«أصحاب الكراسي» يحرصون على أن تبقى فئة أو طبقة تعاني دائما ليرتدوا ثوب البطل المدافع عنها! المرشح البرلماني يجلس معنا قبل الانتخابات «على القهوة» ويحاسب على «المشاريب» ونحن نحاسب بعدها على فاتورة فشل الحكومات! «عبس وتولى. أن جاءه الأعمى. وما يدريك لعله يزكى…..». عتاب خلده الخالق سبحانه في قرآنه العظيم، حين عاتب رسوله الكريم لمجرد تجهمه في وجه من لن يرى هذا التجهم والعبوس، وكأنما هو درس خالد في علم الاتصال الإنساني! عتاب أخذ على الرسول الكريم، حامل الرسالة السماوية، استباقه الأمور، حين يقول لرسول الرحمة (ص): «وما يدريك؟!»، فالأمر – إذًا – ليس خاضعا لمسلمات وثوابت جامدة كتلك التابوهات التي يصنعها بعض البشر، ويبقون لها أسرى لا ينحل منها وثاقهم، لأنها بفعلهم واختيارهم وبضغط يقينهم. ورغم هذا، فإننا نصنف البشر حاليًا وفق تصنيفات عدة، ربما يكون أقساها على الإطلاق، التصنيف العنصري الذي يذهب إلى وصف فئة وفق عاهتها وإعاقتها، التي «رزقها» الله إياها، فصار (المعاق) أول وأقسى لقب عنصري يطلق على المرء، دونما ذنب اقترفه. رامز عباس.. أحد هؤلاء الذين تم تصنيفهم وفق منظور صحة الجسد واعتلاله، فهو «الأصم الناطق» الذي تغلب على إعاقته. وكان ل «البديل» معه هذا الحوار.. - هل ترى سببا لاستمرار معاناة المعاقين؟ الفساد متفشي في كل مكان، ومن يمتلك رؤية مختلفة ويرغب في التغيير تتم محاربته، ويقول له المسئولين: «انت موظف، يعني خليك في حالك عشان تقبض آخر الشهر»؛ وهذا ما يسهم في بقائنا متأخرين عن كل الدول، فأحد أهم مقومات فلسفة الحكومات لدينا ومنهج عملها أن تظل طبقة تعاني طوال الوقت؛ لكي يظل من في السلطة موجود بحجة الدفاع عنهم والتشدق بحقوقهم المهدرة من قبل الدولة!. - ولماذا لا تفكرون في دخول معترك السياسة وتشكيل حزب يعبر عنكم ويتولى شئونكم؟ القضية ليست في إنشاء حزب سياسي يضم ال15 مليون معاق ويعبر عنهم، فقد خضنا هذه التجربة قبلا، سبق ولم ينضم لها سوى 500 شخص فقط؛ لعدم إدراكهم آليات العمل السياسي، فكل ما يريدونه وجود ممثل لهم في البرلمان، ولا حرج عليهم لأن أغلبهم غير متعلم ومن شريحة تعاني الفقر والإهمال والتهميش، وفي الغالب هم يدفعون فاتورة فشل الحكومة. - ماذا يقدم أعضاء مجلس الشعب للمعاقين في المحافظات؟ المعاقون في المحافظات لا يرون المرشحين لإنتخابات مجلس الشعب إلا قبل التصويت، حيث يذهب إليهم المرشح ويجلس معهم "على القهوة" ثم يعدهم ويمنيهم بتحقيق كل مطالبهم، وتنتهي الجلسة بأن "يحاسب على المشاريب" ويرحل ولا يأتي إليهم بعد ذلك، ولو طلبوا مقابلته يرفض ويتهرب منهم. - ما المطالب الأساسية التي يرفعها "تمرد المعاقين" حاليا؟ مطالب المعاقين إعادة تشكيل المجلس القومي للمعاقين، وتولي أمين عام جديد خلفا للدكتورة هالة عبد الحكيم، فأغلب العاملين بالمجلس من غير ذوي الإعاقة، وهم يسبونا بأننا نحمل لافتات لا نعرف معناها، في إشارة إلى جهل هؤلاء، وهو أمر غير مقبول وطالبنا بتوضيح سياسات التعامل بين الإدارات ومعرفة حقوقنا. - حال تنفيذ مطالبكم برحيل الأمين العام، هل هناك توافق على شخص معين؟ من الممكن اختيار حسام المساح – ممثل ذوي الإعاقة بلجنة الخمسين خلفا للأمين العام الحالي؛ خاصة أنه حارب من أجل وضع مادة تضمن بعض حقوقنا، رغم أننا لا نرغب التميز في أي شيء، لكن الدولة لا تحترم مفهوم المواطنة، وتدفعنا إلى البقاء في بؤرة أننا أشخاص من طبيعة مختلفة وفئة مختلفة، ومن ثم فعلينا أن نبحث لنا عن قوانين تراعي هذا الاختلاف، وما زلنا نبحث عن سياسات ثابتة يتم العمل وفقا لها وتضمن لنا الخروج من دائرة التهميش والإهمال. - ما ردك على أن المجلس "كيان حقوقي" ليس معنيا بملفات التعليم والصحة وغيرها؟ قرار تشكيل المجلس كان خطأ منذ البداية؛ فنحن أردنا مجلس أعلى تابع للرئاسة وله صلاحيات كاملة تضمن تطويرهذه المنظومة واتخاذ إجراءات ملموسة تخدم المعاق، لكن ما حدث أن المسئولين قالوا إن الأوضاع غير مستقرة في مصر، والوقت ليس مناسبا للإتيان بكيان حكومي جديد، وبالتالي رضينا بهذا الوضع على أمل التغيير فيما بعد، ولكن ظلت المشاكل قائمة حتى الآن، وكل المعترضين أصبحوا من المغضوب عليهم داخل المجلس. - لماذا يتم تصنيفك ضمن هؤلاء "المغضوب عليهم" في المجلس القومي لشئون الإعاقة؟ ظنا منهم أننا نقود مؤامرة ضد "هالة عبد الحكيم" أمين عام المجلس، ولو كانوا يظنوا أننا نريد رحيلها أملا في أن نأتي بشخص جديد لمجرد تغيير الوجوه، فإنهم جعلوا من المجلس "دكانة"، ولا نطلب غير حقنا وشددنا على إصلاح أحوال المعاقين دون جدوى؛ فهي ترفض مقابلة ذوي الاعاقة وتلقي شكاواهم، كما أنها تفضل التعامل معنا من خلال ال"what's up"، وهذا يدل على عدم معرفتها بطبيعة الشريحة التي تمثلها؛ فنحن حوالي 15 مليون معاق، أغلبهم لا يستطيعون القراءة، والبقية لا تعرف التعامل مع التقنيات الحديثة، فرغم هذه الملايين، فإن من يتواصلون معها عبر "فيس بوك" وخلافه لا يصل عددهم إلى ألف، والباقي تحت الكباري. - تهددون بخطوات تصعيدية. ما هي؟ سنضغط على الدكتور زياد بهاء الدين – نائب رئيس الوزراء، فهو شخصية تخشى الاحتجاجات وسيحاول امتصاص غضبنا، حتى لا يُهاجم حزبه ويؤثر عليهم في الانتخابات البرلمانية. - ما تقييمك لأداء حكومة الببلاوي في الفترة الماضية؟ حكومة الببلاوي لا تمتلك أية خطط تحقق تنمية، فقد اتخذ الببلاوي من الحرب على الإرهاب حجة يبرر بها فشل الوزراء، رغم أن هذه الحرب مسئولية الفريق أول عبد الفتاح السيسي – وزير الدفاع واللواء محمد إبراهيم – وزير الداخلية، وهما قادران على القيام بهذه المهمة، أما مهمة رئيس الوزراء فهي وضع حلول للأزمات التي تخص المواطنين، وما يتعلق بمشكلات الشباب في الإسكان والتوظيف وغير ذلك.