فى ظل الاتجاهات الأمنية التى تدعو باسم قانون التظاهر إلى الاعتداء على كل من يحاول اختراق السياجات الأمنية وتوصيل الحقائق المرئية إلى الرأى العام عن طريق الوسائل الصحفية المختلفة، يروى الزميل كريم البحيري الصحفي بجريدة البديل تفاصيل الاعتداء عليه واعتقاله. فيسرد قائلا:"كلفت يوم 24يناير من صحيفة "البديل" بتغطية مسيرات أكتوبر لقرب المنطقة من منزلى فانطلقت يوم 25 يناير في الذكري الثالثة للثورة الساعة التاسعة صباحاً من منزلي". ورصدت فى خبر للجريدة الإجراءات الأمنية أمام مدينة الإنتاج الإعلامى ثم انطلقت إلى ميدان الحصرى لتغطية المسيرة التى كان من المقرر انطلاقها من المسجد بعد صلاة الظهر. وتابع:"فى أثناء تواجدي أجريت لقاء مع أحد الضباط حول الاستعدادات الأمنية للتظاهر ثم عدت لساحة المسجد فسمعت مجموعة من الأشخاص يتحدثون عن أن تظاهر الحصرى ومسجد "عماد راغب"هى دعوات وهمية وأن المظاهرة الحقيقية ستكون بميدان"أسوان" بالحى العاشر، فأبلغت الجريدة وانطلقت إلى ميدان"أسوان"، وفى الساعة الثانية ظهرا موعد التظاهر لم يكن هناك سوى 10 أشخاص ثم فجأة بدأ توافد العشرات". واستمرت المظاهرة دقائق لتتحول إلى مسيرة، وعندما سألت عن وجهة المظاهرة، قال عدد من المشاركين، إنهم لا يعرفون الوجهة وظللت سائرا بجوار المسيرة أرصد ما يحدث بها وأبلغ الجريدة. وبدأت قوات الأمن في القدوم وأطلقت وابلا من قنابل الغاز ثم بدأ إطلاق الرصاص من أماكن غير محددة ثم بدأت فى رصد عناصر مقنعة بأسلحة ناريه وخرطوش وعلى الفور أبلغت الجريدة بما رصدت، ولكن اشتدت حدة الاشتباكات مما جعل هناك صعوبة شديدة من استمرار رصد ما يحدث من مكانى بسبب تعرضي لاختناق شديد جراء الغاز، بالإضافة إلى تمركز إطلاق الرصاص تجاهى من قبل مجهولين، وأثناء محاولة التحرك وجدت رجلا كبيرًا يصرخ فحاولت تهدئته وإبعاده عن مرمى الرصاص وأبلغته بهويتى كصحفى وفجأة بدأ وابل الرصاص فى الانطلاق تجاهنا فهرولنا إلى مربع من العمارات فطلب منى الرجل أن أصعد إلى شقته التى فوجئت بأنها بالدور الثانى فى العمارة التى لجأنا إليها لتحمينا من الرصاص. بعد نصف ساعة توقف إطلاق النيران فطلبت من الرجل أن أنصرف وأنا على السلم فوجئت بعشرات الضباط المقنعين فأخبرتهم بهويتى الصحفية وأبرزت لهم كارنيه العمل الصحفى ولكنهم قاموا بالاعتداء على بشكل وحشى وطوال الطريق إلى "بوكس " الشرطة كانت عملية الاعتداء على مستمرة ثم وضعت داخل سيارة الشرطة وتم الاستيلاء على بطاقتى الشخصية وكارنيه العمل الصحفى وعدد 2 موبايل بهم 3 شرائح موبايل،ودبلة فضية،ومبلغ مالى قيمته 225 جنيها. وعندما وجدت لواء شرطة وضابط مباحث حاولت أن أستنجد بهما وأخبرتهما أنى صحفى لكنهما "سبونى" بأبشع الألفاظ وتم نقلى إلى عربه ترحيلات الشرطة وحتى صعودى للسيارة لم تتوقف عمليه الاعتداء بعصي الشرطة والأيدى، وتم وضعى بعربة الترحيلات المملوءة بشباب أغلبهم فى العام السابع عشر من العمر. ثم تم نقلى إلى قسم شرطه ثان أكتوبر وسط 46 متهما وبدأت عمليه اعتداء جديدة وبشكل أكثر وحشية، ثم تم سحب 46 متهما وتصويرهم بجانب أسلحه نارية ومولوتوف وعندما طلب منى أن أتصور بجانب مايسمى بأحراز المتهمين رفضت، وأخبرت مسئول القسم بأنى صحفى ولا أعرف أى شيء عن تلك الأسلحة وأنى لن أتصور مهما كان الثمن فتم الاعتداء على بشكل وحشى حتى فوجئت بضابط "أمن دولة" يطلبنى بمكتب خاص فى القسم وبدأ استجوابى عن علاقتى بحركة 6 إبريل وحركة الاشتراكيين الثوريين. وأضاف"وقد رفض الاقتناع بأنى صحفى، وكنت بمهمة عمل فى أكتوبر وأن كارنيه العمل يثبت ذلك وأنا على استعداد للاتصال بالجريدة للتأكيد على كلامى". وقال:" لكن رفض وظل يستجوبنى