أرائيل شارون رئيس وزراء إسرائيل السابق، ما إن يتردد أسمة إلا ويتذكر العالم سجله الإجرامي بحق الشعب الفلسطيني حتى أطلق عليه " عاشق الدماء"، لدوره في الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982، وارتكابه مذبحة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها آلاف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كما شارك أرائيل شارون في قتل وتعذيب الأسرى المصريين 1967. وكان شارون في حياته مثير للجدل بجرائمه البشعة التي اقترفتها يده، أما موته فتضاربت الأنباء حولها أمس ، حيث أعلن رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى أمس في مدينة بئر السبع بالأراضي المحتلة عام 48 وطبيب شارون الخاص، عن وفاة شارون في الساعة 17:31 مساء اليوم". وأوضح الطبيبأنه "بعدما تدهورت حالة شارون، بذل الفريق الطبي الخاص به كل جهوده لتحسين حالته، ولكن رغم كل هذه الجهود لم ينج ونحن فقدناه للأسف". على الجانب الأخر قالت مسئولة في مستشفى "سوروكا" ، إنه لا صحة لما تم تداوله ، حول إعلان طاقم طبي في المستشفى عن وفاة رئيس الحكومة الأسبق. وأشارت مساعدة الناطقة بلسان المستشفى، شارون إدري ، بعد توجه مراسل وكالة "معا" الفلسطينية في النقب إليها أنها قامت بفحص الأمر مع إدارة المستشفى وأخبروها بأن شارون لم ينقل إلى المستشفى ، مرجحة أن رئيس الوزراء الأسبق "يرقد في مستشفى شيبا في تل هشومير". وعقبت مساعدة الناطق بلسان مستشفى "شيبا" في تل هشومير أنه لا صحة لهذه الشائعة، علما أن المواقع الرسمية الإسرائيلية لم تتداول هذه الشائعة. وكان قد انتشر على موقع التواصل الاجتماعي خبر عن وفاة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي. حياة جديدة أعلنت مجموعة من الأطباء الإسرائيليين في يناير 2013 ، أنهم يحاولون إحياء شارون، وإعادته إلى الحياة بعد سبع سنوات من الغيبوبة، بعد إصابته بشلل دماغي. ونُقِل شارون وقتها إلى المستشفى لإجراء فحوصات بواسطة أجهزة حديثة لعلاج الشلل الدماغي، بإمكانها إعادة هيكلة الدماغ بواسطة الحاسوب. وبحسب المعلومات، فإن الجهاز المستخدم قادر على اكتشاف الخلايا الدماغية التي ما زالت حية، وإذا نجح الأطباء في ذلك يمكنهم توسيع عمل الخلايا المكتشفة بما يضمن تأثيرها على الخلايا الأخرى في الجسم، مما يؤدي إلى تحسين حالته. وتوقع الأطباء في يناير الماضي نجاح جهودهم بعد نجاح استخدام الجهاز على أربعة مرضى من بين ثلاثة وعشرين خضعوا للتجربة. ووفق التقارير الطبية فان المرضى الأربعة، الذين عانوا من الشلل الدماغي، تمكنوا من العودة الى الحياة بشكل جزئي. ويأمل الأطباء أن تكون وضعية شارون مماثلة للأربعة الذين تجاوبوا مع العلاج. وتتجاوز تكاليف علاج شارون السنوية 1.5 مليون شيكل وقد أقرت لجنة المالية التابعة للكنيست مناصفة تغطيتها بين العائلة والحكومة. وأعلن رعنان غيسين مساعد سابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في وقت سابق أن الفحوص الطبية الأخيرة يبدو أنها تعطي بارقة أمل في تحسن وضعه. وقال غيسين أن شارون نقل إلى مستشفى سوروكا حيث خضع لصورة شعاعية بواسطة الرنين المغناطيسي ، وأضاف