الفهم الشائع للحقد الطبقي أنه حقد الفقراء علي الأغنياء وقد روجت لهذا الفهم مختلف أجهزة القمع الإيديولوجية للطبقات الحاكمة في مختلف الدول و يفسرون به ثورة الجماهير ضد استغلالهم و مطالبتهم بحقوقهم المشروعة و بنصيب عادل من الثروة القومية التي ينتجونها بجهدهم و عرقهم وقد يينت في دراسات سابقة لي أن العكس هو الصحيح أي أن الأغنياء و الحكام هم الذين يحقدون علي الفقراء وعلي الشعب وذلك وفقا للتعريف العلمي لمفهوم الحقد الذي يختلف ألي حد كبير عن مجرد الكراهية . فالكراهية عبارة عن مجرد مشاعر سلبية تجاه موضوع ما سواءا كان هذا الموضوع شخصا أو جماعة أو طائفة إو كان شيئا معنويا مثل عقيدة أو إيديولوجية أو فكرة أو حتي شيئا ماديا مثل مكان ما أو طعام أو شراب ما وتحدد هذه المشاعر السلبية موقف الفرد أو الجماعة من هذه الموضوعات وسلوكياته نحوها . أما الحقد فلا يكون إلا علي بشر فقط فليس هناك حقد علي عقائد أو أماكن كما هو الحال في الكراهية و مع أن الحقد يتضمن كراهية للآخر ألا أن الأمر يتطلب أكثر من ذلك .فالحاقد لا يقتصر علي كراهية من يحقد عليه ولكنه يضمر له شرا و تكون لديه نية مبيتة لإيقاع الأذي به إذا استطاع ولا أجد تفسيرا لكل الجرائم التي ارتكبها نظام مبارك ضد عامة الشعب طوال مدة حكمه و المجازر التي ارتكبها النظام و مازال ضد شباب الثورة المسالمين الذين خرجوا يوم 25 يناير للمطالبة بحقوق الشعب المشروعة والتي اتسمت بالسادية و التوحش مثل الدهس بالمدرعات و القذف بالحجارة وقطع الرخام المسننة و الدهس بالبغال و الجمال و ألقاء القنابل الحارقة عليهم والقتل بالرصاص سوي الحقد الأسود علي عموم الشعب المصري الذي أفقره النظام و أذله و امتهن آدميته. هذا الشعب الذي تنتمي الغالبية العظمي منه للطبقة العاملة و الذي فرض عليه الفقر لم يكن يحقد علي الأغنياء أو علي طبقة ناهبي ثروات مصر و الدليل علي ذلك أنه علي عكس ما كان متوقعا لم يخرج سكان العشوائيات و الأحياء الفقيرة ليهاجموا أحياء الأغنياء و يشبعونهم قتلا و نهبا ولم يقوموا بأنفسهم بإلقاء القبض علي رموز الفساد و جلاديهم وإعدامهم و لكنهم و بمنتهي التحضر طالبوا بمحاكمتهم والقصاص منهم . فهل يدل هذا السلوك علي حقد الفقراء علي الأغنياء ؟ أم أن سلوك الثلة مجدودة العدد التي احتكرت الثروة و السلطة وعاثت في البلاد فسادا و نهبا و حرمت الجماهير من أبسط حقوق الإنسان بل تفننت في زيادة معاناتها في كل تفاصيل حياتها اليومية حتي وصل الأمر إلي هدم منازل المواطنين بدعوي المخالفات الإدارية و تركهم يعيشون في العراء هو الحقد بعينه . أألا يكفي ذلك دليلا علي حقد هذه القلة المسيطرة علي كل المواطنين بمعني الكراهية و تعمد الأذي ؟ وقد قدم الخلوع مبارك لنا دليلا مسجلا حين ضحك و سخر من غرقي العبارة . هل يمكن أن يصدر ذلك إلا من حاقد علي هؤلاء الفقراء؟ ومازال الحاقدون علي الشعب وعلي الثوار يجسدون حقدهم كل يوم وفي كل مناسبة وليس علينا سوي متابعة عمليات القتل و الدهس و الإعتقال و التعذيب و السجن لشباب الثورة . لقد قامت الثورة ليس لأن الطبقة الفقيرة وهي تضم غالبية الشعب تحقد علي الأغنياء و السلطة ولكنها قامت ضد حقد هؤلاء الفاسدين علي أبناء هذه الطبقة و كان شعارها سلمية سلمية وقوبلت من الحاقدين بتعمد الأذي بل و محاولة الإبادة ولكن لماذا يحقد هؤلاء الفسدة من الأغنياء علي الشعب؟ قبل أن أقدم إجابة علي هذا السؤال أود التأكيد علي أنني لست أعني أبدا الأشخاص ولكنني أعني الطبقة الطفيلية التي نهبت مصر و ممثليها في الحكم ذلك أنه ليس كل الأشخاص الأغناء يحقدون علي الفقراء بل إن منهم الكثيرين من الشرفاء الذين اغتنوا من جهدهم و مشروعاتهم التي تضيف للناتج القومي و تخلق فرصا للعمالة و ينحازون للحق و للإنسان ومنهم أيضا من شاركوا في الثورة ضد الحقد الطبقي كما أنني لا أعني أيضا أن كل أعضاء الطبقة الفقيرة ليس لديهم حقد علي الأغنياء فمنهم من لديه حقد حتي علي أعضاء أسرته ولكنني أتحدث عن الطبقة في مجملها )؟ السبب الأساسي شعور هؤلاء الفاسدين بأنهم يسلبون حقوق المواطنين الفقراء وبالتالي فهم في قلق و خوف دائم من أن يهب الشعب ضدهم ليسترد هذه الحقوق إنهم يحقدون علي كل من لديه ما ليس لديهم ! الشعب و بخاصة الفقراء لديهم الحق المشروع فيما ينهبه منهم الفسدة و أيضا لديهم الشرف ولهذا تسعي السلطة بكل الوسائل لحرمانهم منه بأن تزيد الضغط عليهم حتي يفسدوا فلا يصبح هناك فرق بين الفريقين ويصل الحقد إلي حد هتك الأعراض ومن أسفل ما حدث هتك عرض الفتيات المتظاهرات في ميدان التحرير بدعوي كشف العذرية أي إفقادهم الشرف حتي يصبحن مثلهم إن قوي الشر والعدوان و الحقد تستغل خلو الثوار من الحقد و تحضرهم و سلميتهم و عدم استعدادهم للجوء إلي العنف و تقوم بتصعيد آليات التعبير عن الحقد الدفين علي الشعب ولكن لا بد إن يأتي الوقت الذي يصبح للثورة أنياب و مخالب تمكنها من الإنتصار علي أعدائها و إقامة نظام جديد لمجتمع تسوده روح المحبة و التعاون و الحرية و يخلوا من الحقد و الحاقدين علي الشعب الذين سيودعون السجون و المستشفيات العقلية لتهذيبهم و إصلاحهم و علاجهم.