الثورة اللقاء مع وزيرة الخارجية الأمريكية عند زيارتها لميدان التحرير, وكذلك فى ضوء ماقيل, بأن الوصول الى القيادة فى مصر يتطلب القبول (والرضا) من كيانات أجنبية ما !!!.
5- تحول جزء غير قليل من جماهير الإنسان العادى التى صنعت الثورة الى الضغط من أجل طلبات فئوية أو جزئية خاصة. يحدث ذلك بسبب توقف الثورة عن البناء الرأسى على المستوى الوطنى, فى إتجاه إقتلاع الفساد والتنمية والديمقراطية, مما أدى بالجماهير الغاضبة الى تمديد ثورتها فى إتجاه أفقى, يختص بالمصالح الفئوية المباشرة. إنها حالة مرضية تؤدى – بالتدريج – الى “نفى الثورة” ذاتها.
6- إتاحة الفرصة لإنتعاش القوى المضادة للثورة, وعلى وجه الخصوص قوى الفساد, حيث لم يحدث أى شروع فى مواجهة منظومية لهذه القوى حتى الآن.
7- وكإمتداد لما سبق ذكره, كان من الطبيعى أن تظهر التوجهات و/أو السياقات السلبية التالية من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة:
أ‌) عدم بذل الجهد للمساعدة فى (أو الحث على) بناء مجلس قيادى جماعى للثورة, وذلك – على الأقل – من أجل تسهيل المهام الإنتقالية للمجلس الأعلى ذاته.
ب‌) عدم اللجوء الى العمل (من أجل متطلبات الثورة) من خلال المؤسسات, أو من خلال تشكيلات فكرية معاونة معلنة Think Tanks.
ت‌) المسارعة الى إتخاذ إجراءات مباشرة, بخصوص قضايا حرجة (مثل الإستفتاء, والمحاكمات, والإعلام, وفض الحركيات الجماهيرية الصغيرة بعصى الشرطة العسكرية), وذلك دون أية مقاربات وتفاهمات مع قوى الثورة.
العنصر رقم 3 – القوى المضادة للثورة:
يمكن تصنيف هذه القوى الى ثلاث. أولا, أخطاء وحيودات الذات (على غرار ما جرت الإشارة اليه فى العنصرين 1 و 2 أعلاه ), وهى الأكثر شدة فى التأثير, ثم قوى الفساد , ثم الآخر (الأجنبى الذى تتضاد مصالحة مع إرتقاء مصر).
من هذا المنظور تصبح سلبيات الذات (الكامنة فينا والواردة فى العنصرين 1 و2 أعلاه) بمثابة قوة مضادة للثورة, حيث تؤدى حركياتها الى إتاحة فرص النمو والإنتعاش للقوتين الأخرتين المضادتين للثورة (قوى الفساد, والآخر الأجنبى).
القوى المضادة للثورة هى إذن – وفى الأساس – ”نحن”, وذلك عندما نرضى أن تصبح الثورة فى حالة محلك سر, وهى الحالة التى تولد التراجع, ثم التآكل, بواسطة الذات وبواسطة الفساد والآخر.
العنصر رقم 4 – الجماهير التى صنعت الثورة:
فى وصول حالة الثورة الى وضع “محلك سر” ثم الرجوع الى الوراء, فإن الجماهير التى صنعت الثورة يمكن أن تمر بثلاث مراحل.
المرحلة الأولى تأخذ شكل التململ وعدم الرضا. بعدها تأتى المرحلة الثانية, و تتمثل فى الإحباط نتيجة عدم تحقق التغييرات الجذرية الكبرى المرجوة من الثورة. عندها تحس الجماهير بالغبن, ومن ثم تتجه – بشكل تلقائى – الى محاولة تحقيق ذاتها الفئوية من خلال تعجل الحصول على مصالح جزئية خاصة, الأمر المُشاهد الآن.