غيسين "انه فحص روتيني" ولكن "كان هناك نوع من المؤشر الايجابي". وأكدت المتحدثة باسم مستشفى سوروكا انبار غوتر ان شارون نقل "لبضع ساعات" الخميس للخضوع لفحوص قبل أن تتم إعادته إلى مستشفى تل هاشومير في تل أبيب حيث يرقد. الطفل المجرم ولد أرييل صموئيل مردخاي شرايبر (أرييل شارون) في قرية ميلان الفلسطينية -التي أصبحت فيما بعد تسمى مستوطنة كفار ملال- عام 1928 لأسرة من أصول بولندية عملت في مزارع الموشاف في فلسطين بعد أن فرت إليها خوفاً من بطش النازيين. درس التاريخ وعلوم الاستشراف في الجامعة العبرية في القدس، وأكمل تحصيله الجامعي في كلية الحقوق في تل أبيب، ثم حصل على شهادة جامعية عام 1996. وأرسله والده إلى الكلية الزراعية ولكنه لم يكن راغباً في الدراسة. عرف شارون منذ صغره بالإجرام، حيث كان يحمل عصا في صغره لضرب الأطفال وإخضاعهم، وقد انضم إلى عصابة الهاغاناة مبكرا، وقاد إحدى فرق المشاه في حرب 1948، وأصيب في بطنه (بينما كان يحرق أحد الحقول) وكاد يُقتل لولا أن قام جندي شاب بنقله إلى مكان آمن (وقد أصبح ولاؤه أثناء القتال لا يتجه إلى الوطن ككل وإنما إلى المقاتلين معه وحسب. وقد صارت هذه إحدى العقائد الأساسية في الجيش الإسرائيلي). لم يبرز شارون إلا بعد عام 1948 كضابط في الوحدات الخاصة التي تعمل بإمرة الاستخبارات العسكرية للقيام بالأعمال الانتقامية ضد مخيمات اللاجئين والقرى الفلسطينية الحدودية حيث عهد بهذه الغارات إلى وحدة خاصة أُنشئت في غشت 1952 وأطلق عليها اسم «الوحدة 101». وقد اختار شارون أفراد الوحدة («شياطينها» كما كانوا يُدعون) بنفسه من مجرمين وأصحاب سوابق ولصوص وقتلة، ، ولم يخضعهم شارون لتدريبات عسكرية نظامية وإنما لتدريبات شاقة ومن نوع خاص تتركز على التدرب على السير الطويل وعمليات النسف والتدمير والتخريب على اختلاف أنواعها. وصرح إرييل شارون في مقابلة مع الجنرال أوزي مرحام، عام 1965م، بقوله: "لا أعرف شيئا اسمه مبادئ دولية، أتعهد بأن أحرق كل طفل فلسطيني يولد في المنطقة، المرأة الفلسطينية والطفل أخطر من الرجل، لأن وجود الطفل الفلسطيني يعني أن أجيالا منهم ستستمر". ومما يسجله التاريخ هو أن شارون مجرم منذ طفولته الأولي ، فقد كانت أول جرائمه هو التعرض لرجل فلسطيني ثري و سرقة سيارته الفخمة. وفي مذكرات المتقاعد الينورى مارن و هو ضابط في الموساد أن شارون كان يطلب منهم القيام بأفعال يندى لها الجبين، وما عجز عنه هؤلاء يتولاه شارون الذي تلذذ باختطاف الفلسطينيين ، كما أكد أن شارون فضل أن يحتفل بعيد ميلاده عن طريق إطفاء شموع خاصة و هي قتل 20 طفلا، وفي طريقة وجد امرأة تحمل رضيعا فقام بالاعتداء عليها بالسكين حتى فصل رأسها عن جسدها، وبعدها أمر بإشعال النار وقذف فيها الرضيع الذي كلما تعالت صراخاته تتعالى ضحكات هذا الحقير، وبعد أن احترق الرضيع، أشار شارون إلى أن هذا لا يدخل في حساب العشرين طفلا وحل دور الخمسة الذين قادتهم براءتهم إلى اللعب في الشارع ليس بعيداً عن منطقة الجليل فأمر جنوده البطاشين بأن يختطفوهم وهم لا يتجاوزون ست سنوات، حيث أمر بتعذيبهم وبعدها حرقهم كما فعل بالرضيع و يضيف المصدر أنه خلال