جاء صوته علي التليفزيون مطالبا الرئيس الأسبق حسني مبارك بالرحيل و نزوله ميدان التحرير – رغم متاعبه الصحية- في الأيام الأولي لاعتصام ال 18 يوما، في يناير 2011 ، كآخر لحن يقدمه الموسيقار الراحل عمار الشريعي "16 ابريل 1948- 7 ديسمبر 2012 "، ليتواصل به مع صرخته المدوية أغنية " محبوس يا طير الحق " في فيلم"البرئ"، مع العملاقين الراحلين النجم احمد زكي و المخرج عاطف الطيب ، و الذي قدم الشريعي أغنياته بصوته شهادة للتاريخ في الثورة علي القهر و الطغيان ، الشريعي غسل يده من خذلانه محبيه بتقديمه أوبريت " اخترناك "، و غيره في تمجيد حسني مبارك في مرحلة يأس من التغيير لم ينج منها الكثير من المبدعين خاصة في العقد الأخير من حكم مبارك ، و اختار بمساندته العلنية لثورة 25 يناير في أيامها الأولي إعلان انحيازه الحقيقي و العودة لأحضان الشعب الذي طالما تغني له ،ولأحلامه بمستقبل أفضل . عمار الغواص في بحر النغم صاحب الألحان الشجية و الروح الساخرة المسكونة بعشق الحياة لم يكن فقط موسيقيا بارزا منذ خطواته الأولي عازفا للأكورديون، ثم الأورج ثم ملحنا ، و هو أهم من ألف الموسيقي التصويرية. له أكثر من 40 فيلما منها البرئ ، كتيبة الإعدام ، حليم و احلام هند و كاميليا و اكثر من 80 مسلسلا تليفزيونيا خلدت موسيقاه في ذاكرة الجمهور العربي و منها رأفت الهجان ، أبو العلا البشري ، أرابيسك ، الشهد و الدموع ، دموع في عيون وقحة ، عصفور النار ، الراية البيضا ، أوبرا عايدة ،و غيره من الإبداعات الباقية في وجدان المواطن العربي ، إضافة إلي 20 مسلسلا إذاعيا ،و التأليف الموسيقي لثمانية مسرحيات منها "إنها حقا عائلة محترمة "، " لولي " ،و"علشان خاطر عيونك "،"يمامة بيضا". إضافة إلي ألحانه لكبار المطربين من مصر، و العالم العربي التي بلغت حوالي 150 لحنا، و منهم المطرب الكبير عبد الله الرويشد ،و الفنانة ميادة الحناوي وكان الشريعي بدأ مسيرته في التلحين بأغنية "امسكوا الخشب" للمطربة مها صبري في منتصف السبعينات من القرن الماضي ،و حمل الفنان علي الحجار غالبية ألحانه للجمهور، فيما احتضن الشريعي و قدم العديد من الأصوات التي صارت نجوما مثل منى عبد الغنى، حنان، علاء عبد الخالق، هدى عمار، حسن فؤاد، ريهام عبد الحكيم، مي فاروق، أجفان ، آمال ماهر، أحمد على الحجار، سماح سيد الملاح، و كان الشريعي أسس عام 1980 فرقة الأصدقاء لتقديم شباب المطربين الذين يقدمون الغناء الجماعي العصري الذي يناقش قضايا المجتمع و منها خرج علاء عبد الخالق و مني عبد الغني و غيرهم . و تولى الشريعي في الفترة من 1991 وحتى 2003 وضع الموسيقى والألحان لاحتفاليات أكتوبر التي تنظمها القوات المسلحة و كذلك لأعياد الطفولة . و هو صاحب البرنامج الإذاعي الشهير " غواص في بحر النغم " و الذي كان يحلل فيه عناصر الجمال في الحان الموسيقي العربية و يقربها للمستمع بأسلوبه السلس، المرح و الساخر ، و هو ما واصله في برنامجه التليفزيوني " سهرة شريعي " الذي استضاف كبار نجوم الغناء إضافة إلي منشدين و مطربين شعبيين من أفضل الأصوات و أكثرها تميزا . و للشريعي إسهام موسيقي عالمي ، حيث شارك بالتعاون مع شركة ياماها اليابانية في استنباط ثلاثة أرباع التون من الآلات الإلكترونية ، و شارك بالتعاون مع شركة إميولتور الأمريكية في إنتاج عينات من الآلات التقليدية والشعبية المصرية والعربية ،كما ساهم مع شركة دانسنج دوتس الأمريكية في برنامج جود فيل الذي يقدم نوتة موسيقية للمكفوفين بطريقة برايل . كما قام الشريعي بتأليف كونشرتو لآلة العود والأوركسترا ومتتالية على ألحان عربية معروفة وعزفهما مع أوركسترا عُمان السيمفوني عام 2005. و كان الشريعي بدأ دراسته للموسيقي في مدرسته الثانوية في إطار برنامج مكثف أعدته وزارة التربية والتعليم خصيصاً للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقى، و قام خلال فترة دراسته، وبمجهود ذاتي، بإتقان العزف على آلات البيانو والأكورديون والعود وأخيراً الأورج ، حصل علي ليسانس الآداب في اللغة الانجليزية، و درس التأليف الموسيقي عن طريق مدرسة هادلي سكول الأمريكية لتعليم المكفوفين بالمراسلة ، والتحق بالأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقي . و نال الشريعي العديد من الجوائز و التكريمات منها جائزة التفوق في الفنون و جوائز و تكريمات من عدة دول منها الأردن و عمان و من مهرجانات باسبانيا و سويسرا .