لا يكون الرأي أو الموقف من مسألة ترشح حمدين صباحي من عدمه مبنيا علي النتيجة المتوقعة لانتخابات الرئاسة القادمة إلا عند هؤلاء الضعفاء من دراويشه أو الانتهازيين من خصومه. ويبدو محقا من يدعوه إلي الترشح حتي لا يسمح بتفريق قوي الثورة وشبابها استنادا إلي موقف الثوار الرافض للحكم العسكري، كما يكون محقا من يدعوه إلي عدم الترشح حتي لا يشق صف الثورة استنادا إلي أن الشعب والجيش شركاء الثورة منذ يناير 2011، ولو قيل إن المجلس العسكري هو من بادر بشق الصف بترشيحه للفريق؛ فإذن موقف حمدين -إن لم يترشح- هو الموقف الأنبل لأنه هنا يكون الأحرص علي وحدة الصف، كما أنه إذا ترشح انصياعا للرأي القائل أن المجلس العسكري هو من بادر بشق الصف؛ بات كل منهما سواء، يتصارعان علي منصب زائل، بل إنه -حتي الآن- لدوافع المجلس العسكري -أو مبرراته- وجاهة ومنطق، قد لا يتوافران لقرار حمدين بالترشح، إذ لا يكفي أن يكون دافعه ألا تتفرق قوي الثورة وشبابها، إذ الأولي هو حفظ صف الثورة ألا ينشطر قطبيه (الشعب والجيش)، وليس مجرد الانحياز لأحد قطبيها في مواجهة الآخر، ويدخل بهما في مواجهة ومعركة سياسية مباشرة يربح فيها أحدهما ويخسر الآخر؛ ويخسر الوطن كله. ثم من يتصور أنه إذا نجح حمدين في انتخابات رئاسية ديمقراطية نزيهة؛ أن ينجح في حكم مصر وهو علي خلاف مع جيشها؛ ومن يرضي -إن لم يكن متصور أن ينجح- أن يزج به إلي أن يختتم مشوار نضاله بمعركة خاسرة في مواجهة جيش جمال عبدالناصر بحجج واهية، إلا من كانت لديهم مصالح -شخصية- من ترشحه، شباب سيقضوا نحبهم سياسيا إذا خرج حمدين من المشهد دون أن يبني لهم تنظيم يضمن استمرارهم، أو عناصر إخوانيه مدسوسة بين المقربين منه تدفع به إلي الصدام مع القوات المسلحة، أو عناصر أمنيه تتظاهر له بالولاء. هناك ثلاث مقالات طلبت فيها من المشير ألا يترشح ولا زلت علي موقفي للأسباب الثلاثة الآتيه:- أولا:-حتي لا يوحي ترشحه بأن موجة الثورة الأخيرة مجرد انقلاب العسكري، أمام التاريخ و العالم والشعب. ثانيا:- حتي لا يدخل بالجيش إلي المعترك السياسي المباشر وينقله من خانة الأمان ليضعه بين كفتي ميزان. ثالثا:- حتي لا يضع مصر بين مطرقة الحكم العسكري وسندان الحكم الديني، ويكون سببا في تجريف قوي الثورة الحقيقية لمصلحة الفلول والإخوان. والآن أقول لحمدين أيضا لا تترشح؛ لأنك أنت الأنبل؛ وسيثبت التاريخ أنك الزعيم المدني الذي أبقي علي مصلحة الوطن؛ وكان أحرص علي أمنه القومي.