بعد ذلك ترتقى الجماهير الى المرحلة الثالثة, مرحلة الإدراك لضرورة إعادة توليد الثورة. هذه المرحلة تجىء عند إستيعاب الشعب, بحسه الفطرى “المُعلم”, للحقائق التالية:
1- أن المصالح الجزئية الخاصة بفئات الشعب, على إختلافها, لايمكن أن تتحقق بغير التغييرات الوطنية الكلية, والتى كان من المفترض أن تتجه اليها ثورة 25 يناير فى مرحلتها الإنتقالية.
2- تشتت بعض الكوادر (أو القيادات) الخاصة بشباب الثورة والتيارات السياسية, فى إتجاه البروباجندا والمصالح الذاتية.
3- إستمرار نفس عناصر قوى الفساد (القديمة) فى أوضاعها, بل وتواصل إرتقاءاتها, وإستمتاعاتها بعائدات مادية ووظيفية, كانت قد حصلت عليها, بغير حق, فى ظل النظام السابق.
فى المرحلة الثالثة هذه, ستدرك الجماهير أن لنجاح ثورة 25 يناير,كثورة شعبية, متطلبات تنظيمية لابد من إتمامها حتى يمكن إستكمال الثورة وحمايتها.
وإذا كان الوصول الى نقطة الإنعطاف, التى أسست (وبشكل تلقائى) للتحرك فى إتجاه المطالبة بإسقاط النظام وتحقيق خلع رئيسه, قد تطلب حوالى 33 عاما (منذ 1974 الى 2007 , وفقا لمقالات “سر 2007 “– البديل – 17 الى 20 أكتوبر 2007), فإن الوصول الى نقطة الإنعطاف الخاصة بإعادة توليد الثورة من أجل إستكمالها, لن يستغرق أبدا مثل هذا الوقت, وذلك لأسباب عدة, ربما تستحق تناولا منفرد.
العنصر رقم 5 (أو العنصر الخائلى)- المشاهير من المرشحين المحتملين للرئاسة:
هنا, سيذكر التاريخ أن عددا من نبهاء مصر, إنتفضوا, بمجرد بدء الثورة, يجوبون البلاد طولا وعرضا من أجل الدعاية الإنتخابية لأنفسهم, وذلك بالرغم من عدم إستكمال الثورة, بل وعدم التوصل الى توافق بشأن مسار محدد ومعلن بشأنها.
وضعية هؤلاء المرشحين المحتملين للرئاسة, هى فى حد ذاتها دالة على أزمة الثورة.
مداخل تفاعلية للخروج من الأزمة
وهكذا, بالأخذ فى الإعتبار لأزمة الثورة, فى ضوء عناصرها الموضحة أعلاه, يمكن القول بأن مفاتيح الخروج الى طريق لعبورها, يمكن أن تتضح إذا ماجرى التوقف المنهجى أمام تقاطعات عناصر الأزمة. فى هذا الخصوص يكون من المطلوب التحاور الجماعى, وبشكل علمى (أى فى ورش عمل منظومية), بشأن نقاط محورية رئيسية يأتى على رأسها مايلى:
أولا- بالنسبة للإنتخابات:
- قدر مايمكن أن تحويه الإنتخابات من سموم قاتلة أو مُمرضة لحالة الثورة.
- هل ستكون الإنتخابات هى خط النهاية للثورة ؟. بمعنى آخر, هل ستكون للثورة إستكمالات بعد الإنتخابات؟
- ماهى مكونات “خصائص جودة الإنتخابات” ؟, وهل هى متوفرة حاليا؟, ثم ماذا يمكن أن يكون عليه المسار الثورى (أو السياسى) للبلاد إذا لم تتحقق خصائص الجودة للإنتخابات؟
ثانيا- بالنسبة لمسار الثورة:
- كارثية تصور ممارسة الثورة بنفس طريق القوى المضادة للثورة, وفى ظل وجود فاعل لها.
