الفلول خونة لا بد من اجتثاثهم . لن أفهم الميوعة والتسامح فى غير موضعه مع شرائح المواطنين التى تسحل أهالى الشهداء أمام محكمة مبارك ولا الصفحات المفتوحة بأموالنا لأقلام الفاسدين بحجة الديمقراطية وعدم تغييب الرأى الآخر وهو ينزل بالمعاول والتيئيس على الثورة ومن قاموا وقمن بها ولن ينجح أحد فى إقناعى أن الثورات والتغيرات الكبرى فى التاريخ , لغيرنا من الأمم , كان يمكن تلافى الكثير من قراراتها التى نقيمها أو يقيمها الغرب بأنها كانت دموية غير ديمقراطية . طبعاً الكلام قد يذهب بنا إلى مناطق خطرة مثال ما يحدث فى سوريا وأنا أعلن غضبى وحزنى العارمين وتضامنى مع الشعوب العربية فى ثوراتها ضد الطغيان العائلى المؤبد فى مواجهة أكاذيب الحكم التبريرية . أريد أن أصرخ فى وجوه أصحاب ومؤسسى الأحزاب الجديدة المنبثقة عن حزب منحط لا وطنى دام استعباده للمصريين ونهب ثرواتهم والاعتداء على حقوقهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً . الأحزاب الثمانية الناشئة من رحم فساد على فساد , التى لا تخجل ويريد رؤساؤها انتهاز فرصة عدم التنكيل والإقصاء والمنع من مزاولة الحياة السياسية , بينما دم الشهداء لم نأخذ حقه بعد . لقد بلغت وقاحة الذيول السياسية السابقة ( متى سنقول بائدة ؟ ) أنهم يزحفون مجدداً على أنفاسنا ضد رغبتنا وإرادة شعبية كاسحة فى ثورة مصر الجديدة التى ما زال بعض هؤلاء المجرمين من الإعلاميين بصحفنا القومية الصفراء الانتماء يصفها بأنها ” جملة غير مفيدة ” . من الذى جعل مصر , ” جملة غيرمفيدة ” سواكم أنتم ؟ , سوى غشكم ونفاقكم وكذبكم وتعهيركم لحياتنا , سوى سرقاتكم وشلليتكم وإقصائكم لكل من ليس ” حزب وطنى ” , كل من لا يهلل لتصدير غازنا المصرى لإسرائيل ولأفاعيل الولاياتالمتحدة فى العراق وأفغانستان , من لا يرحب بالخصخصة المتطرفة المشوهة والعولمة التى لا يوجد مثلها فى أوروبا والأمريكتين , من لا يرضى بتقبيل يد رئيس تحرير لص مدلس لا يعرف بدوره سوى تقبيل يد رئيس دولة لص مدلس , والغ فى دم وكرامة ومال شعبه . التطهير شرط أساسى لأية ثورة قبل أن نستطيع الاستمرار فى وصفها كذلك . لا يملك أحد أن يعالج جرحا ً أو دملاً بلا تطهير . ومصر مريضة , بوعى مشوش تم تجهيله وتغييبه عمداً بإهمال التعليم وتسربه للإنفاق على الكرة والمسلسلات الرمضانية , باستثمار المليارات على بناء قرى سياحية بدلاً من بناء صناعة مصر وتنمية زراعتها , على الأقل للحفاظ على ما كانت تنتجه فى هذين المجالين ذات يوم بعيد, لكن الفساد ينخر كل ربع سنتيمتر مربع فيها بسياسة التمكين والتعيين العائلية فى كافة مرافقها , الإعلام والخارجية والجامعة بوظائف أعضاء هيئة التدريس والشركات الخاصة والعامة والوزارات والبنوك وغيرها , كلها تقوم على منطق عائلى يدينها جميعاً . يكفى أن يضع أحدهم لافتة لدعوة زملائه فى المؤسسة , لحضور حفل خطوبته أو زفافه أو يتم وضع ورقة فى لوحة الإعلانات باسم فقيد أحد الزملاء ليقوم زملاء عمله بأداء واجب العزاء لترى عائلات بأكملها , مستوطنات من الأسر المصرية التى تقوم بتوظيف من يتيسر من أولادها وأقاربها فى نفس الموقع , لقاء خدمات متبادلة وتكريس حالة مؤذية من الانبطاح التام أمام المسئول أو شخص رئيس المؤسسة , فيها كلها تم تستيف عناصر الحزب الوطنى , أو الذين يقدمون ” ضمانات ” من مواقفهم ومبادئهم الأخلاقية للتماشى مع مطالب لا أخلاقية ضد زملائهم والخضوع , بل إبداء تلك الفرحة الفاسدة المُنافقة لوجود شخص رئيس المؤسسة المُلهِم .. ” الريس ” , كما لا يكفون عن ترديد تلك الصفة