إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    ميدو: استدعائي للتحقيق من قبل لجنة الانضباط بسبب الظهور الإعلامي "مصيبة".. وهذه كواليس الجلسة    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. واختيار رجل المباراة في الدوري «كارثة»    «أهل مصر» ينشر أسماء المتوفين في حادث تصادم سيارتين بقنا    إعدادية القليوبية، نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة القليوبية عبر هذا الرابط    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات ويوجه بتوفير سبل الراحة.. فيديو وصور    إعلام فلسطينى: اندلاع حريق فى معسكر لجيش الاحتلال قرب بلدة عناتا شمالى القدس    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    4 شهداء في غارة للاحتلال على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    عماد أديب: نتنياهو يعيش حياة مذلة مع زوجته    كريم خان يتسبب في "خيبة أمل جديدة" بين نتنياهو وبايدن    غالانت يقترح "إنشاء حكومة بديلة لحماس" في غزة    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الإثنين 3 يونيو 2024 (تحديث)    التموين تكشف حقيقة تغيير سعر نقاط الخبز ومصير الدعم    وكيل كوناتي: إذا قرر اللاعب الانتقال إلى الدوري المصري سيكون من خلال الأهلي    موقف الشناوي من عرض القادسية السعودي    ميدو: ليس هناك وقت ل«القمص» وحسام حسن سيخرج أفضل نسخة من صلاح    الكشف عن تفاصيل عرض موناكو لضم محمد عبد المنعم.. ورد حاسم من الأهلي    خسارة للبايرن ومكسب للريال.. أسطورة البافاري يعلق على انتقال كروس للملكي    السجيني: نزول الأسعار تراوح من 15 ل 20 % في الأسواق    الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في الكشف المبكر عن قصور القلب    بعد الخبز.. مقترح حكومي بزيادة السكر التمويني إلى 18 جنيها    أصعب 24 ساعة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين: «درجات الحرارة تصل ل44»    مصرع وإصابة 16 شخصا في حادث تصادم سيارتين بقنا    دفن جثة شخص طعن بسكين خلال مشاجرة في بولاق الدكرور    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    "التعليم": شرائح زيادة مصروفات المدارس الخاصة تتم سنويا قبل العام الدراسي    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    المرصد السوري: سلسلة انفجارات متتالية قوية تهز مدينة حلب (فيديو)    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    «فرصة لا تعوض».. تنسيق مدرسة الذهب والمجوهرات بعد الاعدادية (مكافأة مالية أثناء الدراسة)    النيابة الإدارية تكرم القضاة المحاضرين بدورات مركز الدراسات القضائية بالهيئة    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    محمد الباز ل«بين السطور»: «القاهرة الإخبارية» جعلتنا نعرف وزن مصر الإقليمي    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    عماد الدين حسين: مصر ترجمت موقفها بالتصدي لإسرائيل في المحافل الدولية    أسامة القوصي ل"الشاهد": مصر الوحيدة نجت من مخطط "الربيع العبري"    مدير مكتب سمير صبري يكشف مفاجأة عن إعلام الوراثة وقصة نجله وبيع مقتنياته (فيديو)    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    كوريا الشمالية توقف بالونات «القمامة» والجارة الجنوبية تتوعد برد قوي    عماد الدين حسين: مصر ترجمت موقفها بالتصدي لإسرائيل في المحافل الدولية    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    استمتع بنكهة تذوب على لسانك.. كيفية صنع بسكويت بسكريم التركي الشهي    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    قبل ذبح الأضحية.. أهم 6 أحكام يجب أن تعرفها يوضحها الأزهر للفتوى (صور)    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية الفرجاني في مركز بني مزار غدا    ما جزاء من يقابل الإحسان بالإساءة؟.. أمين الفتوى يوضح    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نادر فرجاني: هل ينقلب الربيع العربي إلى شتاء قارس
نشر في البديل يوم 19 - 10 - 2011

بنجاح ثورتي الياسمين والفل في تونس ومصر في إسقاط الطاغية المتسلط، وقرب تحقيق الانتصار ذاته في ليبيا، ثار الأمل في أن تشكل تونس ومصر وليبيا، “إقليم قاعدة” متصل جغرافيا لقيام نهضة إنسانية في الإقليم، وعبره إلى عموم الوطن العربي، من خلال تبلور المشهد المفتتح لمسيرة “الازدهار الإنساني” حسب تقرير “التنمية الإنسانية العربية” الثالث الذي يفضي إلى إقامة البنى القانونية والمؤسسية الكفيلة بإقامة الحكم الديمقراطي الصالح سبيلا إلى التنمية الإنسانية.
ولكن يثور الآن خطر أن ينقلب الإقليم المعني إلى إقليم قاعدة للإسلام المتشدد من خلال غلبة التيار الإسلامي المتشدد في الساحة السياسية، وفي المجالس التشريعية الجديدة بعدالثورة، ما يسمح له بتشكيل محتوى الدساتير الجديدة والقوانين المشتقة منها بما يتفق وتوجهاته السياسية والتي قد لا تستقيم مع إسلام العقل والعدل والإخاء والمساواة والمحبة والتراحم، كما تنص المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، وليس أحكام الفقه التي تنطوى على الغرض والهوى، وتنزع لنتطبيقات الفقه المتشدد الذي يتضارب مع هذه المقاصد الرائعة.
فمن المهم ملاحظة أن القوي الفاعلة في المرحلة الانتقالية في حالتي تونس ومصر، المتقدمتين على مسار التحرر من الحكم التسلطي قد انقسمت بين فصائل التيار الإسلامي المتشدد وغيرهم.
