بمقدور المراقب عن كثب للمشهد السياسى فى مصر أن يرصد تواصل الحملات الإعلامية المحمومة على المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى ، والتى تستهدف النيل منه، وتشوية صورته أمام الرأى العام، وهو الهدف الذى تشاركت فيه اتجاهات شتى، ومن مشارب متعددة، لكل منها الهدف الخفى من محاولات التشوية . بل واتسعت هذه الحملات لتشمل أفراداً من أسرته، كما حدث فى موضوع إتهام ابنته الإعلامية سلمى صباحى ، بالنصب على المواطنين والحكم عليها بثلاث سنوات ، وعند استئناف الحكم كانت البراءة، التى لم تنال اى قدر من الضجيح الإعلامى ، كما كان الحال لحظة إعلان الاتهام . وبطبيعة الحال، تزايدت حدة وشراسة هذه الحملات منذ أن قرر التيار الشعبى التوافق على ترشيح حمدين لرئاسة الجمهورية المقبلة . ومع إيمانى الكامل بحق انتقاد أى شخصية عامة، وان عليها أن تتحمل هذا النقد بسعة صدر ، ويكون لها الحق فى الرد عليه، إذا كان مشفوعاً بآدلة وأسباب موضوعية وبراهين وغيرها . غير أن واقع الحال ، أن هذه الحملات فقدت عنصر الموضوعية فى غالبيتها . فعلى سبيل المثال، تعمد تصويره " كعبده مشتاق " لا يهمه سوى مقعد الرئاسة !! متناسين أن حمدين لم يترشح سوى مرة واحدة، وكان بمثابة الحصان الأسود فى هذا السباق، وحصد دعماً سواء من أنصاره أو خارجهم ، كان بمثابة الصدمة لمن لم يكن يروق لهم ذلك. وهو، أى حمدين، شأنه شأن أى مواطن، يحق له الترشح، متى قرر ذلك. وفى السياق ذاته ، محاولة اتهامه بأنه ايد أنظمة حكم استبدادية سابقة، مثل صدام ومعمر وغيرهم ، واستفاد مادياً منها !! وعلى المستوى الشخصى، كنت اتوقع أن يبادر هؤلاء بتقديم ما لديهم من عريضة اتهام إلى جهات التحقيق لتبيان الحقيقة، ولكن لم يحدث ذلك حتى الآن . كذلك تحميل صباحى، منفرداً، مسئولية عدم التوافق على مرشح واحد يمثل ثورة 25 يناير، وعدم تشتييت الأصوات! والتساؤل الهام: ماذا كان موقف المرشحين الأخرين؟ مثل عبد المنعم ابو الفتوح، وخالد على، وعمر موسى، وغيرهم، ولماذا لم توجه لهم سهام الإتهامات، بنفس الضراوة والحدة، كما الحال بالنسبة لصباحى؟. بل الغرابة أن أحد مدمنى تشويه الأخرين، وهو معروف بذلك، أى التخصص فى تشويه الأخرين ، هدد حمدين صباحى، مؤخرا ، ً فى حالة ترشيحه للرئاسة !! بإخراج ما لديه من "سيديهات" لفضحه، وكان الأجدر به أن ينشرها للكافة ويتيح لأخرين حق مقاضاته على اتهامات باطلة اذا ثبت ذلك . ولكن الغريب، أن هذه الحملات اقترنت بتشويه شعار أنصار حمدين "واحد مننا" إلى شعار "واحد خمنا" دون تقديم دليل واحد لصحة هذا "الخم". وبطبيعة الحال، سوف تزيد شراسة هذه الحملات فى حال ترشح الفريق عبد الفتاح السيسى لسباق الرئاسة. وحتى اللحظة لم يحسم الموقف ، سواء من السيسى، غير أن أخر تصريح لحمدين بهذا الخصوص، أنه سيترك السباق، فى حالة تواجد مرشح عليه توافق عام . ومع كل التقدير لموقف السيسى من ثورة 30 يونيو ، وامتثاله للإرادة الشعبية فى خلع نظام حكم الإخوان ، بصرف النظر عن الجدل العقيم حول موضوع أعداد من نزلوا فى ميادين وشوارع مصر كلها ، فإن مسألة الترشح لرئاسة البلاد تقترن بأشياء أخرى، أقلها، وجود برنامج انتخابى معلن ومحدد، قابل للنقد والإضافة، وحملات إعلامية ومفتوحة لمخاطبة الرأى العام لبيان ما ينتوى تنفيذه، من برامج واهداف وافكار تستهدف الصالح العام، سواء فى اللحظة الراهنة الصعبة، أو ما يتلوها فى المستقبل القريب أو بنهاية مدة الرئاسة، لآن السيسى فى هذه الحالة سيكون شخصية عامة ومرشح لرئاسة البلاد، وعليه أن يتحمل بكل رحابة صدر ما تكون عليه معركة الانتخابات، وما يقترن بها . وفريق عمل قادر ويملك الكفاءة على تجسيد هذا البرنامج على أرض الواقع، وتحديد آلويات محددة تسبق غيرها، تقترن بشعارات الثورة من حرية وتغيير وعدالة اجتماعية وكرامة انسانية، حتى يقول العامة نعم عن قناعة . بل يملكون حق المتابعة العملية ، وإبداء الرأى بصراحة فيما يتم تنفيذه على أرض الواقع . وطبعاً ، يملك صباحى وغيره، إذا قرروا ذلك ، حق المشاركة فى السباق، حتى تكون انتخابات تنافسية حقيقية، يشعر فيها كافة المتنافسين بأهمية وحتمية التعبير عن إرادة شعبية مطلقة ، دون تقييد، وحتى لا يتواصل البعض فى انتاج "فرعون آخر" حتى ولو لم يكن يبغى ذلك.