التى كانت دلالة موقع وظيفى فحولها جبنهم ومرضهم القابل بالمذلة إلى ” حالة ” مزمنة من إعلان الولاء والأولوية , للشخص , لعبادته , من أجل مصالحهم أو تأمين حقوقهم التى يساومهم ويبتزهم بها ” الريس” . الثورة لا بد أن تزيل هذه الطبقة , بمحاسبتهم عن أدائهم السابق وخاصة من يمارسون مهنة الكتابة حيث أن أغلبهم ضالع ومسئول عن تزييف الوعى الجمعى وإخفاء ما يعرفونه من حقائق لصالح بقائهم فى مناصبهم أى مواصلة التدليس , عدا ما يتهامس به الصحفيون فى غير جريدة – خاصة الجرائد القومية – عن سرقات بلا حصر لدى إنشاء مبانٍ جديدة لمؤسساتهم أو تورط رؤسائهم فى صفقات مشبوهة لدى التعاقد على شراء أراضٍ جديدة بمال الدولة ومخصصات الجريدة , وهى بالمنطق من أموال كل مصرى من دافعى الضرائب . الديمقراطية تلوح كغانية عجوز ما زال يتم استغلالها . أتساءل بحزن ودهشة : هل كانت الثورة الفرنسية بالغة الدموية ستنجح , لو كانت قبلت بتولية النبلاء الحكم من جديد ؟ . هل كانت الثورة الاشتراكية ستنجح لو لم يلجأ صناعها إلى حملات التطهير العنيفة للأسف ويتواصل بناء روسيا صناعياً فى مصانع تحت الأرض بينما قوات الاتحاد السوفيتى تواصل مقاومتها للنازى الغازى فوق الأرض ؟ هل كانت الثورة الصينية التى فى أثناء ” المسيرة الطويلة ” فقد ماو تسى تونج زوجته وعلى ما أذكر أحد أبنائه , هل كانت ستنجح وترسى نموذج اشتراكية الفلاحين لو لم تحدث محاكم الفلاحين الريفية حيث تم محاكمة وإعدام الكثير من الموظفين والمسئولين الإقطاعيين ؟ هل كانت ثورة أتاتورك العلمانية واللغوية , والانحياز للقومية التركية المتطرفة ستنجح لولا بعض الإعدامات لمن كان يقاوم أفكار الأتاتوركية ومشروع تحويل تركيا إلى بلدٍ حديث , لا بقايا سلطنة أو خلافة غابرة؟ . الإجابة قدمها التاريخ . ولا أظن أن ثورة 23 يوليو التى يسميها البعض الآن انقلاباً , كانت ستنجح لو كانت سمحت للباشوات باستمرار تولى الوزارات و المناصب الحساسة فى مصر , بل يذهب البعض إلى التشكيك فى موت الملك فاروق فى الخارج بعد رحيله بوصفه اغتيال . طبعاً هناك دوماً , قرابين وأبرياء . هذه حقيقة لا نجادلها لكن التفاف غير الثوريين على الثورات أيضاً حقيقة تنسف كل المعانى والأهداف التى قامت وتقوم لأجلها الثورات . وعندما تأكل الثورات نفسها أو تسمح الشعوب بالتهامها من قبل عناصر الثورة المضادة فى الكوادر والصفوف الثانية والثالثة وحتى الرابعة فى كل المؤسسات فإن هذا لا يلغى الثورة من أساسها فقط بل يؤدى إلى تسييد معنى آخر مضاد للإنسانية : اليأس . هذا ما يفعلونه بك وبى وبغيرى الآن . السعى الحثيث لإعادتنا إلى المربع الأول و” تنديمنا ” على الثورة , معاقبتنا على هبّتنا لأجل كرامتنا وحريتنا وأموالنا . عندما يُسخفون دماء الشهداء والمصابين بأحكام هزلية على متهمين يعلم كل مواطن , منذ سنوات , كم هم مجرمون يدوسون على كرامته وقوته وحياته , ويبالغ صناع القرار فى اللعب على نغمة تحلو لهم لأنها جزء من نمط تفكيرهم , من شدة ما أدمنوا تسيير المركب بأية مجاديف ولو مكسورة , هذه النغمة هى القصة المملة عما يُسمى الطبيعة الاستثنائية للشعب المصرى الذى لا يصدقون أنه قد ينفجر فى حرب طائفية , ولا فى صراعات دموية طالما أنه شعب مسالم , محب للأرض يصعب عليه الهجرة وكان يهتف ” سلمية , سلمية ” فى 25 و28 يناير , ثم يكتبها على عربات الأمن المركزى التى يتم الاستيلاء عليها ولايفتك , بعد التمكن , ممن كانوا للتو يطلقون عليه الآليات الرشاشة . هذا الرهان الساذج سيدفع بحسابات صناع القرار , إلى مناطق