ساعة ونصف تم القضاء على 15 طفلا فلسطينيا. شارون المزارع وجَّه "صامويل" ولدَه "إرئيل" إلى دراسة الزراعة، وعمِل بالفعل في مزارع (الموشاف)، لكنه فضَّل بعد فترةٍ دراسةَ التاريخ والقانون بدلاً من الزراعة، فالتحق بالجامعة العبرية بالقدس، ودرس التاريخ والعلوم الشرقية عام 1953م، ثم درس الحقوق في جامعة تل أبيب 1958م- 1962م، وأتقن أثناء دراسته العبرية والإنجليزية والروسية. انخرط شارون في صفوف منظمة الهاجاناه عام 1942 وكان عمره آنذاك 14 سنة، وانتقل للعمل في الجيش الإسرائيلي عقب تأسيس دولة إسرائيل. كما شارك في معركة القدس ضد الجيش الأردني ووقع أسيرا بيد الجيش العربي الأردني في معارك اللطرون عام 1948 وقد أسره يومها النقيب حابس المجالي -المشير فيما بعد- الذي عالجه ونقله إلى الخطوط الخلفية، ثم إلى المفرق في الأردن حيث أقيم معسكر اعتقال الأسرى اليهود، وتم تبديله بأسير عربي عندما جرى تبادل الأسرى بعد الهدنة الثانية. وبعد فترة انقطاع عن الجيش قضاها على مقاعد الجامعة العبرية، عاود الجيش الإسرائيلي سؤاله للانضمام للجيش وترأّس الوحدة 101 ذات المهام الخاصّة. وقد أبلت الوحدة 101 بلاءً حسنا في استعادة الهيبة لدولة إسرائيل بعد خوض الوحدة لمهمّات غاية في الخطورة إلا أن وحدة شارون العسكرية أثارت الجدل بعد مذبحة قبية في خريف 1953 والتي راح ضحيّتها 170 من المدنيين الأردنيين. قام بمجزرة بشعة في اللدعام 1948 وحصد خلالها أرواح 426 فلسطينيا بعد أن اعتقلهم داخل المساجد. تاريخ دموي اتهم شارون بالمسؤولية عن جرائم عديدة منها ،مجزرة قتيبة 1953م ، و قتل وتعذيب الأسرى المصريين 1967م ، و اجتياح بيروت ومجزرة صبرا وشاتيلا. كما استفزاز مشاعر المسلمين بزيارته للمسجد الأقصى المبارك سنة 2000م، بالإضافة إلى مذبحة جنين 2002م و عملية السور الواقي‘ فضلا عن قيامه بالكثير من عمليات الاغتيال ضدَّ أفراد المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم اغتيال الشيخ أحمد ياسين. حصل شارون على مقعد في الكنيست الإسرائيلي بين الأعوام 1973 و1974، وعاود المشاركة في الكنيست من العام 1977 إلى الوقت الحاضر. وعمل كمستشار أمني لإسحاق رابين ثم شغل منصب وزير الزراعة بين الأعوام 1977 إلى 1981، وفي فترة رئاسة مناحيم بيغن للحكومة الإسرائيلية، عمل شارون كوزير للدفاع. وفي عام 1982 وخلال تولّيه تلك الوزارة، ارتكبت الميليشيات المسيحية اللبنانية مجزرة فلسطينية في مخيم صبرا وشاتيلا في العاصمة بيروت. وكانت هذه الميليشيات اللبنانية قد تحالفت مع إسرائيل وتعاونت مع قوات الجيش الإسرائيلي خلال احتلال الجيش الإسرائيلي لبيروت في يونيو 1982، فطالبت المعارضة الإسرائيلية بإقامة لجنة لتحقيق دور الحكومة الإسرائيلية في ممارسة المجزرة. وقد شمل تقرير لجنة التحقيق الإسرائيلية توصية بتنحية وزير الدفاع شارون بسبب تجاهله للإنذارات بإمكانية حدوث المجزرة وعدم اتخاذه الإجراءات الملائمة لوقف المجزرة عندما بلغه حدوثها، ولكن التقرير لم يلق علية مسؤولية مباشرة على المجزرة. رفض شارون قبول توصية تقرير لجنة التحقيق، ولكنه اضطر على التنحي عن منصب وزير الدفاع عندما زادت الضغوط