ترددت أنباء عن أن هناك اتجاهًا سائدًا داخل اللجنة العليا للانتخابات بتحويل الممتنع عن التصويت في الانتخابات الرئاسية القادمة إلى النيابة العامة وتغريمه 500 جنيه، وهو ما حدث بالفعل وتم التصريح به أثناء الاستفتاء على الدستور، رغم أنه لم يطبق، وكل مرة يتم التشديد والحديث في هذا الاتجاه، إلا أن حقوقيين أكدوا ل "البديل" عدم دستورية هذا النص القانوني، رافضين إجبار المواطنين على ممارسة حق من حقوقهم، خاصة أن الامتناع عن المشاركة والتصويت هو أسلوب من أساليب الاحتجاج والتعبير عن الرأي. يقول حافظ أبو سعدة رئيس المركز القومي لحقوق الإنسان "إننا لا نرى ضرورة لمعاقبة من يمتنع عن الانتخابات؛ لأننا نعتبر أن المشاركة السياسية فى الانتخابات حق من الحقوق المدنية السياسية التى نصت عليها المواثيق الدولية وكذلك الدستور المصرى، وكما أن التصويت حق للمواطن، من حقه أيضًا أن يمتنع عن التصويت؛ لأن الامتناع قد يكون شكلاً من أشكال التعبير عن الرأى". وتوقع أبو سعدة أنه إذا طبق القانون، سيتم الطعن عليه بعدم الدستورية؛ لأنه لا يجوز عقاب إنسان على عدم ممارسة حق منصوص عليه، مستدلاًّ بأنه "إذا امتنع مواطن عن ممارسة التعبير عن الرأي مثل آلاف وملايين المصريين، فهل يعاقب؟ بالطبع لا". وانتقد طارق العوضي الناشط الحقوقي ما تردد حول إحالة اللجنة العليا للانتخابات الممتنعين عن المشاركة في التصويت على الانتخابات إلى النيابة، متسائلاً "هل سيقيدون المواطنين ويجبرونهم على المشاركة؟!!"، مشيرًا إلى أن ذلك يعيدنا إلى زمن ما قبل العصور الوسطى!! وأشار إلى أن هناك نصًّا في قانون مباشرة الحقوق السياسية لا علاقة له باللجنة العليا للانتخابات منذ عهد مبارك، مؤكدًا أن كل التعديلات أبقت على هذا النص، بأن الذهاب إلى التصويت أو الاستفتاءات يغرم الناخب 500 جنيه، ولم تطبق؛ لأنه غير دستوري؛ لأن الانتخاب حق، ولا يجوز الإجبار على ممارسة الحق. وتابع أن الامتناع عن الذهاب للمشاركة في العملية الانتخابية جاء نتيجة موقف سياسي؛ "لذا من حقي مقاطعة الانتخابات". وأوضح أنه "من الصعب تطبيق الغرامة؛ لأنه من المفترض أن يمارس عملية التصويت حوالي 50 مليون، ويشارك فقط 20 مليون، وبالتالي يصعب محاكمة 30 مليون شخص، ومن الصعب أيضًا أن تقوم جهة إدارية يعمل 30 مليون محضر!!". وأوضح أيضًا أن "اللجنة لا تغرم، وطبيعي إذا طبقت الغرامة فإن من يوقع الجزاء هو النيابة العامة؛ وبالتالي إحالة المواطن إلى النيابة هو الإجراء الطبيعي، ومن ثم اتخاذ أمر جنائي أو تحويل إلى محكمة الجنح لدفع الغرامة". واتفق معهم كريم عبد الراضي الناشط الحقوقي في أن التصويت في الانتخابات حق للمواطنين في المشاركة في إدارة شئون بلادهم؛ وبالتالي فهو ملك لهم، من حقهم أن يمارسوه أو يتنازلوا عنه بإرادتهم المنفردة دون إجبار من الدولة. وتابع عبد الراضي أن بعض الدول ومنها مصر، في الفترة الماضية، تعاملت مع حق التصويت باعتباره حقًّا وواجبًا في نفس الوقت، معربًا عن رفضه الشديد لهذا الأمر، خاصة أنه أصبحت مقاطعة الانتخابات أو عدم المشاركة فيها وسيلة تستخدم للاحتجاج على الإجراءات والقيم والمناخ الديمقراطي التي تسبق عملية التصويت، وبالتالي أصبحت المقاطعة وسيلة للتعبير عن الرأي، كما أنه ليس من المنطق أن يتم فرض عقوبة على من يتنازل بإرادته عن ممارسة حق له، أو من يعبر عن رأيه عن طريق ما يسمى بفلسفة الاحتجاج بلا ضجيج، مشيرًا إلى أن الدولة ذاتها غير قادرة على تنفيذ قرار إداري مثل هذا القرار، وهو ما حدث في الانتخابات الرئاسية الماضية، حيث أصدرت اللجنة العليا للانتخابات نفس القرار، وفشلت في تطبيقه؛ لأنه في الغالب من يشارك في الانتخابات يكون أقل من نصف من لهم حق التصويت بكثير.