بينما يُنشر هذا سأكون مع زملائي عمال وصحفيي وإداريي جريدة الجمهورية التي لطالما عانينا فيها , معشر من ليسوا فلولاً أو منافقين , في وقفة احتجاج أمام المؤسسة . لماذا ؟ . لأن كل من تسببوا فى خسائر لا حصر لها لمؤسسة دار التحرير للطبع والنشر ما زالوا يحكمون قبضتهم عليها ويخنقونها . كيف ؟ . رموز الفساد من رؤساء تحرير ورؤساء مجلس إدارة سابقين ما زالوا ينعمون بالتوصيلات فى سيارات المؤسسة , إلى بيوتهم ومنها إلى المؤسسة بسائقى المؤسسة ويسمح لتلك السيارات بالدخول فى حرم المكان طبعاً بحيث يخرج من فيها بالضبط أمام الباب الزجاجى الدوار أو العادى وهو بنظارته الشمسية ونضطر لأن نكون شهوداً يوميين على هرولة رجال أمن المؤسسة ذوى اليونيفورم الأنيق , باتجاههم يبتسمون ويكادون يهشون الناس من أمامهم ويجرون على المصاعد التى يحاولون قصرها عليهم وهم ضارعين بكلمة السر ” يا ريس ” بانحناءة رأس لا تنفصل عن مراسيم الاستقبال التى تعودوها , وكان ينافسهم فيها لفيف من الصحفيين على مدى سنوات . حزنت فى الأيام الأولى بعد تنحى مبارك لما فوجئت بأن رئيس مجلس إدارتنا الجديد فى المؤسسة أعاد من كان العمال قد تكاتفوا وأجمعوا على تم الخلاص من رئاسته لشركة الإعلانات الشرقية التابعة للمؤسسة . وقتها لم أكن أعرف بالضبط ولا أتابع أسماء غير الصحفيين والمسئولين الرسميين الذين يثور عليهم الشعب ويطالب باستبعادهم فلم أركز فى الاسم . لكن حزنت أن من بذل العمال والإداريون جهداً للتخلص من رئاسته وإزاحته أعاده رئيس مجلس الإدارة الجديد فى لحظة واحدة ربما بمكالمة تليفونية . كان معنى هذا واضحاً : الاستخفاف بقيمة غضب العمال والإداريين وتجاهل معنى وجود العديد من الموظفين والعاملين يكادون يجمعون على أنهم لا يريدون موظفاً عاماً بعينه لأنهم يرون في أدائه ومباشرته لصلاحياته ما يجعلهم يشعرون بالظلم أو بالفساد أو بالتعدى على كرامتهم أو بالاستفزاز أو غيرها . كلمت أحد العاملين بالمؤسسة ولن أذكر اسمه لأنه تعرض للأذى بعدما كتب معلومة على صفحة الجمعية العمومية لجريدة الجمهورية بالفيسبوك ولعلهم عرفوه الآن . هذا الأذى تمثل فى تحويله للشئون القانونية التى قال عنها أخى العامل ذاك ” ما الشئون القانونية كلها فلول ! “. بحزن روى عن تحويله لها 3 مرات فى أسبوعين واضطهاد مدير مكتب رئيس مجلس الإدارة له وتفاصيل أخرى فى الواقعة لن أذكرها الآن على الأقل علماً بأنه شاب مصرى عادى , متدين ورب أسرة ومريض بالقلب . هذا الاستفزاز لأنه كتب – لاحظوا التهمة –كتب على صفحة الجمعية العمومية للجريدة بالفسيبوك ما نما إلى علمه , وهو أن عضو مجلس إدارة بالمؤسسة قد قام بتصليح سيارته فى جراج بشركة الإعلانات المصرية . من الأشياء التى يثيرها العمال فى مؤسسة دار التحرير وقائع بمستندات قالوا أنهم قدموها للنائب العام مثل صرف مكافآت لشهرين متتاليين بقيمة 20 ألف جنيه ( أى المجموع 40 ألف جنيه ) لأحد الصحفيين ( معى اسمه ) ولآخر ( معى اسمه بموجب مستنداتهم ) وقالوا