عليه، فتعين وزيرا للدولة، ثم تولى منصب وزير الإسكان. في عام 1987، أصدرت مجلة "تايم" الأمريكية مقالا يشير إلى تورط شارون بمجزرة صبرا وشاتيلا فقام شارون برفع دعوى قضائية على المجلة، ولم يكن بمقدور مجلة "تايم" تقديم أدلة كافية للإثبات ضد شارون. فانتهت مناقشات المحلفين بقرار أن المعلومات المنشورة عن شارون كاذبة ولكنه برئ هيئة التحرير من المسؤولية لاعتبار النشر مجرد الإهمال، أي بدون قصد واضح لشتم شارون [ في بداية 2001، أقام أقارب ضحايا مخيم صبرا وشاتيلا دعوى قضائية في بلجيكا ضد شارون لتورطه في أحداث المجزرة إلا أن محكمة الاستئناف البلجيكية أسقطت القضية لعدم اختصاص القضاء البلجيكي بالنظر فيها، وذلك في يونيو2002. في 28 سبتمبر 2000 قام شارون بزيارة الحرم الشريف بالقدس رغم معارضة شديدة من قبل لجنة الوقف الإسلامي التي تدير الحرم والقادة الفلسطينيين. وأدت الزيارة إلى اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين الفلسطينيين الذين تظاهروا ضدها، انتهت ب20 قتيلا وب100 جريح من بين المتظاهرين فلسطينيين و25 جريحا من بين الشرطيين الإسرائيليين. وفي اليوم التالي انتهت صلاة الجمعة في مسجد الأقصى بمظاهرات ضد ما سماه الفلسطينيين ب"تدنيس شارون للحرم الشريف"، فتدهورت المظاهرات إلى اشتباكات عنيفة مع الشرطة الإسرائيلية وكانت أول حدث فيما يسمى اليوم بانتفاضة الأقصى التي استمرت 4 سنوات تقريبا. وقد قتل 9000 مسلم بين فلسطيني خلال 3 سنوات فقط، تولي رئاسة الوزارة عقب تسلمه رئاسة حزب الليكود بعد بنيامين نتنياهو، واستطاع التغلب على إيهود باراك في الانتخابات التشريعية ليقود حكومة يمين ليكودية مارست سياسة اغتيالات عنيفة ضد أبرز القيادات الفلسطينية التي تعتبرها إسرائيل إرهابية، كما باشر بناء الجدار الفاصل لفصل أراضي إسرائيل عن الضفة الغربية وقطاع غزة. بعد الانتخابات التشريعية الثانية في عهده اضطر شارون لتأليف حكومة ائتلافية مع حزب العمل بقيادة شمعون بيرس، ليتابع ممارسة سياسته لتدعيم أمن إسرائيل، وأبرز خططه في هذه الفترة كانت خطة فك الارتباط : بمتابعة بناء السور الفاصل والانسحاب من قطاع غزة مع تفكيك المستوطنات فيه. يشار إلى أن شارون انشق عن الليكود وأقام حزب كاديما في 21 نوفمبر 2005 (بصحبة 13 عضو كنيست من الليكود)، وذلك على خلفية رغبته في الانفصال من غزة الأمر الذي أدى إلى تمرد في صفوف الحزب ضده والدعوة إلى الإطاحة به. ونتيجة لهذا التمرد، قام بصياغة دقيقة للنظام الداخلي للحزب الجديد "كاديما"، وتمكن بذلك من توفير الحماية لخلفه ايهود أولمرت، ما يجعل أمر الإقاله من الحزب عسيرًا إن لم يكن مستحيلا. فحين تمرد بعض أعضاء الكنيست عن حزب الليكود ضد رئيس الحزب في ذلك الوقت ارئيل شارون، وحاولوا إقصاءه وتعيين آخر مكانه يتفق مع توجهاتهم السياسية، قرر شارون الانسحاب من الليكود وإقامة حزب كاديما في خطوة وصفت حينها بالهرب إلى الأمام واختراق الحصون. وحتى يتجنب شارون حدوث أمر مماثل في حزبه الجديد الذي فصله على مقاسه، قرر صياغة نظامه الداخلي شخصيًا وبطريقة تجعل أمر إقالة رئيس الحزب الجديد أمراً عسيرا جدا إن لم يكن مستحيلا.