جاءت السيدة "سعاد أبو دية" من الأردن إلى مصر لبحث أحد قضايا المرأة المصرية، والذي يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، من خلال عملها كاستشارية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمؤسسة "المساواة الآن" بالدول العربية، وكان ل"البديل" حوارا معها للتعرف على دور المؤسسة في الدفاع عن حقوق المرأة العربية، وأهم مشكلات النساء العربية وكيفية مساعدتهن. وإلى نص الحوار…. - ما الدور الذي تلعبه منظمة "المساواة الآن"؟ هي منظمة دولية غير حكومية تعمل علي تسليط الأضواء على قضايا العنف والتمييز ضد النساء في جميع أنحاء العالم وتأسست عام 1993، ويوجد للمنظمة ثلاث مكاتب في نيروبي ولندن وأمريكا، وأنا اعمل لفرع المنظمة بالمنطقة العربية لستة دول هم؛ مصر والسعودية، اليمن، لبنان، المغرب والأردن. وتستهدف المنظمة الضغط على حكومات الدول من أجل تعديل القوانين التمييزية ضد النساء أو مطالبتهم بتطبيق وتفعيل القوانين الجيدة منها. - ما هو تعليقك على تقرير "رويترز" الخاص بترتيب مصر الأسوأ بين الدول العربية فيما يتعلق بأوضاع النساء؟ بلا شك أن المرأة المصرية لها خصوصية بعد ثورة يناير بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات التي تعاني منها البلاد، وهو ما انعكس عليها في حوادث التحرش الجماعي للنساء في المظاهرات، ولكن بشكل عام أؤكد أن المرأة العربية تتعرض للعنف المجتمعي والقانوني والاجتماعي، بمعنى أن منظومة القوانين في دولنا العربية تمييزية في الأساس ضد النساء، ويتضح ذلك جليا في قضايا ختان الإناث والزواج المبكر وتزويج المغتصب للمغتصبة، وكلها بنود قانونية فيها تمييز ضد النساء. - وكيف تضغط مؤسسة "المساواة الآن" على حكومات الدول العربية فيما يتعلق بتغيير القوانين؟ من خلال التعاون مع منظمات المجتمع المدني المحلية، وتسليط الأضواء على القضايا التي يشتغلون عليها، ويشعرون بضرورة دعم المجتمع الدولي لها، بالإضافة إلى العمل مع لجان الأممالمتحدة مثل لجنة ""cswوضعية المرأة، ولجنة حقوق الطفل، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومجلس حقوق الإنسان من خلال تقارير الدول التي تقدمها بشكل سنوي. كما تطلق "المساواة الآن" حملاتها التوعوية عبر موقعها الإلكتروني بأهمية هذه القوانين، وبالتالي فهي عملية إحراج هذه الدول المقصرة في حماية حقوق المرأة، خاصة أن معظم الدول أصبحت حريصة على سمعتها المحلية أمام المجتمع الدولي. - كيف تأثرت المرأة بثورات الربيع العربي؟ في الحقيقة، كنت متفائلة بهذه الثورات سواء في مصر أو تونس، ولكن حاليا أصبحت متشائمة، خاصة أن وضعية النساء في ظل هذه الثورات تراجعت، مع صعود التيار السلفي المتزمت المتدين الذي يحكم حاليا في أكثر من دولة، وإن كانت مصر استطاعت التخلص منه. ولكن رغم هذه الإحباطات إلا أن نضال المرأة لن يتوقف، وإن كان لدي توقع أن الشعب المصري سيكون أكثر حذرا وتعلما من تجربة حماس في فلسطين، الذي مر بنفس التجربة مع الإخوان، ولكن سيظل الجميع يبحث عن الديمقراطية وحقوق المرأة في مجتمع يؤسس على المواطنة. - ماهي أفضل دولة عربية تحظى فيها النساء بحقوقها؟ تونس تعتبر من أفضل الدول العربية في حفاظها على حقوق المرأة من خلال قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات، وإن كانت تعرضت لهجمة بعد وصول الإخوان للحكم بعد الثورة، إلا أن النساء التونسيات مازلن يدافعن بقوة لعدم المساس باستحقاقاتهن التي حصلن عليها من قبل. في رأيي أيضا النساء المغربيات أقوياء، فهن يخضن هذه الأيام معركة كاملة لتعديل شامل لمنظومة القانون الجنائي المغربي، وتعديل بعض بنود لقانون العقوبات، وطالما كانت هناك حركة نسوية متينة وصادقة كلما لعبت دورا هاما في الحفاظ على وضعية المرأة، وقدمت المرأة المغربية إنجازا كبيرا في إضافة نص للدستور يضم تجريم ومناهضة أشكال التمييز ضد النساء، واتمني أن تصبح مادة منتشرة في جميع الدساتير العربية. - هل ترين أن احتواء الدستور المصري على مادة تجرم التمييز وكافة أشكال الإتجار بالبشر كافية أم نحتاج إلى تحديد آليات لتنفيذ ذلك؟ من الطبيعي أن ينص الدستور على مفاهيم ومبادئ عامة، وطالما تم إنجاز دستور غير تمييزي، أصبح من السهولة الوصول إلى قوانين تحد وتعاقب كافة أشكال التمييز، فالدستور ليس محل للتفصيل. - بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة ..ماهي أكثر اشكال العنف التي تتعرض له المرأة العربية؟ لست متحمسة لفكرة اقتصار مكافحة العنف ضد المرأة على 16 يومل التي تخصصها الاحتفالية، لأن النساء يتعرضن لعنف يومي، ومن ثم يجب التركيز يوميا على قضايا العنف والتمييز ضد النساء، وعن أبرز أشكال الانتهاك هو ما تتعرض له المرأة السعودية، فهي تعامل كمواطن من الدرجة العشرين، فهي تحتاج كمحرم للذهاب إلى الطبيب، ومحرم في حالة السفر، ولا يوجد لديها قانون أحوال شخصية مكتوب، ومن ثم القاضي يطلق عنانه وأهواء لثقافته الذكورية والمجتمعية في تقرير مصير النساء. لذا تعمل مؤسسة "المساواة الآن" كثيرا بالسعودية لإنهاء قضية ولاية الذكور على الإناث، وفي نفس الوقت تحاول الحكومة السعودية في تقاريرها للأمم المتحدة نفي هذه التجاوزات، وتتعلل بأن وجود "المحرم" غير مدرج في القوانين، إلا انه بالرغم من كونه غير مكتوب إلا أنه عرفي وله قوة القانون، فالمرأة عمليا تواجه أزمة عند السفر بل تمنع إذا لم تحضر ما يفيد موافقه الرجل سواء زوج أو أب أو أخ أو ابن لا يتجاوز 16 عاما!! - وماذا عن المرأة السعودية نفسها ؟ المرأة السعودية منعزلة، وتحتاج إلى الانخراط مع النساء العربيات المهتمات بالدفاع عن حقوق المرأة، خاصة في ظل الغياب التام للمجتمع المدني بالسعودية، حتى أن "المساواة الآن" تعمل مع ناشطات سعوديات بشكل فردي. - وماذا عن الزواج المبكر وهو الأكثر شيوعا باليمن؟ ساهمت المؤسسة في الضغط على الحكومة اليمنية في تحديد سن الزواج، ودخلت مسودة مشروع القانون إلى البرلمان، ونأمل في الأيام المقبلة أن يتم مناقشة المشروع من جديد وإقراره، خاصة مع اقتناع وزيرة حقوق الانسان اليمنية بأهمية تحديد سن الزواج للفتيات. - وماهي أبرز القضايا التي تعمل عليها "المساواة الآن" في مصر؟ نعمل في مصر على ثلاثة محاور أولها موضوع المشاركة السياسية للنساء وكيفية إدماجها في صنع القرار، وكل مسار المشاركة السياسية، ونطالب لجنة الخمسين بوضع دستورا يحمي ولا يميز ضد النساء، والمحور الثاني هو ختان الإناث وخاصة في قضية الطفلة "سهير" بالتعاون مع الائتلاف المصري لحقوق الطفل ومركز السنهوري للحريات والحقوق الدستورية ومركز قضايا المرأة المصرية، ونريد استغلال الحادثة في الوصول إلى سابقة قانونية تمنع تكرارها. أما المحور الثالث والأخير هو قضايا الاعتداءات الجنسية خاصة التي تعرضت له النساء المصريات في المظاهرات. - كيف قرأت حالات التحرش الجماعي في الميادين بالنساء المصريات؟ هي إحدى أشكال الإرهاب السياسي للمرأة للحد من مشاركتها السياسية، ولكن المرأة المصرية كان لديها وعيا كبيرا في فضح هذه المحرمات والتحرش الجنسي وتقديم بلاغات، وهو إنجاز يحسب للمرأة المصرية في الدفاع عن حقوقها. - وماذا عن دور الإعلام في الدفاع عن حقوق المرأة؟ بكل تأكيد مازال الإعلام يعاني من فكرة تنميط النماذج المقدمة للنساء والتي تنحصر دائما في نموذج "المرأة الجسد" وخاصة في الدراما، ولكن في نفس الوقت يوجد هناك تطور مهني للعاملين بالإعلام حول معالجتهم لقضايا النساء، نتيجة تلك الدورات التدريبية التي تعقدها منظمات المجتمع المدني من أجل تدريب الإعلاميين على قضايا النوع الاجتماعي وقضايا العنف ضد النساء، وهو ما أدى إلى تطور وتقدم في الأداء الإعلامي حتى لو كان بسيطا. - وماذا عن الخطاب الديني؟ نحتاج إلى خطاب ديني معتدل، وهو اللغة الأكثر قبولا ومصداقية لدى المجتمعات العربية، ومن ثم عندما تخرج من الأزهر فتوى تجرم ختان الإناث أو الزواج المبكر فهي بكل تأكيد سيكون تأثيرها أسرع وأقوى على الجمهور في تغيير السلوكيات والعادات الضارة.