على مدار عام كامل من الأحداث التى شهدتها البلاد، مرورًا بحكم جماعة الإخوان، خاصة فى عهد حكومة الدكتور هشام قنديل، وانتهاء بثورة 30 يونيو التى جاءت بحكومة الدكتور حازم الببلاوي، كانت هناك تصريحات عدة لوزارة الاستثمار، منها ما تم الإعلان عنه فى عهد جماعة الإخوان، كافتتاح المنطقة الحرة بشمال غرب قناة السويس خلال أواخر إبريل الماضي، باستثمارات صينية ، بحق انتفاء لدولة الصين لمدة بلغت نحو 20 عامًا، واستثمارات بلغت نحو 6 مليار دولار بالقطاعات الخدمية واللوجيستية وصلت إلى 14 مشروعًا على مساحة 20كم2 وتوفير نحو 70 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، لم يتم الإفصاح عنها حتى الآن، إضافة إلى الجولات التى تمت فى إطار زيارة الرئيس السابق محمد مرسى إلى روسيا، والتنسيق مع المسئولين الروس لتطوير مصنع الحديد والصلب، وإعادة هيكلته، هو و شركة النصر لصناعة السيارات، وسداد 60 مليون جنيه متأخرات مالية، ولم يتم تحقيق ذلك أيضا، وحضور فاعليات الملتقى الاستثمارى العربى باسطنبول خلال تلك الفترة وبحث سبل الاستثمار بين البلدين خلال لقائه مع المستثمرين الاتراك والتعهد بحل مشكلاتهم والتوسع فى حجم أعمالهم. كما أعلنت الوزارة أيضا عن نيتها إجراء تعديل قانون المناقصات والمزايدات والممارسات الاحتكارية، بما يسهل عملية التصالح مع رجال الاعمال لاستعادة الاستثمارات مجددا للدولة، وبدأت بالفعل عمليات التصالح مع مجموعات ( فواز الحكير، داماك الإماراتية، هيرمس وكيو انفست القطريتين) ورغبة تلك الشركات فى توسيع عملها فى مصر، بجانب توقيع بروتوكول مع العراق لدعم القطاع الاقتصادى فى الدولتين. ومع قدوم يحيى حامد وزير الاستثمار الجديد خلال مايو الماضى، والذى لم يمكث فى منصبه الوزارى لأكثر من شهريين، نظرًا لاندلاع ثورة 30 يونيو، إلا أنه بدأ عمله بالإعلان عن تسوية النزاع مع شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة ومصلحة الضرائب، وسداد مبلغ 7.2مليار جنيه نظير عملية الاستحواذ بالبورصة، إضافة للاتفاق مع مجموعة الحكير على دراسة مشروع توليد الطاقة الشمسية بمصر، وإقامة مشروعات عقارية، وتعهدها بضخ نحو 5 مليار جنيه خلال العام المالى الجاري، حال حصولها على الأراضى اللازمة لإقامة المشروع. ومع مرور الوقت وتردى الأوضاع فى الدولة وقتها، زادت أزمة العاملين بالشركات القابضة خاصة، قطاع الغزل والنسيج، لم تجد الوزارة حلا سوى بعقد لقاء مع موظفى الشركة والتعهد ببحث مطالبهم، المتمثلة فى تحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية، وتطوير بيئة العمل والإعلان عن التعاون مع القطاع الخاص لتطويره، دون خصخصة للقطاع العام وشركاته التابعة، وحل أزمة عاملى شركة المراجل البخارية، بعد عودتها بموجب حكم قضائى للدولة، وكذلك شركة عمر أفندى، وضخ 400 مليون جنيه للشركة القابضة للصناعات الكيماوية. ومع تولى أسامة صالح – وزير الاستثمار الحالى فى حكومة «الببلاوي» عقب ثورة 30 يونيو، أعلن عدم خروج أى استثمارات أجنبية من البلاد بسبب الأحداث التى شهدتها الدولة على مدار 3 سنوات ماضية، بما فيها شركات (الكترولوكس السويدية، جنرال موتورز مصر، تويوتا اليابابنية)، إضافة إلى التعهد بحل أزمة المستثمرين السوريين سواء فى إصدار تراخيص العمل أو تأشيرات السفر، وتعيين الدكتور حسن فهمى