نشرت صحيفة "ذي جارديان" البريطانية اليوم الأثنين مقالاً للبروفيسور آفي شليم استاذ تاريخ الشرق الاوسط الحديث في جامعة اكسفورد، وهو إسرائيلي من اصل عراقي له مؤلفات كثيرة عن شؤون المنطقة، تحت عنوان "رجل سلام؟ ارييل شارون كان بطل الحلول العنيفة". ويرى البروفيسور شليم، وهو من مواليد بغداد، ان تركة شارون هي تمكين بعض اسوأ العناصر في المسرح السياسي الاسرائيلي الذي يصفه ب"المختل وظيفياً". وهنا مقتطف من نص المقال الذي نشرت معه الصحيفة رسماً لصقر رمزاً لتشدد شارون: "ارييل شارون الذي مات السبت بعد ثماني سنوات على دخوله في غيبوبة كان احدى الشخصيات الاكثر ايقونية واثارة للجدل في إسرائيل. وقد تمحورت حياته العملية الطويلة المتنوعة كجندي وسياسي الى حد كبير حول قضية واحدة: الصراع بين إسرائيل وجيرانها العرب، وكان، كجندي، مشاركاً باكثر الصور حدة في هذا الصراع المرير. وكسياسي، صار معروفاً باسم "البلدوزر" بالنظر الى احتقاره لمنتقديه ولتصميمه القاسي على انجاز عمل الاشياء، كان شارون شخصية معطوبة لدرجة عميقة، شهيراً بوحشيته، وريائه وفساده. وبالرغم من هذه العيوب، فانه يحتل مكانة خاصة في اسفار تاريخ اسرائيل، كان شارون وطنياً يهودياً متحمساً، ومتشدداً منذ نعومة اظفاره وصقراً يمينياً ضارياً. وقد اظهر ايضاً تفضيلاً مستمراً للقوة على الدبلوماسية في التعامل مع العرب، وقد عكس قول كلاوسفيتز المأثور بمعاملته الدبلوماسية كامتداد للحرب بوسائل اخرى. وقد اوجز العنوان الذي اختاره لسيرة حياته شخصيته بكلمة واحدة معبرة – محارب، وكان شارون مثل كوريولانوس في رواية شيكسبير التراجيدية آلة حرب بصورة اساسية. وقد ندد به منتقدوه كممارس ل"صهيونية البندقية"، وكتشويه للفكرة الصهيونية عن اليهودي القوي، المنصف وغير الهياب. وبالنسبة إلى الفلسطينيين كان شارون الوجه البارد، القاسي والعسكري للاحتلال الصهيوني، في 1953 ارتكب الميجور شارون اولى جرائم حربه: مجزرة راح ضحيتها 69 مدنياً في قرية قبية الاردنية (على الحدود بين اسرائيل وما تبقى من فلسطين وصار معروفا باسم الضفة الغربية تحت الحكم الاردني) وفي 1982، بصفته وزيراً للدفاع، قاد غزو اسرائيل للبنان في حرب خداع اخفقت في تحقيق اي من اهدافها الجيوبوليتيكية المتسمة بالمبالغة الحمقاء. واستنتجت لجنة تحقيق ان شارون مسؤول عن عدم منع المذبحة من جانب حزب الكتائب المسيحي ضد اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت. وقد نُقِشَ ذلك الحكم على جبهته كعلامة قابيل (قاتل اخيه هابيل في اول جريمة قتل في تاريخ الانسانية، حسب التراث اليهودي). ولكن من كان يمكن ان يتنبأ بان الرجل الذي اعلن عنه انه لا يصلح لأن يكون وزيراً للدفاع سيعود رئيساً للوزراء؟ خلال حملة الانتخابات في 2001 حاول شارون اعادة اختراع نفسه كرجل سلام.