«الحرية هي الحياة.. ولكن لا حرية بلا فضيلة»، اشتهر بمقولته هذه صاحب البؤساء وأحدب نوتردام، الذي ساهم في تجديد الشعر والمسرح، وأعجب هذا التجديد معاصريه ولم يعجب بعض المحدثين الآخرين. تمر اليوم الذكرى ال212 على ميلاد الأديب الفرنسي فيكتور هوجو، الذي مثّل الرومانسية الفرنسية بنظرته المفتوحة على التغيرات الاجتماعية مثل نشوء البروليتاريا الجديدة في المدن وظهور قراء من طبقة وسطى والثورة الصناعية والحاجة إلى إصلاحات اجتماعية، فدفعته هذه التغيرات إلى التحول من نائب محافظ بالبرلمان الفرنسي مؤيد للملكية إلى مفكر اشتراكي ونموذج للسياسي الاشتراكي الذي سيجيء في القرن العشرين، بل أصبح رمزا للتمرد على الأوضاع القائمة. أجاب "اندره جيد" بامتعاض على السؤال: من هو أكبر كاتب فرنسي؟ بقوله: "للأسف، فيكتور هوجو!"، وقال ناقد آخر: "إن فيكتور هوجو مجنون يتصور أنه فيكتور هوجو". اتخذ في البداية مواقف سياسية مختلفة، وكان يدعو إلى الأدب الاجتماعي الملتزم ، مؤكدا على أن الأدب والسياسة لا يمكن فصلهما عن بعض. وقد أعلنت الحكومة الفرنسية إثر وفاته الحداد العام القومي، وتم دفنه في مقبرة بانتيون الخاصة بالمشاهير، إذ لم يحظ حتى ذاك اليوم أي أديب بهذا التقدير الرسمي. أكد هوجو على الجوانب الأخلاقية للتطور والتقدم البشريين، ومسيرة الفكر. فهو يرى أن الأدب ينبغي أن لا يكون ترفيها فحسب، بل يجب أن يكون إيديولوجيا أيضا. وقد وضع جماهير الشعب في بؤرة أحداث قصصه و رواياته. وقال "لا يمكن فصل الأدب عن رؤية العامة ومشاكلهم". وقياسا إلى الفترة الزمنية التي عاصرها الروائي المفكر يمكن القول إنه رمى بحجر على البئر الزجاجية للنظريات، والمنظومات والجماليات الأدبية السائدة لكي يحدث فيها حركة ما. حصل هوجو لأول مرة عام 1819 في السابعة عشر من عمره على جائزة شعر، وكافأه لودفيج الثامن عشر بكرسي دراسة أكاديمية. وقام فيما بعد بمزاوجة قصائده بالموضوعات الفلسفية، وسمى نفسه مثل فولتير الشاعر السياسي. كانت قصائده في تلك الفترة، وبتأثير آداب الشرق، عدا ثوريتها، تميل إلى الطبيعة، و تسجل خواطر حزينة. في صباه قال إنه سيكتسب شهرة ترقى إلى شهرة شاتوبريان. وقد أطلق عليه بعض النقاد شكسبير الرواية، رغم تأثره بروايات ولتر سكوت. ويمكن للقارئ اليوم أن يتعرف إلى ثورة جولاي الفرنسية، وثورة عمال باريس، والملكية الدستورية، والرجعية الحاكمة في تلك الفترة الزمنية عن طريق كتاباته، وتعتبر روايته "أحدب نوتردام" أهم رواية تاريخية للعصر الرومانسي الفرنسي. في " البؤساء" تمكن من الربط بين النزعات الفلسفية والسياسية والأدبية والإيديولوجية لعصره. فهذه الرواية بسبب تمجيدها للنزعة الإنسانية، اعتبرت لسنوات من أهم المؤلفات التي حظيت بأكبر عديد من القراء الفرنسيين. أما رواية "الراية السوداء" فهي أكبر كتاب موجه ضد سياسة الاستعباد الأوروبية بحق الأفارقة. ويعرب عن استهجانه للعنف المترافق مع الثورات الاجتماعية في روايته "سنة 93″. عاش في سنوات 1802- 1885 في فرنسا. وقضى طفولته في إسبانيا وإيطاليا حيث والده كان جنرالا نابليونيا. وبعد تخرجه من جامعة البليتكنيك في باريس قام بتكريس كل وقته في خدمة الأدب الاجتماعي. وكان يدعو في مؤلفاته إلى النضال بمواجهة نابليون الثالث وأطلق عليه نابليون الحقير، وفي فترة اغترابه عن بلاده أخذ يقدم على الكفاح السياسي وإلى عودة الديمقراطية.