رئيسا لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة، قبيل انقضاء اكتوبر الماضي. إضافة إلى لقائه بالسفير الإيطالى والإعلان عن إقامة منطقة صناعية إيطالية بالعلمين، والإعلان عن تأسيس 1652 شركة خلال الفترة من يوليو حتى سبتمبر الماضيين، بصافى استثمارات بلغت 13.2 مليار دولار، إضافة إلى 3 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي، ورغم توتر العلاقات السياسية بين مصر ودولتى قطر وتركيا إلا أن «صالح» نفى خروج استثمارات للدولتين، كما أكد أن وزارته لا تقصى أحدا؛ نظرا لأن همها الأول والأخير الاقتصاد الوطني. كما نظمت الوزارة بالتعاون مع دولة الإمارات المنتدى الاستثمارى المصرى الخليجى على مدار يومى 4و5 ديسمبر الجاري، وعرض أكثر من 66 مشروعا بمختلف القطاعات الخدمية واللوجسيتية (النقل، الزراعة، الصناعة، السياحة، العقارات) وعرضها على أكثر من 400 مستثمر مشارك بالمنتدى، وإعلانه عن استهداف وزارته لمعدلات نمو تصل إلى 4% وتخفيض عجز الموازنة إلى 10% بدلا من 14% حاليا، وتفعيل آلية الشباك الواحد لتسهيل إجراءات إصدار تراخيص الشركات والمشروعات الاستثمارية واستكمال عمليات التصالح مع رجال الاعمال والمستثمرين لتنمية الاقتصاد وزيادة معدلات النمو. بجانب ما اعلنه صالح عن التنسيق مع وزارات المجموعة الاقتصادية لضخ 6 مليار جنيه لتطوير شركات الغزل والنسيج ودخوله فى منظومة الاقتصاد مجددا، بالاضافة الى التنسيق مع اتحاد المستثمرين برئاسة محمد فريد خميس لتنمية محافظات الصعيد وضخ استثمارات جديدة بها لرفع معدلات التنمية هناك وزيادة فرص العمل بالمناطق المحرومة، واخيرا زيارته لدولة الكويت منتصف ديسمبر الجارى لعقد لقاءات مع 7 مجموعات استثمارية بتلك الدولة فى قطاعات (النفط والغاز، التطوير العقارى، المقاولات، الزراعة، الخدمات المالية، البتروكيماويات)، بهدف توسيع استثماراتها فى مصر خلال الفترة المقبلة. وقالت الدكتورة ماجدة شلبى استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، انه لا يمكن انكار ان نمو الاقتصاد وزيادة فرص الاستثمار تتوقف على تحقيق الاستقرار الامنى للبلاد خلال الفترة الراهنة، حتى يشعر المستثمر بالاطمئنان على امواله. واضافت شلبى انه ينغى على الوزارة السعى للتعامل مع الاسواق الخارجية الجديدة كالتعاون مع دول روسياوالصين والبرازيل بما يحقق معدلات نمو مرتفعة، لافتة الى ان وزارة الاستثمار لديها فرص استثمارية كبرى خلال النصف الثانى من العام المالى الجارى لتعميق علاقاتها مع الدول العربية والاوربية خاصة بعد عمليات الترويج للمشروعات بالمنتدى الاستثمار المصرى الخليجى والذى نظمته اوائل ديسمبر الجاري. واشارت شلبى الى هناك تراجعا فى ترتيب مصر فى جذب الاستثمارات الاجنبية والاقليمية نظرا للاجراءات البيروقراطية الموجودة بالجهات الحكومية والخاصة باصدار تراخيص مزاولة النشاط كتأسيس شركات او التوسع فى النشاط وغيرها، لافتة الى تلك الاجراءات المعقدة ساعدت على رفع تكلفة المعاملات وزيادة حجم الرشوة والفساد لانهاء تلك الاجراءات، بالرغم من وجود آلية «الشباك الواحد» والمعلن عنها فى فترات سابقة غير انها غير مفعلة بشكل كبير. وطالبت شلبى وزارة الاستثمار باعداد استراتيجية شاملة وواضحة بالتعاون مع الجهات المعنية لتهيئة المناخ الاستثمارى بما ينعكس على