ومنزلقات بالغة الخطأ ينتظرها فلول الوطنى ورجالات عصر مبارك وهو شخصياً فى المحاكم بفارغ الصبر .. وخطأ تلو خطأ ستصل مصر إلى حافة الكارثة , حافة العراق والسودان . لا أحب الركون إلى فرضيات أبدية والحديث عن طبائع استثنائية لأى شعب . الشعوب تتغير . الظلم والفساد يختلف من بلد لآخر . فحين يقبل وزير فرنسى رحلة فى طائرة خاصة من رئيس كمبارك أثناء أجازته الخاصة بمصر يحاكم ويُحاسب فى فرنسا بينما هذه الأشياء والأهول منها يبدو نمط حياة الرؤساء والوزراء فى بلادنا العربية المحكومة بعائلات ترسخ الحكم الأبوى الأبدى باعتبارها مبعوثة العناية الإلهية لتلك الشعوب . وقديماً أهدى الرئيس الراحل أنور السادات مسلة فرعونية حقيقية لوزير خارجية أمريكا وقتها هنرى كيسنجر , فرفض الثانى الهدية شارحاً لل ” ريس ” أن ما يملكه الشعب المصرى والإنسانية لا يحق لشخص تملكه . نعود إلى أحد مردودات اليأس : بعد استنامة تمتلأ بالتراكم تحدث الإفاقة .الشعوب تتعلم بالتجربة , وحين ترى أن ” السلمية ” أضاعت حقوقها وتضحياتها, تثور مرة ثانية لكنها تكون مرشحة وقتها لثورة عنيفة غير بيضاء . تكون الشعوب قد تعلمت درس الثورة الحقيقى : أن الدم لا يجب أن يكون دمنا وحدنا على الطريقة الغاندية .. خاصة إذا لم يكن لديها ” مهاتما ” . هذا ما يتم دفع الثورة المصرية إليه , حتى أنها تبدو لى وللكثيرين كما لو لم تدفع الثمن كافياً أو كاملاًً بعد وإنما فى صورة أقساط مستقبلية من الدم . أعترف بتشاؤمى وقلقى الهادر على هذه الثورة التى اجتمع ضدها الفلول من جهة وبعض التيارات التى ترى نفسها منحة قَدَرية لمصر وتعتمد سياسة إلغاء الآخر , من جهة أخرى وكلاهما وجهان لعملة رديئة وفاشية واحدة . مثلاً ما زال منع كتابتى وكتابة غيرى من زملائى فى الصحف القومية – خرابات الكلمة والوعى – مستمرة . ما زالت عناصر الوطنى تتحدى حتى رؤساء التحرير الجدد ممن يرغبون , على الأقل فى السماح للجميع بالكتابة , فتحظر فلول الوطنى فى مواقع نواب رئيس التحرير الكتابة, عن كل من كان معارضاً قبل الثورة يقف على سلم نقابة الصحفيين ويهتف منذ سنوات ضد وزير الداخلية المسجون . ما زال زملائى فى الصحف القومية الذين زاملونى فى وقفاتنا النقابية وبعض من تم فصلهم فى عهود الظلم والظلام كما سبق وحدث لى , ممنوعين من الكتابة بعد الثورة فى جرائدهم . كما ما زال الضباط والجنود والقناصة الذين قتلوا المصريين يذهبون إلى أعمالهم ويتقاضون رواتبهم من ضرائبنا , أى أن أهالى الشهداء يدفعون , غصباً عنهم , مرتبات قتلة أولادهم وإخوتهم . هذا الحرام , بل العار الذى قامت الثورة لتنسفه , ما زال يحدث . الفلول شكلوا ما يٌقال أنه ثمانية أحزاب علناً للرجوع لما أدمنوه : التزوير والتلفيق والسرقة عبرالممارسة السياسية . قانون الأحزاب هدية متواضعة لما أصابهم من اكتئاب يردونه الآن إلينا .ومعهم من أموالنا ما يسعون لهزيمتنا به . تبدو الفلول عازمة وواثقة من عدم بطش صناع القرار بها أو مطاردة أحد لمنهجها الذى يستهدف أمن الوطن القومى وتغيير آليات وعلاقات العمل بمؤسساته . فى الأيام الأولى للثورة أتذكر كم من عمود إنارة رأيت عليه سلة بلاستيكية بجوارها صور لبعض الشهداء أو تعليق بورقة فوتو كوبى مكتوب عليها : ” من النهارده ما ليش حجة أوسخ ” أو ” ما دام بقت بلدنا يبقى ننضفها ” .