«إنها الأقرب إلى قلبى، بل هى احتفاء بصداقتى العميقة بالشاعر الفلسطينى الراحل محمود درويش»، هكذا عبر شاعر العامية الكبيرعبد الرحمن الأبنودى عن سعادته البالغة بحصوله على جائزة محمود درويش للإبداع العربى لعام 2014، والتى لم يعتبرها الأبنودى مجرد جائزة ألحقت بقائمة طويلة من الجوائز التى حصل عليها بل اعتبرها تتويجا لصداقته الحميمة بدرويش القصيدة. نشأت الصداقة بين الأبنودى ودرويش فى أواخر الستينيات وتحديدا عام 1968، حين جاء درويش من موسكو إلى القاهرة برفقة عبد الملك خليل، مراسل الأهرام فى موسكو آنذاك، فقال درويش لخليل إنه «يرغب فى رؤية الأبنودى»، وهنا كان اللقاء الأول بينهما والذى حكى عنه الأبنودى لجريدة «القدس العربى» بعد رحيل درويش: «كان لقائى الأول بدرويش حميميًا وشجيًا، تجولت معه فى شوارع القاهرة القديمة التى راح يصف عبقها وسحرها، وروحنا نتحدث عن الشعر وفلسطين، ثم توجهت لدرويش بسؤال كيف عرفتنى؟» فرد قائلا: «منذ وقت طويل عرفتك منك وأعجبنى أنك لم تنتكس مع النكسة»، فاعتقدت أنه يقصد أغنية عدى النهار، ولكن درويش أوضح: «من البرامج الشعرية فى البرنامج العام بالإذاعة، لقد كنا مداومين على سماعها.. إخوانك الشعراء وأنا.. ولا أريد أن أبالغ بأن أقول كل الفلسطينيين». وأضاف «الأبنودى»: «منذ ذلك التاريخ صار بيتى فى القاهرة هو بيت محمود درويش، فلم يكن محمود يحط بالقاهرة دون أن يقضى ليله ببيتى مصطحبا معه أصدقائه، سميح القاسم، توفيق زياد، سعدى يوسف، مريد البرغوثى». ويذكر الأبنودى آخر مكالمة هاتفية بينه وبين شاعر فلسطين، فيقول: «قبل سفره للعلاج، جاءنى صوته (يا عبدالرحمن، أنا لم أرك جسدى، أنا متشرح، لن أسمح لهم بإجراء عملية جديدة، إذا كان لابد أن أموت فإنى أفضل الموت على طريقة فقير فلسطينى أو فقير أبنودى»، ثم تابع قائلاً: «علمت أننى لست مغدقا فى الحب وعواطفى قليلة، ولكن لتعلم جيدا أننى أحبك بشكل خاص».