الاقتصاد ويرفع مؤشرات نموه، مع بيان التوزيع الجغرافى والقطاعات الواعدة بما فيها القطاع السياحى باعتباره اسهم تلك الانشطة وجاهزيته نظرا لتمتع الدولة بمناخ جاذب لتلك المشروعات. واشارت شلبى الى عدم حسم وزارة الاستثمار لملف الشركات القابضة والعائدة مؤخرا للحكومة مرة اخري، يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد، مشددة على ان عودة تلك الكيانات الحكومية مرة اخرى واعادة هيكلتها سيساعد على تعافى الاقتصاد وتخفيض معدلات البطالة ورفع معدلات النمو وتشغيل الطاقات المتعطلة. واضافت ان الدولة المصرية باعتبارها عضو بمنظمة التجارة العالمية ملتزمة بتطبيق الاتفاقيات التى تضمن فض المنازعات بين المستثمرين طبقا لقانون الاستثمار الدولي، لافتة الى ذلك القانون يصب فى مصلحة الشركات متعددة الجنسيات وبالتالى فهو بحاجة للتعديل حتى يجعل الدولة متحررة فيما تتخذه من قرارات. ولفتت شلبى الى ان هناك تخوفا لدى عددا من المستثمرين من نزع ملكيتهم على استثماراتهم ومشروعاتهم، مشيرة الى انه ينبغى ان تكون الحكومة منفتحة على العالم الخارجى وتواكب التغيير لمصلحتها. وشددت شلبى على ان الاقتصاد المصرى بحاجة لرفع معدلات النمو الى 8% وتقليل معدلات البطالة، مؤكدة ان كل ذلك لن يحدث الا من خلال الاعتماد على موارد جديدة وجذب استثمارات اجنبية للبلاد. واضافت شلبى انه على الرغم من اعلان وزارة الاستثمار فى مرات عدة عن وجود مشروعات واستثمارات جديدة على مدار العام مع دول كالهند والصين وتركيا؛ الا ان النسبة الكبيرة منها لم يتحقق، مشيرة الى ان العبرة ليست بالتصريحات والاعلانات فحسب وانما بالتنفيذ والتطبيق على ارض الواقع. وعلى نفس السياق توقعت الدكتورة يمن الحماقى استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، ارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر خلال الفترة المقبلة، نظرا لثبات مؤشرات الاستثمارات الاجنبية خلال الشهر الجارى الى 3 مليار دولار. واضافت الحماقى ان تصريحات الوزارة على مدار العام الجارى بخصوص استثمارات متوقعة و فرص تشغيل الا انها لم تبين ما المشروعات التى تم انجازها او اتخاذ خطوات تنفيذية بشأنها حتى الآن، مطالبة بضرورة ان تحدد «الاستثمار» حجم الاستثمارات الفعلية وما هو على وشك البدء فيه او الاتفاق عليه سواء على المستوى الاجنبى او الاقيليمى وزيادة حجم التوظيف والناتج القومي. واشارت الحماقى انه بالرغم من ذلك فان خطوات الوزارة فى التصالح مع المستثمرين ورجال الاعمال يعد خطوة جيدة لاستعادة الثقة بين الدولة والمستثمرين وحل مشكلاتهم، مؤكدا ان ذلك يعطى صورة ايجابية فى الخارج عن مصر، مشيرة الى ان ما تم اقصاء فئات بعينها فترة عهد جماعة الاخوان كان له بعد سياسى وليس اقتصادي. وطالبت الحماقى وزارة الاستثمار بضرورة انشاء مكتب لشكاوى المستثمرين او عن طريق رئاسة مجلس الوزراء ويحيل كافة ما يتعلق برجال الاعمال من عوائق له، واعداد تقارير دورية فيما يتم انجازه وحله بما يضمن القضاء على البيروقراطية وانجاز الاعمال حتى ينعكس فى النهاية على الاقتصاد الوطني. واشارت الحماقى الى تعميق العلاقات مع دول البريكس كالصينوروسيا يعد خطوة مهمة، نظرا لان دول اسيا بما فيها الصين من اكبر الدول اقتصاديا وزيادة حجم التعاون معها سيكون له فائدة استثمارية للبلاد.