وفى المترو أوراق علقها شباب يحب بلده عن وجوب البدء بالنفس وعدم دفع الرشى . هذا الشعور الغامر باسترداد الوطن من سارقيه , بالأمل والقوة التى كانت تملؤنا على تفاوت أعمارنا حين نزلنا الشوارع, والذى أدى إلى هرع بعض عناصر الوطنى فى المحليات إلى التسابق على تنظيف الأحياء ورصف الشوارع المهملة فى أرقى الأحياء كما رأينا , خشية العزل هو شعور مُهَدَد الآن . ما تحتاجه مصر والمصريون هوحركة تطهير تعتمد الإحلال والإبدال بالعناصر المنبوذة المعاقبة سابقاً. أن نموت فى سبيل حقنا وحصتنا من الأمل .. هذا الأمل منحة الحرية للشعب الذى يتم إرهاقه واستفزازه مع كل قانون يصدر ضد ثورته وبدون استشارته . كانت بعض العناصر الثورية المقموعة فى المؤسسات المختلفة ومن أبرزها المؤسسات الصحفية وتلتها الثقافية , قد بدأت تظهر بقوة عاملة على تشكيل ما يشبه الحركات الهادفة للتطهير الداخلى بعد الثورة دامجة معها صحفيين وإداريين وعمال . ظلت أقلية لأن خسارة رضا ” الريس ” أى رئيس تحرير الجريدة كانت تلوح للكثيرين على أنها خسارة أكبر . التربيطات العائلية فى المؤسسات وفلول الوطنى من المستفيدين تسيطر وتمنع بل تحدد من يكتب ومن لا يكتب , من يحصل على ترقية ومن يتم استبعاده منها . صار من الطبيعى انفراد فلول الوطنى من رجالات أحد أفسد رؤساء تحرير إحدى الجرائد الحكومية برحلات يحتكرون إدارتها والسفر فيها سنوياً وللأبد حيث يمولها رجال الأعمال وتنظمها جرائدهم . كان يحدث فى جريدة حكومية الكل يعرفها أن يقوم بعض الزملاء بانتظار رئيس الجريدة فى الشارع الحيوى. والمؤلم أنه ما زال يكتب بعد الثورة وقد تسببت كتابته حين قامت ثورتنا , هو وموقف خلفه من قضية الشهيد خالد سعيد بالمانشيتات إلى مقاطعة شرائح واسعة من القراء وخسارة مقروئية كانت يوماً عالية , ثم انعكست كراهية المواطن للجريدة حين قام بعض المواطنين برشق الباب الزجاجى لها بالحجارة أثناء الثورة وهو ما لا أعرف له نظيراً فى أية صحيفة أخرى بحسب علمى . كان رئيس التحرير ذاك قد انفرد بوضع صورة مبارك بارتفاع الأدوار الخمسة عشر للمبنى الجديد وكان بمبناها القديم تمثال نصفى لمبارك بالمدخل , عدا المقالات التى لا موضوع لها سوى السجود لحكمة وذكاء وطيبة الرئيس , الدوتشى .. القادر على حكم الكون بلا خطأ ثم يتعمد ذلك رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة السابق( جمع بين المنصبين ) حشو أعمدته الخرسانية, أو مقالاته , بكل الآيات القرآنية التى يظن أنها تُمرر مضمون مقالاته بالغة الانحطاط مهنيا ًوإنسانياً ووطنياً . هذه الكينونة المستمرة ,للحزب الوطنى عبر استمرار اختطاف المؤسسات فى مصر وليس فقط الإعلام , هذه النكاية فى الثورة التى نقرأها كل يوم فى الأحداث حولنا , طائفية أو تخريبية , والتى نقرأها فى مواصلة تسميم الوعى المصرى للجموع التى آمنت واهتدت بالثورة , لدفع ذات الجموع إلى الانقلاب عليها , و الانفضاض التدريجى من حول مليونياتها ومطالبها حد رفع البعض لشعارات من نوع ” لا انتخابات ولا دستور / أنا عايز أعيش مستور ” بلا وعى أن فريضة الستر المصرية كان ثمنها غياب الدستور والقانون والحرية والستر نفسه .. أقول , هذه النكاية المدبرة للثورة , آن أن تتوقف ولو بدماء جديدة عبرحملة تطهير مؤسساتى فى كل مصر , لا تستثنى القضاء والإعلام والخارجية والجامعة ذات التقارير الأمنية وكافة الوزارات والمحليات . الدماء ستكون دماءنا المبذولة لاستكمال ما بدأه شهداء يناير , التى تسخر منها الفلول أمام محكمة إلهٌ هوى . حين يمتلك الحاكم أو صانع القرار شجاعة الثائر وقدرته على المواجهة , من أجل النهضة والتنمية والتصحيح , ستختفى الفلول والعصابات المسلحة ومن يستغلون الآيات القرآنية .. بجميع أنواعهم . ________________________________________________