- هل من المنطق وجود مسار للثورة, بينما هذه الثورة لم تبدأ بعد مأسسة عملية تفريغ البلاد من الفساد؟ ذلك بينما كان الفساد هو الباعث الرئيسى الأكبر للثورة؟؟؟
ثالثا – بالنسبة لعزم الكوادرالشبابية والقيادات السياسية:
- هل كل ماتستطيعه هذه الكوادر والقيادات, كواجبات تجاه الثورة, هو أن تبدأ التنافس الإنتخابى من “أضعف نقطة” فى شارع الثورة, والتى تتمثل فى أزمتها الراهنة, بما تتضمنه من نواقص وعوامل ضعف, سواء فيما يتعلق بالحكومة, أو المجلس العسكرى, أو قوى الثورة ذاتها,... أو مايتعلق بتضخمات القوى المضادة للثورة؟؟؟
رابعا – بالنسبة لحركية الجماهير:
الجماهير لم تحس – أثناء المرحلة الإنتقالية – بأن الثورة قد وصلت اليها.., ولم ترى تغييرات جذرية فى سلوكيات وتوجهات الحكومة.., بل وعانت وتعانى من الفوضى والترويع فى ضوء غياب الإنضباط الأمنى.
ذلك إضافة الى أن عناصر الضعف الكامنة فى بعض شرائح هذه الجماهير (وخاصة الجهل والفقر) لم تُجابه بأى جهد تنويرى تصحيحى فى المرحلة الإنتقالية.
إذا كانت الجماهير تعانى من كل ذلك, ففى صالح أية مسارات سيكون أداءها فى الإنتخابات المقبلة؟ فى صالح مسار الثورة .., والذى لم يتأكد و يُعلن بعد ؟؟؟, أم فى صالح القوى التقليدية المضادة للثورة, والتى أجنداتها الخاصة, وتتمتع بالمال والنفوذ, بالقدر الذى يمكنها من تحويل مكونات الجهل والفقر الى عناصر (وقوى) مساعدة لها؟؟؟
خامسا – بالنسبة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة:
إذا كنا فى السطور أعلاه قد نوهنا الى عدم منطقية وضع أزمة الثورة فى رقبة المجلس الأعلى, حيث هى فى ظننا ترقد – أساسا – حول رقبة الكوادر والقيادات فى قوى الثورة والتيارات السياسية, إلا أن التاريخ سيكون له موقف مختلف, حيث ستوضع هذه الأزمة (ومخرجاتها طويلة المدى) فى رقبة المجلس الأعلى, وذلك لسبب بسيط هو إضطلاعه بالسيادة العملية على مجريات إدارة شؤن البلاد.
فى هذا الخصوص, لن ينظر التاريخ الى علاقات وخصوصيات المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى عهد مبارك, إلا بقدر تقاعسه عن دعم الثورة فى تخليص البلاد من فساد هذا العهد.
المجلس الأعلى – إذن – بحاجة الى بذل أقصى إقتراب ممكن تجاه قوى الثورة, الأمر الذى يعنى وجوب دعمه (ورعايته اللوجيستيكية), وبكل الشفافية والعلانية, لتشكيل “مجلس جماعى قيادى للثورة”.
من ناحية أخرى, من الصعب على قوى الثورة (أيا كانت خلفياتها) مواصلة الدعوة للمليونيات, أو النقد للمجلس الأعلى, قبل معالجة قصورها فى التوافق حول تشكيل رأس للثورة, أى مجلسا قياديا جماعيا لها.
إستعادة الثورة
وختاما, يمكن القول بأن إستمرار أزمة الثورة بغير مجلس لقيادتها, وبغير تحديد لمسارها ولسقفها, إنما يعنى أن الثورة بحاجة الى الإستعادة, والتى ستكون عندئذ بأيدى الجماهير الشعبية للثورة, وفى القلب منها شبابها الجديد والمتجدد, أى شباب هذه الثورة, وشباب جديد صاعد الى جواره لأداء دوره الوطنى.
أما بخصوص الأنشطة الدعائية الكثيفة الخاصة بالمرشحين المحتملين للرئاسة, فإن ظرفها الزمانى لايجىء قبل إستعادة الثورة ووصولها الى سقف إنجازاتها.
وختاما, تجدر الإشارة الى أن”إشكالية القيادة” تشكل تحديا رئيسيا فى طريق حل أزمة الثورة المصرية, الأمر الذى يجدر التعامل معه فى معالجة قائمة بذاتها إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.