في حالة مصر، على التحديد، يثور خطر أن تصميم المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتحالف التيارات الإسلامية المتشددة على انتخاب مجلس الشعب والشورى أولا وقيامهما تحت إشراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الحاكم خلال الفترة الانتقالية، بوضع الدستور الجديد، وخاصة في ضوء تمكين السلطة الانتقالية للتيارات الإسلامية المتشددة من تصدُّر الساحة السياسية، والموافقة على تنظيم نفسها في أحزاب، على الرغم من النص في القوانين المعنية على عدم جواز قيام الأحزاب على أساس ديني. واللافت للنظر أن تشكيل الأحزاب من قبل التيار الإسلامي المتشدد لم يتسم بأخلاقيات الإسلام السمحة، فقد اتهم حزب الفضيلة السلفي حزب الأصالة السلفي ب'اغتصاب 3500 توكيل خاص به'، مهددا باللجوء للقضاء لحسم الأمر. كما بدا تحالف الفصائل الإسلامية المبدئي يتفتت وينهار في خضم التنافس السياسي”الدنيوي”.
وينطوي ذلك الواقع المستجد على الساحة السياسية على خطر أن تتغلغل في الدستور الجديد توجهات الإسلام المتشدد بالانتقاص من الحقوق المدنية والسياسية للنساء وغير المسلمين افتئاتا على بعض المبادئ الحقوقية المستقرة في منظومة حقوق الإنسان من عدم جواز التمييز بين البشر، خاصة في الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين. بينما تنصب “المرجعية الإسلامية” للدولة في عرف التيار الإسلامي المتشدد، في المقام الأول، على تطبيق الشريعة بالمفهوم الشكلي المتمثل في تطبيق الحدود، ولو من دون توافر شروطها، وفي حماية العفة الظاهرية (التحجب والحشمة في اللباس ومنع الخمور ومنع القبلات والمشاهد الحميمة في الأعمال الفنية وحجب التماثيل) بدلا من إسلام العقل والعدل والإخاء والمساواة والمحبة والتراحم.
وفي حالة تونس، تفجرت معارك كلامية وتظاهرات متضادة كبيرة حول قضية الحقوق الشخصية لا سيما للنساءن وقامت قوى سلفية بالاعتداء على كلية جامعية وعلى مقر قناة تلفزيونية، وإحراق نزل مديرها،عندما اختلفت مع هذه الجهات في مواقف.
أما في حالة ليبيا، فقد تأكد انقسام مماثل داخل معسكر الثورة المنتصرة على طاغوت ليبيا من حيث أن الثوار المسلحين ينتمي كثرتهم لتيار الإسلام الجهادي. فقد تبين مثلا أن القائد المعين للمجلس العسكري على طرابلس هو الأمير السابق في الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية (الجماعة) والذي كانت المخابرات الأريكية قد اعتقلته وسلمته لنظام القذافي لسجنه سنوات. وف ي هذا ما أبرز الانقسام في صفوف الثوار بين تيار إسلامي متشدد تحمَّل جُل عبء القتال وآخر “علماني” تحيط ببعض قياداته شبهات التبعية للتحالف الغربي وحتى للطاغية المخلوع. ولا يستبعد أن يكتسب التيار الإسلامي المتشدد دعما من معارضة التدخل الغربي الذي حارب في صف الثوار من خلال حلف شمال الأطلنطي ضد نظام الطاغية الفار، والتي لابد ستشتد مع تزايد الدلائل على أطماع الحليف الخارجي في البلد وثروتها النفطية واستعداد المجلس الانتقالي للتنازل عن بعض الثروة وربما السيادة، غنيمة مستحقة للحليف المحارب الأجنبي.
وفي سورية طالما ادعت السلطة أن فصائل إسلامية تقف وراء الانتفاضة الشعبية. وفي الأردن بدت علامات انشطار مقابل في فعاليات الاحتجاج الشعبي.
والاستنتاج هو أن هذا الانشطار بين الفصيل الإسلامي المتشدد وباقي فصائل التحرر من الحكم التسلطي ربما سيظل مؤثرا على ساحة الحراك السياسي، من خلال غلبة التيار الإسلامي في مجريات الترتيبات القانونية والمؤسسية والحكم الديمقراطي، ومن ثم يؤثر على فرص النهضة الإنسانية في الوطن العربي، لسنوات قادمة.
ويتمثل أحد أخطر تبعات هذا الانشطار في حال غلبة الفصيل الإسلامي المتشدد في دوائر صنع القرار في البلدان العربية الثلاثة كلها، التي كنا نتمنى أن تشكل إقليم القاعدة المأمول للنهضة الإنسانية في الوطن العربي. إذ في هذه الحالة، يمكن أن يشكل الإقليم قاعدة لمد إسلامي متشدد ومحافظ يتقهقر بالمنطقة العربية بعيدا عن متطلبات التحول إلى الحكم الديمقراطي الصالح القائم على المواطنة المتساوية، وهي الشرط للازم لبدء مسيرة النهضة في مفهومنا، وبعيدا من ثم، عن مسار الإصلاح المجتمعي الكافي لقيام النهضة الإنسانية في الوطن العربي.
ويزيد من تبعات هذا الاحتمال أن هذه الفصائل تؤمن بالأمة الإسلامية، العابرة لحدود الدول القومية، ومتمرسة، من ثم، في “الجهاد” عبر الحدود الدولية. كما تتوافر فعلا امتدادات للتوجه السياسي في بلدان أخري غير الثلاثة التي ذكرنا، خاصة في شمال أفريقيا مثل الجزائر والمغرب وموريتانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.