لى اسم الشخص الذى معه هذه المستندات فى شركة الإعلانات الشرقية التابعة لدار التحرير وأتحفظ هنا على اسمه لأنى لم استأذنه فى نشره وحرصاً عليه أيضاً بعدما بدأنا نرى عربات الأمن المركزى ترابط أمام جريدة الجمهورية من الثامنة صباح 23/10 وحتى الخامسة مساء نفس اليوم فيما يبدو كخطوة تأمينية لرئيس مجلس الإدارة , الذى أعلنت أنى لا أوافق على حبسه أو احتجاز أى إنسان أصلاً , لكن أتعجب من ترك حالة الغليان ومشاعر الغضب والإحباط تتصاعد لتصل إلى هذا الحد بلا مناقشة جادة واستجابة إنسانية لمطالب العاملين من البدء , بل حدث العكس كما يبدو لنا , من اللحظة التى فرض فيها رئيس مجلس الإدارة قرار إرجاع الموظف الذى كان العاملون قد نحوه , وأقصد , إجبار المجموع على عكس مصلحة العمل وعلاقات أفراده ببعضهم البعض . من الاتهامات التي يطالب العاملون رئيس مجلس الإدارة بالتحقيق فيها , ما يقال عن مسئولية مدير عام عن شراء ماكينة ليزر, ويفترض أن بها بيانات أسعار لاستخراج الشيك الخاص بها . تبين أن سعرها 200 ألف جنيه مصري ولكن خرج لها شيك ب 500 ألف جنيه . حكوا أنه لما رفضت الشركة الموردة للماكينة إرسال الفاتورة بمبلغ 500 ألف , طلب منها المدير العام ( الذى يطالبون بإقالته ضمن مطالب أخرى) توريد زنكات وقطع غيار للماكينة لا حاجة بالشركة إليها حيث أن هناك شركات أخرى لتوريد الزنكات تتعامل معها شركة الإعلانات الشرقية . يحكى العاملون عن ماكينة فى المبنى القديم لجريدة الجمهورية بيعت كخردة وتم تشغيلها بسواعد المؤسسة فى مكان آخر , وذلك للعميل الذى اشتراها لأنها سليمة كما تسلم معها مواتير جديدة بحالتها. الحكايات من هذا النوع كثيرة والمرارات أكثر . أما أنا وزملاء غيرى كثيرون , حتى ممن لا علاقة لهم بالتظاهر والإضرابات , فنؤمن بأن التطهير لم يبدأ بعد لكن لا يجب أيضاً أن ينتكس قبل البدء . لا نستطيع التعاطف مع مقولات حرية التعبير لكل من ساهم فى تفشيل وخسائر كل مطبوعات المؤسسة من جرائد ومجلات بكل صور الفساد إن مالياً أو إدارياً عبر عقود ,ومن أسف أنه ليس كل فساد يسهل إثباته لأن الخوف شل الكثيرين حتى عن القبض على مستندات حيث شاع مناخ , وقت أحد رؤساء مجلس الإدارة ورؤساء التحرير السابقين يقوم على نشر الشك فى نفوس الموظفين والصحفيين فيخشى كل واحد من أن يبلغ عنه زميله أو زميلته ما يؤدى لانتقام ” الريس ” بالمؤسسة والذى كان يتلذذ بابتكار طرق عقابية سادية , وكانت الضريبة باهظة التكلفة على البعض , إن لم يسايروا وينضموا لحالة القطيع التى خلقها والتى أدت ذات مرة إلى تقبيل أحد الزملاء الصحفيين ليديه المدنستين علناً و بلغ الرعب بالكثيرين حد إخفاء ما كانوا يشترونه من جرائد معارضة ومستقلة لدى دخول ” دار التحرير ” لأن ” الريس ” يمنعها من دخول تكيته . كان وما زال الكثيرون يخافون على ما يتصورونه نَفَس الحياة الذى يقدر ” الريس ” على منعه عنهم ويجدون فى سبيل ذلك كل التبريرات التى تنام معها ضمائرهم بكل هناءة واطمئنان كل يوم ولم يعترض أحد فى عصر ذلك ” الريس ” على أعداد كاميرات المراقبة بكل ممرات جريدة الجمهورية , حتى لكأنك حين تدخلها تشعر أنك تدخل مبنى المخابرات العامة . يا ترى هل كانت رئاسة ” الريس” لجريدة مايو لسان حال الحزب الوطنى والتى كان مقرها بكل أسف عندنا هى السبب ؟ . لا نستطيع أن نفهم ولا أن نقبل كيف يُفترض أن يظل يدفع المواطن المصرى لصحف توصف بأنها قومية وهى تعاديه , تزخر بمن حرضوا ضده وشتموا غضبه وثورته , بينما يحتل العاطلون عن النزاهة والموضوعية والإخلاص والمهنية ممن تعودوا لعق مخلفات صناع القرار والرئيس المخلوع برجاله , أقول يحتلون كل مساحات الكتابة بكل صفحات جرائد ما يسمى ” دار التحرير” ومجلاتها والاسم يمثل مفارقة كبرى هنا , كأنما يتمطعون ويتثاءبون باتساع الصفحات بلا حياء وهم من وصفوا ميدان التحرير وقت الثورة ب ” ميدان الخزى والعار ” ومنهم من وصف الشهيد خالد سعيد بأنه ” شهيد البانجو ” وكلهم يواصلون كتاباتهم حالياً , بعد شهور على الثورة , بإشاعة حالة تيئيس كاملة تتبنى فلسفة الكل باطل وقبض الريح – ما عدا قرآنهم هم طبعاً أوكتابتهم , يواصلون الالتفاف على محاولات رؤساء التحرير الجدد ويتعمدون محاصرتهم وإحراجهم إنسانياً ليظلوا كما هم , وليكتب من كتب منهم مؤخراً ضد قانون الغدر أو العزل السياسى المفترض لأنه سيطاله ويُقصيه بوصفه , مثل سلفه ” الريس ” الكبير بالمؤسسة , من أعضاء مجلس الشورى إياه . الصحف القومية تغلى بكل أسباب انهيارها: عدم محاسبة أحد وإفلات كل من سرق أو أفسد بسريقته , التربص بين أجيال من المتسلقين وأصحاب المنع والمنح , تنامى ثقافة الانتهاز والتباهى بعدم قدرة الغير على إثبات شئ , استمرار فج لحالة إقصائية ضد كل من كان مغضوباً عليه قبل الثورة كما بعدها , مواصلة احتشاد كثير من الفلول بنفس الأساليب السلطوية ذاتها فى منع مسام الجريدة من التعرض للهواء الجديد والدفع بنفايات كتاباتهم إلى السطح لتظل وحدها مسلطة على عيون وعقول القراء لإشاعة وتكريس حالة اليأس والتحريض ضد الثورة باعتبار مصر لن تتغير – وإن حدث – فحتماً للأسوأ . من المحزن أن أحد الزملاء الصحفيين حين تدخل عارضاً الوساطة بين عمال المؤسسة ورئيس مجلس إدارتها سأل بثقة يوم تجمع العمال خارج مكتب رئيس مجلس الإدراة : ” هو بيمثل لنا إيه ” ؟ . وأجاب بنفسه بينما بدأ الناس يجيبون بالصفة المهنية للسيد المذكور فإذا به يقول كأنما يقوم بتحفيظ مجموعة تلاميذ ” رئيس مجلس الإدارة ” وسكت منتظراً إضافة لم تأتِ منهم فلما لم تحدث أردف : وكبيرنا ! . سمعت صوتى يعترض مرتفعاً ” الكبير ربنا ” .فوافقنى عامل . هذا هو ما يثور عليه العاملون فى دار التحرير بل كل مصر , أن تتم إعادة الأمور والبشر إلى أحجامهم وأماكنهم الطبيعية بلا عدوان ولا تحقير ولا تعظيم ! . لأن ثقافة ” الكبير ” ونظريات ” اللى ما لوش كبير يشترى له كبير ” والتى تلغى الخط الفاصل بين الاحترام والعبودية هى أصل كل المصائب التى قامت الثورة لتنسف بنيتها التحيتة .