لمدة ساعة ثم تم نقلى إلى معسكر الأمن المركزى بالكيلو 10,5 على طريق إسكندرية الصحراوى ليتم استقبالى أنا و46 آخرين على يد حوالى 10 عساكر وضباط مباحث ليتم إجبارنا على وضع وجوهنا للحائط ثم إجبارنا على خلع ملابسنا كاملة ولم يتبقى سوى الملابس الداخلية السفلية، ثم بدأ العساكر بالاعتداء الوحشى علينا لمدة نصف ساعة أو أكثر ليتم وضعنا بعد ذلك فى زنزانة بها 71 محتجزا وهى لا تتحمل إلا 20 فردا." وفى الساعة الثانية فجراً فوجئت بعسكرى ينادى باسمى أنا و4 آخرين وتم أخذنا لأحد غرف المعسكر وسط اعتداءات العساكر، ثم تم وضع غمامات على أعيننا وبدأ التحقيق معى من قبل نفس ضابط أمن الدولة الذى التقيته بقسم ثان أكتوبر حتى الساعة السادسة صباحا تقريبا وسط اعتداءات العساكر الوحشية التى لم ينقصها إلا أن تقوم بتجريدنا من ملابسنا للمرة الثانية. وكان محور التحقيق اتهامى بأنى "إخوانى" فأكدت له أننى "يسارى"، فقال أنى أنتمى ل6 إبريل والاشتراكيين الثوريين فقلت له أن ذلك ليس تهمة ولكن ليس صحيحا، فأنا لست عضوا فى الحركتين فبدأ بسؤالى عن "أحمد ماهر" و"إسراء عبد الفتاح" والصحفى "هشام فؤاد" والمحامى "هيثم محمدين" والمحامية "مروه فاروق" وعدد من الشخصيات الأخرى، ثم بدأ بسؤالى عن "عاصم عبد الماجد"وبعض أعضاء الإخوان التى كانت أرقامهم مدونة بالإندكس الصحفى الخاص بى، فأخبرته أنى صحفى ويجب أن يكون عندى أرقام مصادر، وأخبرته أن الإندكس به عدد من أسماء النشطاء والضباط والخبراء العسكريين، لماذا السؤال عن هؤلاء؟!. وكان الرد بالاعتداء على وأننى لست صحفيا وأن الجريدة التى أعمل بها أنكرت معرفتها بى فقلت أن ذلك مستحيل لأن الكارنيه يثبت عملى بالجريدة بالإضافة إلى أننى كنت فى مهمة عمل صحفى فكان الرد على بالضرب والإهانة. فى الصباح تم إعادتى إلى الزنزانة التى لم أستطع النوم خلالها بسبب تكدسنا مثل "علبة السردين" وفى الساعة الثانية ظهراً يوم 26 يناير تم عرضى على وكيل النيابة الذى حضر إلى المعسكر فأخبرته بكل ماسبق ولكن قال لى:"إننا سننتظر التحريات التى ستأتى فى اليوم الثانى، ولكن فوجئت بأنه تم حبسى 15 يوما على ذمة التحقيقات رغم أننى كنت فى مهمة عمل". ثلاثة أيام مرت، وكل يوم نتعرض للإهانة ويمنع عن أدويتى التى تساعدنى على التنفس بسبب إصابتى بحساسية شديدة وعدم قدرتى على النوم بسبب تكدس الأشخاص داخل زنزانة واحدة مما يجعلنا نتبادل عملية النوم لعدم قدرتنا على النوم مرة واحدة. الغريب أن وكيل النيابة رفض تحويلى للطبيب الشرعى رغم إعلامى له بأنه تم الاعتداء على بوحشية وهذا ما رآه بعينه، وأنا الآن أنتظر عدالة القانون إلا أنه يبدو أن القانون دخل ثلاجات التعطيل وعاد زمن تلفيق القضايا التى حولت صحفيا يقوم بعملة لمتهم بحوزته أسلحة نارية ومولوتوف وقنابل يدوية، وكأنى إرهابى رغم أنه لم يكن معى سوى موبايلات و"بخاخة تنفس"، وكارنيهات عمل صحفى وأموالي الخاصة. الأهم من ذلك أن ما رأيته فى هذا المعسكر كارثة، حيث أن مقر احتجازى غير قانونى يمارس فيه التعذيب بوحشية، يوضع فيه طلبة جامعة، ومواطنون لم يفعلوا شيئًا، ولاينتمون لأى جماعة، تهمتهم الوحيدة إطلاق اللحية رغم أنهم رافضون للإخوان وغير متشددين إلا أن تهمتهم "التدين". فى الوقت نفسه، يوجد متهمون "جنائيون" كانوا أرحم بنا من الشرطة التى طلبت منهم الاعتداء علينا، إلا أنهم كانوا يستقبلونا بالأدوية لعلاجنا من آثار التعذيب، هذا بخلاف أطفال فى السابعة عشرة من عمرهم تصادف وجودهم فى الشارع أثناء فض المظاهرة، رغم أنهم لا يعلمون عن السياسة سوى اسمها. الكثير والكثير سأرويه عن يومياتى، إذا تبقى فى العمر بقية، بمعسكر الأمن المركزى بالكيلو 10,5 بأكتوبر.